بمناسبة مرور ثلاثة وثلاثين عاماً على ارتكاب أبشع مجزرة في العصر الحديث على أيدي قوات جيش الاحتلال الاسرائيلي في أيلول 1982 التي عُرِفت باسم "مجزرة صبرا وشاتيلا" حيث ذهب ضحيتها الآلاف من المدنيين الفلسطينيين واللبنانيين الأبرياء والعُزّل، أحيت بلدية الغبيري واللجنة الدولية "كي لا ننسى صبرا وشاتيلا" وبالتعاون مع "لجنة إحياء ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا" والمؤسسات الأهلية الفلسطينية والفصائل الفلسطينية والوفود الاوروبية التي تزور لبنان الذكرى بمهرجان خطابي في قاعة رسالات، وانتهى بوضع أكاليل من الزهر على النصب التذكاري لشهداء المجزرة، الجمعة 18\9\2015.

وشارك في المهرجان ممثل سفير دولة فلسطين في لبنان اشرف دبور الأخ خالد عبادي، وامين سر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وحركة "فتح" في لبنان فتحي ابو العردات، ورئيس اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية الحاج محمد سعيد الخنسا، وممثل حزب الله الشيخ عطالله حمود، ومنسّق عام الحملة الاهلية لنُصرة فلسطين وقضايا الامة معن بشور، وممثلو فصائل الثورة والقوى الوطنية والاسلامية الفلسطينية، وممثلو الأحزاب والقوى الوطنية اللبنانية، والوفد الفلسطيني القادم من أرض الوطن، وأهالي عوائل الشهداء وحشد كبير من ابناء مخيمات بيروت.

بدأ المهرجان بالنشيدين الوطنيين اللبناني والفلسطيني. ثم تلاهما كلمة رئيس بلدية الغبيري ابو سعيد الخنسا جاء فيها: "عدنا لنوجّه التحية لشعب فلسطين المناضل... عدنا لنتذكر المآسي التي ارتكبها العدو الصهيوني وعملاؤه من مجازر في لبنان بحق الفلسطينيين واللبنانيين والمجازر البشعة. هدفنا واحد ان نقول للعالم ان هذا الكيان الغاصب الذي زرعتموه في ارضنا لن ننسى كيف بُنِي وعلى اي اساس وُجِد في المنطقة وجئنا مع الوفود الأوروبية العزيزة  والوفد الاجنبية التي أتتنا مساهمة دائماً بتذكير المنطقة بهذه المناسبة المأساوية ولهم كل الشكر والمحبة والتقدير من ايام ستيفانو الى الان".

وتابع: "جئنا لنقول للعالم ان الطريق لفلسطين واضحة وصريحة وبيّنة مهما اختلفنا في السياسة ومهما شرّقنا وغرّبنا فالأصل ان فلسطين كل فلسطين لنا، وان شعب فلسطين لن يبقى في الشتات ولا بد ان يعود يوماً الى أرضه عزيزاً كريماً رافعاً الرأس، لأن هذا الشعب المعطاء المضحي الصبور قد جاهد وضحّى وناضل من غزة الى أريحا الى القدس وكل البلدات في فلسطين من اجل ان نحرّر هذه المنطقة كلاً بطريقته، لكن نحن نؤمن بأن الطريق الافضل والانسب والأقصر هو البندقية التي يفهمها هذا العدو الصهيوني.

ان شارون قد ذهب ولكن وصمة عاره ما زالت قائمة وانطوان لحد ذهب ولا يجد له مقراً ليُدفَن فيه في لبنان وهذا دليل طيب بأن هذا الشعب وفي ومخلص لا يحفظ من اساء له ويحفظ من وقف معه ونحن في هذه الايام نعيش محاولات  يومية مستمرة في القدس والهجوم على المسجد الأقصى، نوجّه التحية لجميع الاخوة في فلسطين الذين يدافعون يومياً بكل شرف ليس فقط عن هذا المكان بل عن شرف العروبة والمسلمين جميعاً، هؤلاء الشباب رمز وعنوان للمقاومة ونحن بدورنا  نؤكد كما التقينا مع الاحزاب والقوة الوطنية اللبنانية والفصائل بأن طريقنا وبوصلتنا الاساسية تبقى فلسطين مهما جرى في المنطقة من خريف عربي او شتاء غربي فكل الامور اصبحت واضحة كل ما جرى هدفه تشتيت هذه الامة واضعاف قواها في كل المنطقة العربية حتى الذين يعتبرون انفسهم في مأمن اصبحوا اليوم في قلب المعمعة، ويستنزفون يومياً والصراع صراع داخلي والخسارة اينما كانت خسارة داخلية. اننا سنبقى اوفياء لخط المقاومة  والنهج المقاوم".

ثمّ كانت كلمة فلسطين القاها فتحي ابو العردات: "نلتقي اليوم بعد 33 عاماً من مجزرة رهيبة ارتكبتها قوات الاحتلال الاسرائيلي للبنان. هذه المجزرة البشعة الذي هزّت الضمير العالمي وكان من المفترض ان يكون هؤلاء الذين ارتكبوها اليوم في المعتقلات ويمثلون امام المحاكم الدولية من اجل احقاق العدالة.

 فلسطين هي البوصلة والقضية المركزية للامة العربية والاسلامية وكل احرار العالم، المحاسبة هي عنوان يجب ان يبقى يحتل الاولوية في تحركنا حتى تستقيم الامور وترتاح النفوس وتكون العبرة في ان يدفع المجرم ثمن جريمته البشعة حتى لا تتكرر مثل هذه الجرائم والمأساة، والعدالة تعني القصاص من المجرمين الذين اشرفوا على الجريمة وهم قادة العدو الاسرائيلي وعملاؤهم ورفع الظلم والغطاء عن هؤلاء المجرمين حتى يكونوا عبرة لغيرهم من المجرمين لو حاسب المجتمع الدولي على اول الجرائم في دير ياسين لما وصلنا الى هذه المجازر التي حصلت في كل العالم العربي، واليوم تُرتكَب هذه الجرائم في فلسطين في القدس وحرق الكنائس والمساجد واحراق عائلات بأكملها، كما حصل مع عائلة دوابشة. هذه جرائم غير مسبوقة والفتى ابو خضير في القدس الذي احرق حياً من قبل رجال دين صهاينة. ونحن نقف هنا يجب ان نخاطب كل الضمير العربي ومن خلال التجمع الأممي من كل بقاع الارض في لبنان بلد المقاومة ومن فلسطين يجب ان يبقى سيف العدالة مسلط فوق رقاب هؤلاء المجرمين".

واستطرد ابو العردات قائلاً: "ما يجري اليوم ضد المسجد الاقصى مغطى بقرار صهيوني بتقسيم زماني ومكاني، تمهيداً وتتويجاً لعملية تهويد القدس وتغيير معالمنا الوطنية الاسلامية والمسيحية. ما يجري هو اخطر حلقة من حلقات الاستيطان التوسعي على كامل فلسطين والقدس في القلب منها في عين الاعصار، يجب ان تكون هناك وقفة من قبلنا جميعاً، من كل الشتات والاحرار في العالم لأن فلسطين هي مهبط الديانات والرسل والتعرض لها والدفاع عنها هو مسؤولية الجميع ولن يرحم التاريخ كل من يتقاعس في هذه المرحلة، ويقف موقف مسؤول في اطار مواجهة هذا العدوان والاحتلال".

وعن الحقوق المدنية قال: موضوع الحقوق المدنية والاجتماعية، أنا بعرف كل الإخوة الذين أتوا، دائماً في لقاءاتهم يذكرون هذا الموضوع، اليوم هذا الموضوع يجب أن نعمل من أجل تحقيقه، لأن الفلسطيني الذي يعيش حياةً حرة وكريمة وفي إطار الكرامة للجميع، يستطيع أن يصمد في وجه هذه المخطّطات الهمجية، التي تريد تهجيرنا، لان اليوم التوطين غير مطروح، المطروح هو التهجير من الداخل والخارج، حتى نقف في وجه هذه المشاريع، يجب أن ندعم الشعب الفلسطيني في الشتات، أن نحمي المخيمات كذلك الأمر، لانه بمبادرة فلسطين التي  أعلنّاها عنوانا "حماية الوجود الفلسطيني في المخيمات"، وخاصة مخيم عين الحلوة، الذي نأمل وسنسعى إلى  أن يستمر العمل والإستقرار داخل هذا المخيم حتى العودة إلى فلسطين، ونسعى إلى تعزيز العلاقات الفلسطينية اللبنانية، وتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية، ونقف سدّاً منيعاً في إطار وحدة وطنية صلبة وراسخة في وجه التطرف والتعصب، وأن لا تكون مخيماتنا مأوى أو ملجأ لأي بندقية للإيجار، يحاولون تصدير مشاكل لنا، نحن ضد كل أشكال التطرف والتعصب، نحن مع وحدة فلسطينية، نحن مع تعزيز العلاقات، ومع تفعيل الأمن والاستقرار في المخيمات وفي جوار المخيمات".

كلمة الوفد الفلسطيني القادم من ارض الوطن القاها نصرت القفش، حيث قال: "نحن أتيناكم من فلسطين موحَّدين من كافة محافظات الوطن، من غزة ومن القدس، ومن جنين ونابلس ورام الله والخليل وسلفيت وقلقيليا وطوباس ورفح، لنعلن للعالم اجمع بأن الشعب الفلسطيني واحد موحَّد، لن ينقسم ولن يكون هناك مجال للقسمة. جئنا، لنكون مع اهلنا في مخيمات لبنان، لنؤكد أنّ الهم الفلسطيني واحد وموحد، وأن عدونا لا يفرّق بين هذا وذاك من الفلسطينيين. ولا يفرّق بين هذا الوطني الفلسطيني أو اللبناني، أو أيّ كان في الوطن العربي، ولا يفرق أيضاً مع المتضامنين الدوليين الذين يؤمنون بحقوق الإنسان، وأتوا اليوم ليتضامنوا، وليعلنوا صوتهم عالياً أنه لا للمجازر، ويجب أن تتوقف المجازر. كل يوم نعيش بمجزرة جديدة، ونستفيق على مجزرة جديدة. ونحن نؤكد ان هذه المجازر لن تثنينا عن المقاومة، ولن تثنينا عن التمسك بثوابتنا الوطنية والتمسك بتراب أرضنا، ولن نهاجر عن أرض الرباط، عن ارض فلسطين حتى يكون النصر أو الشهادة".

كلمة اللجنة الدولية كي لا ننسى القاها ناصيفو، وجاء فيها: "باسم اللجنة الدولية كي لا ننسى صبرا وشاتيلا تحية لكم جميعاً وتحية لاصدقائنا، رئيس بلدية الغبيري، وكافة ممثلو القوى السياسية الفلسطينية واللبنانية الموجودين هنا. واسمحوا لي بداية أن أحيّي كافة اللاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون في المخيمات الفلسطينية، والموجودين الآن أمامنا، وأود أن أحيي أيضاً إخوتنا الفلسطينيين الذين جاؤوا من الضفة ومن غزة، إننا نأتي هنا كل عام، لأننا نطالب بالعدالة، العدالة من اجل الشهداء، والعدالة من أجل أهالي الشهداء، وإلى جانب العدالة، فإننا نطالب أيضاً بالحقوق المدنية. ونود أن نأتي يوماً إلى لبنان، ولا نجد أي مخيم فلسطيني، وبأن يكون  الفلسطينيون قد عادوا إلى بلادهم  وديارهم. أنا قادم من أوروبا، ومن إيطاليا بالتحديد، وفي كثير من الحالات، نخجل من قرارات قادة السياسة في بلادنا. الغرب يخلق حالات من الإرهاب ويُموّلها، ويعبث في استقرار منطقتنا ضمن هذه المنطقة، ومن ثم يستغرب لماذا تكثر الهجرة إلى أوروبا وتقوم أوروبا برفع الإجرام ووضع الأسلاك الشائكة من أجل منع وصول هؤلاء اللاجئيين إلى أراضيها.

