عندما بدأت جرافات الاحتلال، باقتلاع أشجار الزيتون المعمرة في وادي أحمد، في ضاحية بئر عونة في مدينة بيت جالا، حمل الأب أكثم حجازين، راعي طائفة اللاتين في المدينة، طاولته وشموعه، وكل ما يلزم لعمل قداس، وترأس قبالة الجرافات التي تخرب بلا هوادة، وبتسارع كبير، قداسا ضد الظلم.

في الأيام التالية استمرت اقامة قداديس في المكان، رغم تناقص أعداد المدافعين عن الأرض، وتقرر ان يكون القداس أسبوعيا كل يوم أحد.

يوم الأحد الماضي، شارك كثيرون في القداس، وظهر من رجال الدين، من يمكنهم الذهاب أبعد من الصلاة، فشاركوا في خلع بوابة وضعها المحتلون. أمّا المطران عطا الله حنا، فألقى خطابا مدويا، كعادته.

ووجهت الفعاليات التي تدعو لمقاومة المشروع الاحتلالي، في بئر عونة، رسالة شكر للبطريرك اليوناني ثيوفيليوس الثالث، الذي طالما تعرض لانتقادات من فعاليات عربية أرثوذكسية، لإيحائه للرهبان بالانخراط في معركة الوجود في بشر عونة.

وأصدرت البطريركية اللاتينية في القدس، بيانا أدانت فيه بشدة قرار استكمال بناء جدار التوسع الاستيطاني في بيت جالا، واعتبرت ذلك "إهانة للسلام."

وحسب مصادر كنسية، فإن البطريرك اللاتيني فؤاد طوال، طلب من سلطات الاحتلال، الانتظار حتى تبت المحكمة العليا الاسرائيلية، باعتراض الاهالي.

وأعلن رجال دين في العالم، رفضهم للمشروع الاحتلالي في بئر عونة، ونقلت وكالة زينيت التابعة للفاتيكان، عن ديكلان لانغ، رئيس إدارة الشؤون الدولية لمجلس أساقفة إنكلترا قوله، بأن اقتلاع أشجار الزيتون جاء كضربة قاضية للآمال التي زرعها قرار المحكمة العليا، ودعا السلطات الإسرائيلية إلى وقف أعمال البناء وإعادة النظر بوضع الناس في بيت جالا الذين يعانون هذا الظلم الفادح.

بطريرك القدس السابق ميشيل صبّاح، المحسوب على الشخصيات الوطنية المستقلة، خصص كثيرا من عظاته التي ينشرها على صفحته على الفيس بوك لما يجري في بيت جالا: "من أنواع الدمار السائرة فيه إسرائيل اليوم، مصادرة الأراضي في بيت جالا، في الكريمزان وفي بير عونة. يقطعون الشجرة كما يُقطَع رأس الإنسان. هناك قُطاّع رؤوس، وهنا قُطَّاع أرزاق وقاتلو الأرض وزيتونها. ما يجري في بيت جالا ما هو إلا تكملة لدمار قديم بدأ منذ سنوات. أقاموا المحاكم الموهومة وتركوا الزمن يمر ثم عادوا إلى تدمير ما أرادوا، حتى يعيشوا هم على أراضي غيرهم وأرواح غيرهم".

وأضاف: "يقولون: في إسرائيل ديموقراطية وحرية. ولكن، في إسرائيل أيضا جنود لا يرون لا الحرية ولا الإنسان. ويصادرون الأرض، مساحة حياة للفلسطيني، لتصبح مساحة حياة للإسرائيلي. بأي قانون يجوز هذا التبديل؟ بقانون الحرب. وكما كان يقول المثل الروماني القديم: "الويل للمهزومين". هذا هو القانون وهذه هي القضية".

سيتراس صبّاح، بعد غد الاحد، سيشارك في قداس في رعية اللاتين ببيت جالا، ومن ثم سيقود مسيرة إلى ضاحية بئر عونة، للتنديد باجراءات الاحتلال.

في السنوات الماضية، قاد صبّاح احتجاجات ضد مصادرة الأراضي في بيت لحم، وبيت ساحور، وبيت جالا نفسها، ولكنه لم ينجح في وقف الجرافات الاحتلالية.

كيف سيكون شكل المعركة المقبلة بين رجال الدين، الذين يرون أنفسهم مسؤولين أمام رعاياهم الذين تصادر اراضيهم، ويضطرون للهجرة؟ ربما الأسابيع المقبلة تكشف عن ذلك.