الساحة السياسية الاسرائيلية تعيش حالة جدل سياسي بشأن الهبة الشعبية الفلسطينية. الحكومة وائتلافها اليميني المتطرف، يعيشون حالة تخبط وإرباك سياسي، مع انهم تخندقوا في المربع الامني، ولجأوا لتصعيد جرائمهم وعمليات إعدامهم الميدانية للاطفال الفلسطينيين، لكنهم ابتعدوا كثيرا عن المعالجة السياسية. تيارات المعارضة الاسرائيلية منقسمة بين ما يمثله حزب "العمل" وحزب "إسرائيل بيتنا"، الثاني يزاود على الحكومة بالتطرف، والاول يراوح في مستنقع الميوعة وغياب القراءة الدقيقة، بالمحصلة يركض خلف سياسات نتنياهو. وبالتالي هناك شبه إجماع بين الموالاة والمعارضة على التمترس في مواقع الحل الأمني. الفرق إن وجد شكلي.

الاتجاه العقلاني مثله العديد من مكونات الشارع الحزبي والاعلامي والامني، منهم: حزب "ميرتس" وحركة "السلام الآن" والعديد من الجنرالات المتقاعدين والعديد من كتاب الرأي، الذين طرحوا أكثر من سؤال على صناع القرار الاسرائيلي منها: على فرض تمت السيطرة على الحراك الشعبي الفلسطيني الآن، ما هي النتيجة المتوقعة؟ هل سينتهي الصراع؟ وهل سيستسلم الفلسطينيون؟ وإلى متى؟ وما هو الزمن الافتراضي للصمت الفلسطيني؟ وهل التوجهات الزجرية الارهابية، هي الحل؟ ولماذا لا يتم الانفصال عن الفلسطينيين؟ لماذا لا يتم تقديم بوادر الأمل لهم من خلال الالتزام بالحل السياسي؟ وألم تؤد سياسات نتنياهو للمزيد من عزلة إسرائيل؟ وعلى ماذا تراهن الحكومة؟ وهل العالم سيقبل باستمرار تعثر عملية السلام؟ وإلى متى يمكن لأميركا، التي تطاول عليها نتنياهو، وضع رأسها في الرمال، لتغطي عورات وجرائم إسرائيل؟ وألم تحرج سياسات الحكومة "الأصدقاء" العرب؟ وألم تحدث الهبة تقسيما للقدس على حدود الهدنة التاريخي؟ ولماذا يواصل المستوطنون والوزراء والنواب الاقتحامات للمسجد الأقصى؟ والى متى ستبقى الدولة الاسرائيلية أسيرة سياسات اليمين المتطرف العدمية؟

اسئلة، تحمل في طياتها أجوبة وردا على خيار الحكومة المتطرفة، واتهامات واضحة وجلية في عمقها، لنتنياهو شخصيا عن المآل، الذي اتخذه في دفع إسرائيل نحو المجهول، وانتفاء اي رؤية سياسية سوى الثرثرة اللغوية الفارغة، واجترار خطاب ملتبس، مطاط، غامض وحمال اوجه، وتزوير للحقائق، وتحريض على القيادة الفلسطينية وشخص الرئيس محمود عباس بشكل خاص، والاستفادة المؤقتة من حالة الترهل العربية والتساوق الأميركي.

النظرتان الاسرائيليتان في حالة اشتباك، وان كانت الكفة تميل لصالح ائتلاف الحكومة ومن لف لفها، لا سيما وان الشارع الاسرائيلي، ما زال يخضع لعملية تضليل شديدة وتزوير للحقائق التاريخية والآنية، ما يدفع به للميل نحو مواقع اليمين واليمين المتطرف الصهيوني.

إخراج المجتمع الاسرائيلي من منطق الجيتو والانعزالية والتطرف، يحتاج الى تصعيد الهبة الشعبية في كل الميادين لمضاعفة تكاليف الاحتلال، والربط العميق بين اشكال النضال المختلفة: السياسية والديبلوماسية والاقتصادية والتربوية والثقافية / الاعلامية والصحية، ووضوح الرؤية السياسية البرنامجية، ومغادرة مواقع التلكؤ والتعثر السياسي، وعنوانها أولا سحب البساط من تحت اقدام الرعاية الاميركية؛ وثانيا الخروج من شرنقة الرهان على المفاوضات العبثية؛ ثالثا العمل مع الأشقاء والأصدقاء الأمميين على انتزاع قرارات أممية من مجلس الامن، لتأمين الحماية الدولية، والتأكيد على عدم شرعية الاستيطان الاستيطاني، وضع جدول زمني لانهاء الاحتلال والتمهيد لاقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران 1967، وضمان حق العودة للاجئين على اساس القرار الدولي 194؛ رابعا مواصلة العمل في اوساط الشارع الاسرائيلي لاستقطاب قوى جديدة لصالح خيار حل الدولتين المتفق عليه، وايضا التكامل مع ابناء الشعب الفلسطيني في الداخل وفق ظروفهم الخاصة لاحداث الاختراق في اوساط اليهود الصهاينة؛ خامسا توطيد الوحدة الوطنية لتعزيز عوامل الصمود، ومواجهة التحديات الاسرائيلية والأميركية.