انتقد وزير الجيش الإحتلالي، موشيه يعالون، بشدّةٍ تقرير لجنة "لوكر" الحكوميّة، برئاسة الجنرال، يوحنان لوكر، (السكرتير السابق لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو)، والتي أوصت بتقليص معاشات التقاعد للجنود النظاميين، وبتقليل مدّة الخدمة الإلزامية، وبميزانية أقل ممّا تطالب به المؤسسة العسكرية. ووصف يعلون التقرير بأنّه سطحي وغير موزون ومنفصل كليًا عن الواقع الذي يحيط بدولة إسرائيل، وعن داخلها أيضًا.

وحذّر يعلون من أنّ تطبيق هذه التوصيات يعني المقامرة بأمن مواطني إسرائيل، وهو لن يُمكِّن الجيش والمؤسسة الأمنية من مواجهة التهديدات التي تواجهها دولة إسرائيل ومواطنيها وسيمس قدرتنا على توفير الأمن لمواطني إسرائيل. وتابع قائلاً إنّ مَنْ يُريد خوض مواجهة ناجحة كما نحن نعمل حتى الآن ضد المنظمات التي وصفها بالإرهابية المسلحة بأسلحة متطورة لا يستطيع أنْ يسمح لنفسه ببناء جيش متوسط ومع عناصر بمستوى متوسط، على حدّ تعبيره.

أمّا رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، الذي أمر بتعيين اللجنة المذكورة، فقد شكر (لجنة لوكر) على جهودها لإيجاد توازن بين قضيتين كبيرتين، حاجات المؤسسة الأمنية والحاجات الاقتصادية والاجتماعية لدولة إسرائيل، حسبما قال في بيانٍ رسميّ عممه على وسائل الإعلام العبريّة. من ناحيته، استبق رئيس هيئة الأركان العامّة للجيش الإسرائيليّ، الجنرال غادي آيزنكوت نشر لجنة "لوكِر" لتوصياتها حول ميزانية الأمن بإعلان خطة "غدعون" الراميّة إلى منع تقليص كبير في الميزانية.

وجاء في خطة "غدعون"، التي أعدّها الجيش، كما قالت صبيحة اليوم الأربعاء، صحيفة (هآرتس) الإسرائيليّة، أنّه سيتّم تقليص عدد ضباط القوات والوحدات. وأوضحت وسائل الإعلام نقلاً عن ضابط إسرائيلي كبير قوله: إنّ خطة غدعون تشمل تسريح قرابة 100 ألف جندي من قوات الاحتياط، خلال السنوات المقبلة، فيما كل من يبقى في الخدمة الاحتياطية سيتلقى تدريبات أكثر وسيتم استخدامهم لفترة أطول. والجدير ذكره في هذا السياق هو أن نسبة الجنود الذين يمتثلون لخدمة الاحتياط ويشاركون في التدريبات العسكرية ليست مرتفعة ولا تتجاوز الـ50 بالمائة. علاوة على ذلك، تشمل خطة "غدعون" إغلاق ألوية مدرعات وكتائب مدفعية، في مقابل استمرار الاتجاه نحو تعزيز قوة الاستخبارات وحرب السايبر (الحرب الالكترونيّة) وسلاح الجو، من خلال إضافة طائرات من دون طيار، حيث سيجري الجيش بموجب هذه الخطة تغييرات في نوع الأسلحة والقذائف، بحيث سيتم استبدال القذائف القديمة بصواريخ ذكية.

كذلك سيتم تقليص عديد القوى البشرية في سلاح التربية والتعليم. إلى ذلك سيجري تسريح 2500 ضابط في الخدمة الدائمة الآن وفي السنوات المقبلة، بالإضافة إلى جعل الجيش شابًا أكثر، بمعنى أنه سيكون سن الضباط الذين سيقودون الكتائب والألوية أقل بالمقارنة مع سن الضباط الحاليين. ويزعم الجيش أنّ الخطة تهدف إلى جعل الجيش مستعدًا لمواجهة كافة السيناريوهات التي تمثل تهديدًا على إسرائيل والدفاع عن حدودها، في وقت تبقى إيران بالنسبة للدولة العبريّة الخطر الرئيسي والمهدد الأول حاليًا، على الرغم من أنّه لا يوجد ما يشير إلى احتمال نشوء حرب بين إيران وإسرائيل. واللافت في أحد الأقوال التي نقلتها وسائل الإعلام عن الضابط الإسرائيلي الكبير هو أن خطة "غدعون" ستُقصّر بشكل كبير مدّة الاستعداد للحرب، ما يعني إذا كان الجيش في السابق يحتاج إلى فترة تمتد من أيام إلى أسابيع للاستعداد فإنه سيقلص الفترة إلى ساعات معدودة تمتد على الأكثر ليوم واحد.

وانتقد محللون عسكريون إسرائيليون توصيات "لوكِر" المسّربة، والتي تشير إلى ضرورة تقليص الميزانية، حيث اعتبر المحلل عاموس هارئيل في صحيفة (هآرتس) أنّ التقرير هو حادثة كر وفر، وقال المحلل العسكري في القناة العاشرة بالتلفزيون ألون بن دافيد إنّ مكان التقرير وتوصيات اللجنة هو سلة القمامة، فيما اعتبر أليكس فيشمان، مُحلل الشؤون العسكريّة في (يديعوت أحرونوت) أنّ التقرير بلا أهمية ولن يتبقى منه سوى الفتات. من جهته، قال الناطق بلسان الجيش موطي ألموز إنّه عند الحديث عن الأمن علينا أن ننسى الميزانية، لافتًا إلى أنّ كل شاقل يصرف على الجيش يُعرف كيف يُصرف. وأضاف أنّ الاستنتاجات في تقرير اللجنة تطلق النار في العينين لأنّه إذا طبقت التوصيات فإن الوضع سيكون قاتلاً، في إشارة إلى أنّ الجيش هو أكثر الأذرع المتضررة في جهاز الأمن وفقاً لما ترمي إليه "لوكِر".

يُذكر أن تعداد الجيش الاحتياطي يبلغ 445 ألف جندي فيما يبلغ عدد الجنود النظاميين والقوى العسكرية العاملة 176,500 جندي. ولفتت (هآرتس) إلى أنّ لوكر كان قد أكّد على أنّ اللجنة نظرت في حاجات المؤسسة الأمنية استنادًا إلى حاجات الاقتصاد والدولة، ومن منطلق حاجة إسرائيل إلى قوة دفاعية قوية وعالية الجودة لسنوات طويلة. وتابع: أخذنا في الاعتبار تعزيز القدرات العملياتية والقتالية للجيش. وعبّر لوكر عن شكره لأعضاء اللجنة الذين يثمنون المهمات التي يقوم بها الجيش، على الجهود التي بذلوها خلال سنة، معبرًا عن أمله في تبنّي توصيات اللجنة وأن تُسهم في تعزيز أمن إسرائيل، حسبما ذكر.