شددت أجهزة الأمن الإسرائيلية الحراسة حول أعضاء وفد أمني من جنوب السودان، برئاسة وزير المواصلات في هذه الدولة، وذلك في أعقاب إعلان مجموعات يسارية إسرائيلية عن تنظيم مظاهرة، عصر اليوم الثلاثاء، أثناء زيارة الوفد لمعرض الأسلحة Isdef 2015 المقام في مركز المعارض في تل أبيب. ونقل موقع nrg العبري عن مصادر في معرض الأسلحة قولها إن أعضاء الوفد من جنوب السودان "تلقوا تهديدات من نشطاء اليسار المتطرف بأنهم سيقتحمون المعرض، احتجاجا على زيارة الوفد وعلى خلفية بيع إسرائيل أسلحة لجنوب السودان".
وجاء في إعلان، نُشر في الموقع الالكتروني للحزب الشيوعي الإسرائيلي، أن المتظاهرين سيطالبون بأن توقف إسرائيل تصدير الأسلحة إلى جنوب السودان. وأضاف الإعلان أن "إسرائيل تواصل تسليح هذه الدولة فيما تدور فيها حرب أهلية. وفي الوقت الذي فرضت فيه الدول الأوروبية والولايات المتحدة حظرا على بيع أسلحة لجنوب السودان، تواصل إسرائيل قوات أمنية هناك وبيع أسلحة وتكنولوجيا عسكرية وأمنية لدولة تُرتكب فيها جرائم ضد الإنسانية، كما أن عمليات اغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي تستخدم كأدوات حربية. وقُتل أكثر من خمسين ألف إنسان في هذه الدولة وهناك حوالي 12 ألف طفل يستخدمون كجنود".
وأشار إعلان نشطاء اليسار إلى أن "إسرائيل طردت وتطرد غالبية اللاجئين من جنوب السودان، وتزيد الطين بلة بإسهامها في خلق لاجئين جدد هناك. ولا توجد لدى إسرائيل أية إمكانية لضمان أن السلاح الذي تزوده لا يستخدم في ارتكاب مجازر ضد المدنيين، أو أنه لا يوجه نحو رؤوس النساء لدى اغتصابهن، كما أن التدريبات التي تمررها إسرائيل لقوات الأمن في جنوب السودان لا تستخدم في قتل وتعذيب مواطنين، وأن التكنولوجيا الأمنية التي تزودها لا تستخدم لملاحقة المدنيين على خلفية سياسية وعرقية، أو تساعد على ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وهناك من يخسر حياته وحياة عائلته، وهناك ملايين الذين تدمرت حياتهم، وهناك من يجني الأرباح – وهي إسرائيل".
وأظهرت معطيات نشرتها وزارة الدفاع الإسرائيلية أن صادرات الأسلحة الإسرائيلية إلى أفريقيا سجلت ارتفاعا كبيرا في العام 2014، بلغت نسبته 40% قياسا بالعام الذي سبقه، علما أن صادرات الأسلحة الإسرائيلي إلى أفريقيا في العام 2013 سجلت رقما قياسيا. ووفقا لهذه المعطيات فإن حجم صفقات الأسلحة بين إسرائيل ودول أفريقية بلغ 318 مليون دولار في العام الماضي، فيما كان حجم الصفقات 223 مليون دولار في العام 2013.
ويتبين من المعطيات أيضا، أن الصناعات العسكرية الإسرائيلية دخلت بقوة إلى القارة الأفريقية خلال السنوات الست الماضية. فقد كان حجم صادرات الأسلحة 71 مليون دولار في العام 2009، و77 مليون دولار في العام 2010، و127 مليون دولار في العام 2011، وانخفضت في العام 2012 إلى 107 مليون دولار، لترتفع في العام 2013 إلى 223 مليون دولار، ليبرز في هذا العام الجهد الإسرائيلي في التغلغل الإسرائيلي الأمني في دول أفريقية وارتفاع صادراتها من الأسلحة.
