أكثر من عشرين دولة أبلغت فرنسا بموافقتها حضور المؤتمر، المنوي عقده نهاية أيار الجاري لتشكيل مظلة دولية لدعم خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967. مع ذلك مازالت القيادة الفرنسية تحث الخطى على جبهتين لتحقيق نقلة هامة في مخرجات المؤتمر، وهي إقناع إسرائيل بالتعاطي الايجابي مع الافكار الفرنسية، والجبهة الثانية مشاركة أميركا في اعمال المؤتمر.
على صعيد الجبهة الاولى، قام وزير الخارجية الفرنسية، مارك إيرو اول امس بزيارة إسرائيل وفلسطين المحتلة، حاول فيها التأثير على قرار بنيامين نتنياهو، الرافض لمبدأ عقد المؤتمر، لانه لا يرى فيه سوى "مضيعة" للوقت والجهد، ويعتبر ان النموذج "الافضل"، هو المفاوضات المباشرة دون تدخل من اي طرف دولي. فضلا عن الاعتراف الفلسطيني المسبق ب"يهودية" الدولة الاسرائيلية. غير ان الفرنسيين، أوضحوا ان المؤتمر سيجسر الاجواء لعودة المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية، لكن تحت مظلة دولية داعمة للخيار السلام وحل الدولتين. اضف لذلك، سيأتي مانويل فالس، رئيس الوزراء الفرنسي لتل ابيب ورام الله بين 21 و24 ايار الحالي، كشكل من اشكال الترويض للقيادة الاسرائيلية، لاسيما وان القيادة الفلسطينية رحبت واستجابت للرؤية الفرنسية.
وعلى الصعيد الاميركي، مازال موقف الادارة غامضا نسبيا، ولم يتبلور بشكل نهائي. وحتى الان يبدو كمن يضع رجلا في البور والاخرى في الفلاحة. وعبر عن ذلك وزير الخارجية، كيري بالقول، أن "بلاده تدرس الاقتراح الفرنسي". وأشترط للمشاركة في المؤتمر المقبل "تأجيل" عقده، وإعطاء فرصة لتقرير الرباعية، الذي سيصدر في ال25 من الشهر الحالي عن الحالة السياسية على المسار الفلسطيني الاسرائيلي. باعتباره التقرير، الذي يشكل الارضية لاي تحرك سياسي لاحق. أضف إلى ان الوزير الاميركي وقرينه الروسي لافروف، سيكونان في لقاء مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، وحضور كليهما ضروري وهام، وبالتالي وضع رئيس الديبلوماسية الاميركية عذرا موضوعيا لعدم حضوره في ال30 من ايار الحالي.. الامر الذي يشير إلى ان القيادة الفرنسية، ستعمل على زحزحة موعد إنعقاد المؤتمر لمطلع حزيران القادم، حتى تمنح الوزيرين الروسي والاميركي الفرصة للحضور والمشاركة الفاعلة في المؤتمر، وقطع الطريق على اية ذرائع.
كما ان جون كيري في إتصاله مع الرئيس محمود عباس نهاية الاسبوع الماضي، كان ايجابيا بالمعايير الديبلوماسية، وفق بعض المصادر العليمة. بتعبير آخر لم يغلق الباب امام المشاركة والحضور الاميركي في المؤتمر الفرنسي. بل تركه مواربا. الامر الذي قد يؤثر إلى حد ما في الموقف الاسرائيلي. ويدفعه لمراجعة الذات، لاسيما وان هناك اصوات داخل الساحة الاسرائيلية، تنادي بالموافقة على التعامل الايجابي مع الافكار الفرنسية. لكن من المبكر التفاؤل بمواقف حكومة اليمين الاسرائيلي المتطرف. لانها تعتبر المبادرة الفرنسية، متناقضة مع توجهاتها الاستعمارية، وتعطل مخططها المعادي للسلام وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 67.
التقدير الموضوعي، ان الولايات المتحدة، لن تفرط بدورها الراعي لعملية السلام الفلسطينية الاسرائيلية. وستحاول وضع ثقلها، حتى لو شاركت في المؤتمر مطلع حزيران القادم، وستضغط على المؤتمرين بتبني تقرير الرباعية الدولية، باعتباره جهدا كافيا، وستدعوهم لاعطاء فرصة لما يحمله البيان الاممي الجديد، لاسيما وانه سيكون وفق المصادر الاعلامية الغربية قاسيا نسبيا على السياسات الاسرائيلية، مما قد يرضي بعض الدول المشاركة، ويدفعها للاستجابة للموقف الاميركي.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها