لقد بلغت القلوب الحناجر وبلغ السيلُ الزُبي ووصلت أرواح الشعب بفلسطين حد التراقي ولم يبقي لها إلا أن يقال لها من راقّ؛ ونعيش ألم الفراق؛ والشقاق والجراح، فلقد ضاق الشعب الفلسطيني درعًا بالانقسام وبكل أطرافهِ ومُسبباتهِ وأسبابهِ بعد ما يقارب التسع سنوات عجاف، وخاصةً في ظل انتفاضة المسجد الأقصى المبارك والدماء الزكية الطاهرة التي تسيل على التراب الوطني الفلسطيني؛ ولقد توحد الشباب المُنتفضين في انتفاضتهم وحجارتهم وسكاكينهم المباركة في ميدان المواجهة مع الاحتلال الصهيوني الفاشي النازي المُجرم الذي لا يفرق رصاصهُ بين حمساوي أو فتحاوي ولا يفرق، بين طفل صغير ولا شيخ كبير ولا مرأة أو فتاة فلسطينية- فالكل مُستهدف للاحتلال النازي الذي جعل من شعبنا الفلسطيني أهداف قنص وقتل مشروعة واستباح الدماء والأرض والأعراض.
لقد عادت قضية المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس الى واجهة الاحداث مجددًا والحديث يجري منذ شهر تقريباً من وراء الكواليس وفي الغرف المغلقة بعيدًا عن الاعلام، واليوم أصبح واضحًا في وسائل الاعلام من أجل عقد لقاء قمة قد يكون قريبًا في الدوحة تحديدًا بمباركة ودعم وتأييد دول الخليج العربي؛ ومن المتوقع أن يجمع اللقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والسيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة 'حماس' .
لدينا أكثر من اتفاق مصالحة مكتوب وجرى الاتفاق والتوقيع عليها بعد مفاوضات ماراثونية وكل الاتفاقيات الموقعة مبنية أساسًا على وثيقة الأسري الفلسطينيين واتفاق القاهرة واتفاق مكة واتفاق الدوحة واتفاق الشاطئ؛ ونصت الاتفاقيات على تشكيل حكومة توافق وطني وتفعيل الاطار القيادي لمنظمة التحرير واعادة بناء مؤسساتها على اسس جديدة،،،.
إن الشعب الفلسطيني اليوم المكلوم بأمس الحاجة لإقامة حكومة وحدة وطنية، ولوحدة الصف الوطني والإسلامي وجميعنا بحاجة لبعضنا البعض، فلا يمكن لأحد أن يقصي الأخر لأن البوصلة الحقيقية للجميع يجب أن تكون فلسطين وتحرير المسجد الأقصى المبارك؛ بعدما توقفت المفاوضات وانهار حلّ الدولتين، والعملية السياسية التفاوضية أفشلتها اسرائيل!! ولا نريد الحديث المكرر، وتكرير المُجرب وتجريب المجرب الذي أصبح مُملاً!، أما عن المصالحة الفلسطينية فلا نريدها أن تكون كسابقاتها وأخواتها لقاءات وابتسامات وصور وتوقيع بلا تطبيق وبلا فعل!! بل نريد أن تكون نية صادقة من الجميع، لأننا نحتاج لإعادة الزخم والحس الوطني الى القضية الفلسطينية الأم، وشدّ أزر الشعب المُنهك من التعب والحصار والانقسام، وبحاجة للرأي العام العربي، والعالمي، وتفعيل المقاطعة على دولة الاحتلال؛ في وقت تراجعت فيه القضية الفلسطينية الى ذيل سلم هذا الاهتمام في الآونة الاخيرة، وباتت اخبارها لا تنشر في وسائل الاعلام العربية والعالمية، وان نشرت ففي ذيل الصفحات الداخلية.
نأمل من السيد الرئيس عباس و السيد خالد مشعل أن يحققان المصالحة هذه المرة ويطبقانها على أرض الواقع فورًا، واعتقد أنها الفرصة الأخيرة، ونتمنى أن لا تكون لقاءات بروتوكولية لا تضيف أي جديد لهذه القضية، وخصوصًا أن الوضع الفلسطيني منُهك وحتي مُنهار اقتصاديًا واجتماعيًا ونفسيًا وفي أسوأ أحواله بعد العدوان الاسرائيلي على القطاع عام 2014م الماضي والصمود الفلسطيني الشعبي الرائع في وجهه العدوان، وهو الثالث على قطاع غزة في سبع سنين، وكذلك من خلال العدوان المستمر والاقتحامات اليومية للمسجد الأقصى المبارك، واشتعال السرطان الاستيطاني في الضفة الغربية والقتل والدمار وهدم البيوت وتهجير المقدسيين وسحب هوياتهم واستمرار لهيب الانتفاضة الشعبية في كل مدن الضفة الغربية.
نحن بأمس الحاجة اليوم لترجمه اتفاقات المصالحة السابقة وتنفيذها على أرض الواقع وتحويلها سياسيًا الى مشروع وحدة وطنية، وأرضية صلبة لمواجهة الاستيطان الذي يبتلع ما تبقى من الارض الفلسطينية؛ أمل ان يكون اللقاء القادم في الدوحة مختلفا عن اللقاءات السابقة من حيث الجدية والانجاز، وصياغة مشروع وطني توافقي للجميع، يعيد العمل الجهادي والنضالي الفلسطيني الى ينابيعه الاولى، ويجعل من القضية الفلسطينية رأس الحربة، من خلال الوحدة الوطنية الفلسطينية، والتي كان يتغنى بها دومًا وكان يرددها الرئيس الشهيد القائد أبو عمار ( أوصيكم يا أخواني بالوحدة الوطنية - الوحدة الوطنية). ولا نلتفت لتحرّك فرنسا الأخير بمبادرة جديدة للعودة للمفاوضات إبر بِنجّ مُسكنة لن تسمن ولن تغني من جوع ولن تري النور مع حكومة غُلاة مستوطنين المجرمين الارهابين؛ فهي حركة لن تأتي بالبركة، ولتبرئة النفس وإضاعة الوقت؛ ونحن علينا أن لا نبقي في نكبة النكبات وهو الانقسام والذي أدي بنا إلي الضعف والتيه وضياع الشعب نحو المجهول؛ "وما أبرأ نفسي إن النفس لأمارةٌ بالسوء إلا ما رحم ربي" فكلنا تقع علينا المسؤولية الأخلاقية والدينية والوطنية لإنهاء شبح وكابوس الانقسام – توحدوا قبل فوات الأوان، وقبل أن يخسر الجميع الشعب.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها