يصعد الإخوة الناطقون باسم حركة حماس من وتيرة الهجوم اللفظي على السلطة الوطنية بالحديث عن اعتقالات مقاومين في الضفة، وهذا الأسلوب معروف للتغطية على التملص من استحقاقات المصالحة ولاخفاء ما يدور وراء الكواليس من دردشات بشأن التهدئة والهدنة طويلة الأمد تمهيدا لفصل جنوب الوطن عن شماله وتكريس الانقسام كقدر على الشعب الفلسطيني لا فكاك منه. ولست هنا في مجال الدفاع عن الاعتقال لأن المبكي ان يعتقل الفلسطيني اخاه او يقتله، بل لأننا نعرف اسبابه وهي بالقطع لا تضر الاحتلال بل تمس الوحدة الوطنية ضد الاحتلال، ولعل رئيس شعبة التخطيط في جيش الاحتلال نمرود شيفر فضح المستور عندما كشف النقاب عن ان حركة حماس ابلغت اسرائيل بواسطة تركيا عن انها تبذل كل ما في وسعها لملاحقة العناصر السلفية التي تطلق الصواريخ على التجمعات اليهودية حول غزة، وان هناك قرابة مئتي سلفي قيد الاعتقال. وهذا وحده يؤكد الى اي مدى وصل التنسيق الأمني مع الاحتلال في غزة وهو تنسيق يتساوق مع التنسيق "الدردشاتي" المباشر وغير المباشر الجاري حول الهدنة طويلة الأمد بوساطة تركية قطرية لانقاذ آخر موطئ قدم لجماعة الاخوان في المنطقة العربية وليس خدمة للقضية الفلسطينية او المقاومة بل لتصفية القضية وتجزئة شعبها ارضا وشعبا مقابل بقاء غزة تحت سيطرة حماس. وهذه النظرة الضيقة لتحقيق مكاسب حزبية اثبتت فشله تاريخيا منذ انشاء حكومة عموم فلسطين التي وأدتها الانظمة العربية وظل ابو عمار الطالب الجامعي مواظبا على مقرها في القاهرة لتحويل المكتب الى بؤرة للثورة الفلسطينية المعاصرة واتخذه مقرا لرابطة الطلبة التي نسجت اولى خلايا الثورة.

لا حماس ولا حتى فتح ولا تركيا ولا الدوحة ولا اسرائيل واميركا تستطيع ان تمزق التمثيل الوطني الفلسطيني المستقل اوتجزئ هذا الشعب فالمسألة محسوبة فكريا ووطنيا وتاريخيا وثوريا. لأن مصائر الشعوب لا تقررها مصالح شخصية او حزبية بل شعبية وطنية. ولعل شعبنا وهو يعيش فترة النكوص العربي الحالية والردة عن الثوابت العربية القومية لم ولن يفرط في ثوابته التي قاتل دفاعا عنها وجاء المخلفون ليرثوه. فالتاريخ الفلسطيني لم يبدأ بحماس ولا غيرها بل بدأ بالحلحولي الذي ظل وحيدا مع نفر من المجاهدين الفلسطينيين يقود المقاومة ضد الفرنجة بعد سقوط القدس وقضى شهيدا في الميدان لتظل شعلة الحق الفلسطيني مشتعلة من بعده. ان امامنا فرصة اخيرة للوحدة الوطنية فان لم نغتنمها صرنا ألعوبة كما غيرنا في المنطقة تبول كلاب الخيانة والمرتزقة علينا. نثير الشفقة ولا نثير الاحترام لأن معركتنا الحالية في الحفاظ على البقاء او الفناء.