في الرابع من الشهر الجاري قال رئيس حركة "لهافا" الصهيونية المتطرفة، بنتسي غوفشطاين وفق ما اوردته وسائل الاعلام الاسرائيلية، وخاصة موقع "ساحة السبت" امام ندوة لطلاب المدارس الدينية، انه "يؤيد حرق الكنائس" وعندما قال له موشيه كلاين، حاخام مستشفى هداسا، انه كمحام "يعتبر ما يقوله سببا لاعتقاله"، رد قائلا " آخر ما يقلقني إذا كانت هذه الحقيقة، فانا مستعد للجلوس في السجن 50 سنة مقابل ذلك". وعمق بيني رابنوفيتش ما قاله كلاين، حين قال لغوفشطاين:"ان ما يقوله يعتبر جنونا". رد رئيس حركة "لهافا":"هل تشكك في ذلك؟.
ما هي دلالة ذلك؟ والى ما يقود دولة التطهير العرقي الاسرائيلية؟ وهل يصب هذا التحريض الاسود على حرق الكنائس والمساجد إلى السلام والتعايش؟ وبالاساس من الذي سمح للفكر الشيطاني التكفيري الصهيوني التجذر في تربة المجتمع اليهودي الاسرائيلي؟ وهل يعكس روح "الديمقراطية" ام الفاشية والنازية؟ وما هو مصير المنطقة في ظل تصاعد الفكر الصهيوني الداعشي؟ أليس هذا هو الفكر وتلك التربية، التي غذت فكر "شباب التلال" و"تدفيع الثمن" وطبعا تنظيم "لهافا"، ودفعت القتلة المستوطنين الى حرق واغتيال الرضيع علي دوابشة وشقيقة احمد ووالديه؟
الافكار التكفيرية الشيطانية الصهيونية، ليست وليدة الساعة، ولا هي طارئة على الفكر السياسي الصهيوني تاريخيا، بل هي النبت الطبيعي والمنطقي للنظرية الصهيونية الاستيطانية، التي ترعرت في احضان الفكر الغربي الاستيطاني، ووسط الجيتوات اليهودية في اوروبا الغربية والشرقية على حد سواء. وما زالت تتغذى من رحم الفكر والممارسة العنصرية لدولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية، ومن المنظمات الصهيونية المتطرفة وحزب الشاي وجمعيات الانجليكانيين المتمسحنين في اميركا وغيرها في العالم.
فكر غوفشطاين، هو الوريث الشرعي للرواية الصهيونية المزورة، والمحاكة بخيوط وسلاسل وترهات النزعة الاستيطانية. حيث لا يمكن لفكر حر وديمقراطي ان يسمح لهكذا دعوات، العيش في حاضنته، وان وجد بعض المتطرفين، يقوم المجتمع المدني بمحاصرتهم، وإغلاق الابواب والنوافذ امام اصواتهم النكرة والمشعوذة.
كما يعلم كل متابع لما يجري داخل إسرائيل وفي الاراضي المحتلة عام 1967، ان جماعات "لهافا" و"تدفيع الثمن" و" شباب التلال" قاموا خلال العقود الماضية بارتكاب حوالي خمسين عملا ارهابيا ضد الكنائس والاديرة، وآخرها في كنيسة "الخبز والسمك" في طبريا في يونيو/ حزيران الماضي. وحدث ولا حرج عن المذابح والاعمال الاجرامية ضد المساجد والمؤسسات الاسلامية في طول وعرض فلسطين التاريخية. وهو ما يؤكد، ان الدولة الصهيونية، بما تعممه من مناهج دراسية تربوية وثقافية استيطانية، وبما تكرسه من انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان، ومواصلتها سياسة الاحتلال وحرمان الشعب العربي الفلسطيني من ابسط حقوقه الوطنية في الحرية والاستقلال والعودة، وتعمقها السياسات والممارسات العنصرية، جميعها عوامل تؤصل لترعرع وتمدد وتوسع الافكار الشيطانية، وخنق اي بادرة للتعايش والسلام بين اتباع الديانات السماوية ومعتنقي النظريات والمدارس الفكرية الوضعية، وبالتالي ترسيخ خيار العنصرية والفاشية الاسرائيلية، التي ستلتهم الاخضر واليابس في فلسطين التاريخية، وتحول دون بناء اسس السلام العادل والممكن بين شعوب المنطقة، وتقتل خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967.
أمام هذا الفجور العنصري والفاشي لغوفشطاين واقرانه في حكومة نتنياهو، يتوجب على المسيحيين والمسلمين وكل انصار السلام في العالم التصدي لافكاره الخبيثة والمريضة، وملاحقته في كل مكان. وعلى اميركا واوروبا ككل وكل دولة على انفراد اتخاذ ما يلزم لكبح الافكار الفاشية والمعادية للتسامح وحرية الاعتقاد والرأي على حد سواء، ودفع خيار التسوية السياسية للامام، إن كانوا معنيين بالسلام والتعايش بين شعوب المنطقة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها