على الرغم من الترويج الاعلامي والسياسي، الذي سبق ورافق زيارة الرئيس الامريكي باراك اوباما الى منطقة الشرق الاوسط، بأنها تحمل أفكاراً ومعطيات جديدة لوضعها على سكة الحل من خلال تحريك مستنقع المفاوضات الراكدة، والذي أوقف محركات قطاره، نتيجة للسياسة الاسرائيلية وتعنت الحكومة التي كان يقودها بنيامين نتنياهو والتي جاءت الحكومة الحالية كامتداد لها، لجهة التعاطي مع ملف التسوية والمفاوضات مع الجانب الفلسطيني، والذي أصر خلالها رئيس الوزراء الاسرائيلي وحلفه اليميني الذي كان ولا يزال يسيطر على الحكومة من خلال تمسكه في استمرار عمليات الاستيطان وتوسيعها ولتشمل كل اجزاء الضفة الفلسطينية بما فيها القدس وجوارها بهدف تغيير معالمها، وبالتالي فرض معطيات جديدة على الأرض وتغيير واقعها الجغرافي والجيوسياسي ليصبح معها وبعدها الحديث على التسوية ضرباً من ضروب الخيال المستحيل، حتى لو كانت هذه التسوية ضمن الرؤية الامريكية التي مازالت تتمسك ولو لفظياً بحل الدولتين الا ان زيارة الرئيس الامريكي باراك اوباما الى المنطقة وهي الاولى بعيد تجديد ولايته للمرة الثانية والتي حاول فيها البعض الايحاء بأنها تأتي متحررة من قيود وضغوط اللوبي الصهيوني والاسرائيلي الذي عادة ما تكبل كل الساعين لرئاسة البيت الابيض او للمجددين كما هو حال اوباما. فانها جاءت تكريساً للسياسة الامريكية، واستمراراً للوقوف الى جانب اسرائيل وحكومتها، تحت اي ظرف من الظروف حتى لو كانت على حساب مصلحة الولايات المتحدة الامريكية واداراتها ففي هذا المعنى تأتي زيارة اوباما لتقديم ولاء الطاعة لاسرائيل وليس لاجبارها على تحريك مياه التسوية الراكدة.
وكذلك المساهمة في ما يحاول نتيناهو ان يفرضه على الجانب الفلسطيني، من خلال الحديث عن جدول اعمال جديد للمفاوضات وآليات جديدة غير تلك التي تم التوصل اليها وتم اقرارها بناء على القرارات الدولية والمؤتمرات العالمية ذات الصلة بقضية الشرق الأوسط، أي بمعنى آخر اعادة المفاوضات الى نقطة الصفر والبداية وكأن كل السنوات التي مرت على المنطقة تحت مظلة المفاوضات والمؤتمرات ذهبت ادراج الرياح، وفي هذا المجال جاءت زيارة الرئيس الامريكي باراك اوباما الى المنطقة والتي تبعها زيارات لوزير الخارجية والدفاع لتحمل جميعها بما يشبه التعليمات والأوامر للأطراف العربية وعلى رأسها الطرف الفلسطيني مقابل رسائل تأييد ودعم للحكومة الاسرائيلية ورئيسها.
ولهذا جاءت الطروحات الامريكية لتنصب في اتجاه واحد هو الاتجاه الاسرائيلي وحسب. فما طرحه الرئيس الاميركي ومن ورائه وزراؤه تمحور حول:


1. ضرورة "تحلي" الفلسطينيين بمرونة "لتفهّم احتياجات اسرائيل".
2. الطلب من العرب جميعاً تقديم المقابل بمجرد موافقة اسرائيل على الخوض في امكانية "انعاش عملية التسوية" طبقاً للتفسير الامريكي .
3. البدء بفتح الاجواء العربية امام  حركة الطيران المدني الاسرائيلي وخصوصاً رحلات شركة العال وتسهيل هبوطها في العواصم العربية.
4. تنشيط مكاتب الاتصال الاسرائيلي باشكالها المختلفة السياسية والاقتصادية والتجارية في العواصم التي تتواجد فيها أصلاً وافتتاح مكاتب أخرى مماثلة في باقي العواصم.
وهذه البنود هي جوهر زيارة اوباما ووزرائه التي حملها معه الى المنطقة. وهي نفس البنود التي عاد وكررها وزير الخارجية جون كيري في زيارته الاخيرة للمنطقة بعيد زيارة رئيسه.


وهي نفسها ايضاً الذي حملها معه وزير الدفاع الامريكي الذي زاد عليها المساعدات والصفقات العسكرية التي بلغت مليارات الدولارات وأهمها تلك التي خص بها اسرائيل والتي زادت عن مليار ونصف المليار دولار لوحدها ومن أهم بنودها تزويد اسرائيل فقط ولوحدها باسلحة متطورة لا يملكها سوى الجيش الامريكي نفسه وعلى رأسها الطائرات الحربية التي تقلع وتهبط عامودياً والتي كان حتى الامس القريب محظور تصديرها وتسليمها لاي دولة باستثناء اسرائيل طبعاً.
وحتى يزيد الوزير الجديد من نعمته على هذه الحقائق فانه حمل في جعبته صفقات اسلحة الى بعض الاطراف العربية وتحديداً الى المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية يغلب عليها تضخيم اسعارها وارقامها دون ان يكون لها اي فعالية استراتيجية تذكر . ودائماً تحت ذريعة مواجهة الخطر الايراني فقط لا غير.
وهو الذي يدرك جيداً بان الدول العربية هي وحدها التي ستدفع ثمن اي حرب مفترضة اميركية او اسرائيلية ضد ايران من اقتصادها وتاريخها وحضارتها ومستقبلها وحاضرها. فمن هنا وخلاصة القول تثبت ان زيارة الرئيس الامريكي باراك اوباما وملحقاتها الوزارية الى منطقة الشرق الاوسط لم تكن لا لدعم اسرائيل ورئيس حكومتها  وبالتالي تأكيد المواقف الى جانبها وعلى حساب الحقوق العربية وتاريخها وحاضرها ومستقبلها حتى لو استخدمت هذه الادارة ورئيسها بعض عبارات المجاملة والملاحظة لزعمائها ولقادتها في سبيل الاحتفاظ بهم للمعركة القادمة مع ايران وهي معركة ستكون اذا حصلت كما هو متوقع اسرائيلية الاهداف والرؤيا وأمريكية التنفيذ وعربية التكاليف.