كما نذرنا وجوهنا وعيوننا إلى الجهة الأخرى، عندما إسرائيل قامت بالعديد من المجازر، وكما ذكر قبل قليل ان مجازر إسرائيل كثيرة ومتعددة، فالمجازر تقوم من دير ياسين إلى جِنين إلى صبرا وشاتيلا والحبل عالجرّار. وهذه المجازر تستمر، لأن من قاموا بها لم تتم محاسبتهم أو معاقبتهم، لأن هناك شرعية دولية لا تسمع ولا ترى، ولا تريد أن تسمع أو ترى. نحن نأتي سنويّا، لأننا نريد أن نعلم ونتعلم ونتعرف من أجل أن ننقل هذه الصورة إلى بلادنا. وفي اللحظة التي نعلن بها خجلنا من سياسة الحكومة الإيطالية، فإننا نفتخر أنّ بيننا ثلاثة نواب من البرلمان الإيطالي، وصلوا هنا أمس إلي بيروت، ليشاركونا هذه الذكرى".

وختم: "أود أن أنهي بتأكيد تضامننا ووقوفنا معكم إلى أن تتحقق أهداف شعبكم، وفي نفس الوقت نحيي أيضاً ونؤكد تضامننا مع المقاومة الوطنية اللبنانية. ومن بيروت، من الواجب علينا أن نوجه تحية إلى سوريا التي تتعرض لهذه المجازر الإرهابية، كما ترون أنّ إسرائيل ارتكبت الكثير من المجازر منها حرق عائلة كاملة، والآن تقوم بتقسيم القدس وحرق القدس ولم يحاسبها أحد. ولكن النظر في وجوه الحاضرين، وما رأيناه في مخيمات اللاجئين، هذه الوجوه هي التي تعطينا وتمنحنا الثقة بأنكم ستعودون إلى أرضكم، وستحققوا السلام في فلسطين، وستعودون إلى القدس، وهي كل المنطقة من أجل السلام، من أجل فلسطين".

كلمة عوائل الشهداء القتها سهام بلقيس: "أحييكم باسم عوائل شهداء مجزرة صبرا وشاتيلا، واحيّي فيكم روح الوفاء لدماء عوائل الشهداء، الذين تحوّلوا من شهداء إلى شهود على جريمة العصر التي ارتكبها الصهاينة وعملائهم قبل 33 عاماً، وهم الذين كانوا يملؤون الارض دفئاً. وبصوت جرحنا نقول لهم وأمام العالم اجمع: "إننا لا ولن ننسى أهلنا أو أهل الضحايا الذين فقدناهم، ولن ننسى ما حدث، وسنبقى معكم وبمواقفكم الأخلاقية ونطالب بالعدالة، واليوم وفي ذكرى المجزرة، نستعيد ذكريات عمرنا ونستلهم العِبر والدروس معرفة بالعدو ومن معه ومن وراءه. وهذا يستدعي منّا المزيد من العمل لتوثيق ما حدث، كي لا تنسى الأجيال القادمة، تلك الايام المليئة بالدم والدموع. وإننا اهالي ضحايا مجزرة صبرا وشاتيلا وأمام من هم أصدقاؤنا وبمثابة أهلنا، نؤكد على قدرتنا الدائمة على التمسك بارادة الحياة وإرادة المقاومة والصمود من اجل العودة الى ديارنا في فلسطين".

وأضافت: "باسم اهالي ضحايا شهداء مجزرة صبرا وشاتيلا، نشكركم ونشكر وفاءكم وتضامنكم، وباسم أهالي الشهداء، نشكر الوفود الاجنبية المتضامنة، ومن هذا المكان الكريم، نوجّه اعظم تحية إكبار وإجلال لروح المناضل الكبير ستيفانو الذي ذكراه ستبقى راسخة في قلوبنا وعقولنا ..ونشكر بلدية الغبيري ولجنة "كي لا ننسى صبرا وشاتيلا" آملين أن يأتي اليوم لبناء مثوى لشهداء مجزرة صبرا وشاتيلا بما يليق بالشهداء، وكي تبقى قضية حية بيننا".

بعدها توجه الجميع الى مثوى شهداء المجزرة ووضعوا اكاليلاً من الزهر على النصب التذكاري للشهداء. ومن ضمن الأكاليل التي وضعت كان هناك اكاليلاً باسم الرئيس محمود عباس والسفير أشرف دبور وحركة "فتح" قيادة الساحة ومنظمة التحرير الفلسطينية.