وذكر تقرير نُشر مؤخرا، أن المحكمة العليا الإسرائيلية تنظر في هذه الأثناء في دعوى تطالب بالكشف عن معلومات حول تزويد إسرائيل رواندا بالسلاح في تسعينيات القرن الماضي، وعندما كانت تجري في هذه الدولة عملية إبادة عرقية. ولفت التقرير إلى أن إسرائيل لم تستخلص العبر من هذه القضية وتزود جنوب السودان بالسلاح في الآونة الأخيرة. ووفقا للتقرير فإن إسرائيل تفرض تعتيما على تزويد جنوب السودان بالسلاح، وأنه في بداية الحرب الأهلية هناك "غطتها وسائل الإعلام الإسرائيلية في الشهور الأولى، لكن بعد ذلك صمتت، رغم أن ارتكاب الفظائع ما زال مستمرا حتى اليوم. وعلى ما يبدو أن ثمة سببا لهذا الصمت، وهو أن جهات رفيعة في الصناعات الأمنية والحكومة ضالعين في تجارة الأسلحة والتكنولوجيا الأمن الداخلي والتعقب وتدريب قوات عسكرية، مع جهات في جنوب السودان، وأي نشر حول الموضوع سيسبب لهم حرجا كبيرا".
ووفقا للتقرير، الذي أعده المحامي إيتي ماك وأستاذ اللسانيات في جامعة بئر السبع، البروفيسور عيدان لاندو، فإنه إسرائيل تخوض "حربا سرية" في جنوب السودان، منذ ستينيات القرن الماضي، ودعمت نضال المتمردين بالتحرر من حكم الخرطوم. "وهذا الدعم الإسرائيلي لم ينبع من قيمها أو من تعاطفها الصادق مع نضال صادق وشرعي للتحرر، وإنما نبع بالأساس من مصالح إستراتيجية عديدة".
وكانت إسرائيل بين أوائل الدول التي اعترفت بجنوب السودان، وفي كانون الأول العام 2011 زار رئيس جنوب السودان، سيلفا كير، إسرائيل. وأكد التقرير على أن "إسرائيل رأت باستقلال جنوب السودان فرصة ذهبية من أجل دفع مصالحها الأمنية والاقتصادية في المنطقة، واستثمرت أموالا كثيرة في البنية التحتية المدنية والمساعدات العسكرية. والعلاقات بين الدولتين غير مألوفة حتى قياسا بعلاقات بين إسرائيل ودول أفريقية أخرىن ويوجد في العلاقات بين إسرائيل وجنوب والسودان بعد الدولة الراعية والدولة التابعة".
وأضاف التقرير أن إسرائيل وإيران تغذيان الصراع بين السودان وجنوب السودان. وقبل عامين ونصف العام قصفت طائرات إسرائيلية مصنع أسلحة إيراني في السودان، واعترضت العام الماضي سفينة أسلحة إيرانية خرجت من السودان وكانت متجهة إلى غزة، بحسب التقرير. وتحدثت تقارير الشهر الماضي عن إسقاط طائرة إسرائيلية بدون طيار في السودان. لكن كاتبا التقرير تساءلا ما إذا كان هناك ثمة ما يبرر تسليح قوات جنوب السودان "التي ترتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وليس هناك أية مصلحة إستراتيجية إسرائيلية يمكنها أن تعفيها من الواجب القانوني والأخلاقي بمنع تصدير أمني قد يستخدم في ارتكاب هذه الفظائع".
وأشار التقرير إلى أن "التدخل الإسرائيلي اليوم في جنوب السودان غير مألوف في تاريخ التصدير الأمني الإسرائيلي. والحديث لا يدور عن طمع وحسب. فإسرائيل متمسكة بسياستها هذه وتصارع من أجل الاستمرار في المشروع الذي استثمرت فيه كثيرا على مدار سنين طويلة، وفشله قد يمس بمصداقيتها بنظر أنظمة استبدادية وأنظمة أخرى في أنحاء القارة الأفريقية، التي تتلقى مساعدات عسكرية منها".
وتابع التقرير أنه "توجد شهادات عن وجود بنادق من طراز ’جاليلي’ (الإسرائيلية الصنع) بحوزة جيش جنوب السودان. وقبل عام ونصف العام من اندلاع الحرب الأهلية، أفادت صحيفة سودانية بأن قطار جويا من إسرائيل إلى جنوب السودان حمل صواريخ وعتاد عسكري ومرتزقة أفريقيين بعد تدريبهم. وهذا الوضع مستمر في الوقت الحاضر أيضا".
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها