ما أن تربعت حكومة نتنياهو اليمينية الضيقة الضعيفة الهشة على كرسي الحكم حتى بدأ نتنياهو يتبع اسلوبا مكشوفا ومعروفا مدعما بكثير من اساليب الابتزاز للفلسطينيين مرة واساليب التهديد باستخدام القوة العسكرية مرة اخري سواء في الضفة او غزة مع الاخذ بالحسبان أن اسرائيل تتعامل مع الضفة وغزة وكأنهما كيانين مختلفين وشعبين لا تربطهما اي روابط سياسية ولا اجتماعية ولا دينية , والملاحظ ان لغة نتنياهو في التعامل مع الضفة وغزة تختلف قليلا لأنه يتعامل مع غزة على اساس حلول سياسية ومع الضفة على أساس حلول عسكرية لأنه يدرك ان الحلول العسكرية مع غزة لا تأتي بأي نتائج ايجابية بل انها ستحدث وجعا كبيرا له وصداع لا ينتهي الا بإسقاط حكومته وهذا ما لا يريده في الوقت الحالي ,لذا يفضل الحلول الخبيثة المفيدة لمخططه القاضي باستكمال مشروع الدولة اليهودية , وبين هذا وذاك فإن نتنياهو ايضا يرسل رسائل للعالم والمجتمع الدولي بخصوص الحلول السياسية مع الفلسطينيين ,مرة يوهم العالم انه يرغب بالعودة للمفاوضات لكن دون اسس او اطار سياسي خاصة بعد ان اتضحت الشروط الاسرائيلية للتفاوض مع الفلسطينيين والتي تقضي بالتفاوض على دولة مؤقته على جزء من اراضي العام 1967 واخراج قضيتا القدس واللاجئين من اي مفاوضات قادمة وهذا ما يمكن قبوله بالمطلق .
ما نلاحظه أن المعارضة الاسرائيلية سواء على جبهة هرتصوع او جبهة ليبرمان تصعيد و تحرض باتجاهين الاول ضد حكومة نتنياهو والثاني ضد الفلسطينيين , ليبرمان طالب الجيش الاسرائيلي في اكثر من مناسبة بشن هجوم شامل على القطاع حسب ما تناقلته وسائل الاعلام مؤخرا, هرتصوغ اتهم نتنياهو بالفشل في توفير الامن لسكان جنوب اسرائيل ,هنا بدأت الصورة أكثر وضوحا على الساحة الاسرائيلية فهي ليس اكثر من تقاسم الادوار بين الحكومة العنصرية ومن هم خارج الحكومة هرتصوع وليبرمان وعصابة الشر التي تستخدم الدم الفلسطيني للحصول على تفوق سياسي على نتنياهو و زمرته الحاكمة ,لكن في النهاية هم اسوأ من بعضهما وكل منهم يهدد وكل منهم يحاول الابتزاز فقط بطريقته , نتنياهو يبتز لهدف سياسي كبير وهو القضاء على حل الدولتين واقناع العالم بذلك وهرتصوغ وليبرمان يمارسوا ابتزاز سياسي للحكومة بالتحريض عليها بانها تفرط في الامن و الاستقرار , والحقيقة كل منهم يكمل دور الاخر في حلقات العداء مع الفلسطينيين, فهل فهم الفلسطينيين السيناريوهات المتوقعة وخطورتها انطلاقا من طريقة التعامل مع الضفة وغزة ..؟ لا اعتقد ان حالة التيه السياسي ستسمح للفلسطينيين بفهم السيناريوهات القادمة.
اليوم ترغب اسرائيل بتهدئة طويلة الامد مع غزة باتفاق منفصل مع حركة حماس وبمقايضة هذا ببعض التسهيلات على المعابر والسماح بإقامة ميناء عائم ومن ثم بعد سنوات مطار محكم السيطرة الاسرائيلية والدولية المشتركة , وحل قضية الجثث المحجوزة لدي الحركة , وهذا ما ارسلته اسرائيل لحماس عبر العديد من الوفود الاوروبية الوسيطة في ازمة غزة حسب المصادر الاعلامية الاسرائيلية وهذا السيناريو الاول , اما مسألة قبول حماس او عدم قبولها هذه الرسائل فإن هذا امرا خاضع لنتائج الايام القادمة , لكن اعتقد ان هذه الرسائل تخدم حماس في اتجاهين الاول تعتبرها رسائل يتم اعادة توجيهها للقيادة الفلسطينية بضرورة قبول ما تطرحه حماس بشأن المصالحة الفلسطينية قبل الاتفاق النهائي مع اسرائيل والثاني تعتبر ان هذه الرسائل يمكن ان تحقق بعض من طموحها الفصائلي على المستوي القريب , وتعيد لها الكثير التحشيد البشري المطلوب لمرحلة ما بعد تلك الحلول .
اسرائيل بعثت برسائل خطيرة الى القيادة الفلسطينية خلال لقاء جمع السيد حسين الشيخ بأحد المسؤولين الإسرائيليين الكبار والذي جاء مفاده ان اسرائيل يمكن ان تصبر حتى نهاية العام الحالي على ممارسات القيادة الفلسطينية وان تتوقف القيادة الفلسطينية عن اوهام عزل اسرائيل ,كما ان الرسائل كانت في حقيقتها اكثر دقة بما تحتويه من تهديدات حقيقية بإعادة احتلال الضفة الغربية لفرض السيناريوهات الاسرائيلية التي تخططها اسرائيل فقد هددت اسرائيل بان الدبابات الاسرائيلية ستكون في عموم الضفة الغربية خلال 24 ساعة وان لدي اسرائيل خطة كاملة لإدارة الضفة احسن من ادارة السلطة اذا ما فكرت السلطة في وقف التنسيق الأمني وتحديد العلاقة مع اسرائيل, نعم قد يكون هذا السيناريو الثاني المكمل لسيناريو فصل غزة عن الضفة بالكامل وهنا فان العالم لن يتحدث في امر غزة بل سيتحدث في امر الضفة الغربية وبالتالي اعادة السلطة سيكون بتجديد اسرائيل لحالة الحكم الذاتي الفلسطيني لفترة ما يتم خلالها التفاوض على الحل النهائي وبهذا تكون اسرائيل قد انجزت ما تريده من استيطان وتهويد واشغلت العالم بمحاولة التحادث بمسافة ابعد من اي حلول تفضي بإقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة موحدة الاراضي و متواصلة جغرافيا .
رسائل تهديد وتهدئة اسرائيلية: بقلم هاني العقاد
16-06-2015
مشاهدة: 1035
هاني العقاد
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها