صادقت المحكمة العليا الاسرائيلية على طرد نادية أبو الجمل، زوجة الشهيد غسان ابو الجمل وأولادها الثلاثة، من بيتهم في القدس الشرقيّة.

وقد رفض القضاة روبنشطاين وجبران وهندل الادّعاء القائل بوجوب إلغاء القرار، ومن ضمن أسباب ذلك أنّ الحديث يدور عن خطوة انتقاميّة، ورفض القضاة أيضًا طلب إلغاء الطرد ولو لأسباب إنسانيّة. ونزولًا عن طلب "مركز الدفاع عن الفرد" الذي مثّل الملتمسين، قبلت المحكمة بتأجيل الطرد إلى حين مرور عيد الأضحى الذي انتهى اليوم الاثنين.

وأشارت منظمة "بتسيليم" إلى أنّ القرار الذي أصدره القضاة قصير، ولا يشمل سوى فقرتيْن. ويتلخص التسويغ القضائي الوارد فيه، من خلال جملة واحدة، وهي أصلًا اقتباس من قرار حكم صدر قبل أكثر من عقد: أصدرت هذه المحكمة قرارها في السابق، بأنّ في مثل هذه الظروف التي ينعدم فيها وجود خلية أسريّة، ليس هناك حقّ للتمتع بمكانة في إسرائيل بحُكم وجود أولاد، إذ أنّ القاصر متعلّق بوالديه وليس العكس، وكلّ هذا استنادًا إلى قرار حكم سابق.

واتّخذ القضاة هذا القرار، رُغم أنّهم كانوا يعون جيدًا الانتهاك الذي سيلحق بأولاد أبو الجمل، وأعمارهم ثلاث وأربعة وست سنوات، وكلّهم مقيمون دائمون في إسرائيل. صحيح أنّهم يحاولون في قرارهم التخفيف من وطأة القرار: فهم يذكرون أنّ الدولة لا تمنع الأولاد من مواصلة السكن في ضمن منطقة نفوذ القدس، مع أنّهم يفترضون أنّهم سيفضّلون الانضمام إلى والدتهم، وكأنّ بوسع أولاد في هذه الأعمار أن يختاروا بأنفسهم مكان سكنهم.

لم يكن طرد نادية أبو الجمل وأولادها من بيتهم ممكنًا لولا أن قامت الحكومات الإسرائيليّة المختلفة –بتصديق من قضاة العليا- بخلق واقع مستحيل في القدس: ضمّ غير قانونيّ لأجزاء من الضفة الغربيّة إلى مناطق نفوذ إسرائيل، ورسم خط حدوديّ بلديّ للمدينة بشكل اعتباطيّ، من خلال تقسيم وتجزئة بلدات فلسطينيّة؛ إقامة جدار الفصل في داخل مناطق سكنيّة فلسطينيّة تطوّرت على مرّ السنين، وهدم النسيج المجتمعيّ والحياتيّ في هذه المناطق؛ وفرض منع شبه مطلق على منح مكانة دائمة في إسرائيل لفلسطينيّين من سكّان الضفة- حتى إذا تزوّجوا من سكّان القدس الشرقيّة أو من مواطنين إسرائيليّين.

يُشار إلى أنّه في يوم 18/11/2014 نفّذ عُدي وغسان أبو الجمل من سكّان جبل المكبر في القدس الشرقيّة عمليّة فدائية في كنيس بحيّ "هار نوف"، قتل بها 4 مستوطنين وأصيب سبعة آخرون. وفي أثناء العمليّة استشهد منفّذا العمليّة برصاص قوّات الاحتلال الإسرائيلية.

ومن وقتها تهدّد سلطات الاحتلال باتخاذ تدابير عقابيّة صارمة ضدّ أفراد عائلتيهما: فقد صدر ضدّ بيتي العائلتين أمرا هدم، وأوقفت وزارة الداخليّة إجراء لمّ الشمل الذي كان يسمح بمكوث نادية أبو الجمل، زوجة غسّان، في القدس.