أكد الرئيس محمود عباس، اهمية تزامن اعلان تقديس الراهبتين الفلسطينيتين مريم بواردي حداد، وماري ألفونسين أو سلطانة دانيل غطاس، من قبل البابا فرنسيس، مع ذكرى نكبة شعبنا في العام 1948، الامر الذي يعزز وحدتنا، ويؤكد بأنّنا شعب واحد، نسعى معا لبناء فلسطين المستقلة والحرة والسيدة، على قواعد المواطنة المتساوية وعلى الأسس الروحية والإنسانية السامية.
وقال سيادته في كلمة له عن تقديس الراهبتين حداد وغطاس: هاتان المرأتان الفاضلتان، هاتان القديستان، من بنات شعبنا، هما سند لنا صوت فريد وقوي وصارخ يقول لنا إن قوة الروح هي أيضا قوة فينا، ويجب أن نسير بها إلى الدولة التي نسعى إليها، وعاصمتها القدس.
واضاف سيادته: 'نعرب بهذه المناسبة لإخوتنا الفلسطينيين المسيحيين عن تقديرنا لصمودهم ومساهمتهم الحقيقية في بناء الوطن، وندعوهم إلى البقاء معنا، وألا ينجرفوا مع تجربة الهجرة السهلة. ندعوهم إلى الصمود معنا مواطنين مواطنة كاملة ومتساوية، وإلى مشاركتنا الحياة الصعبة كلها إلى أن تتحقق لنا جميعا الكرامة والحرية والسيادة، وإلى أن ننتزع من يد القدر قدرنا فنصنعه بالحق والعدل، بصلوات المؤمنين الصادقين والمؤمنات الصادقات، وبمساعينا الجادة في كل مجال.
وشكر الرئيس قداسة البابا فرنسيس والكنيسة الكاثوليكية لتكريم امرأتين من فلسطين، وللتنبه والاهتمام للفضيلة التي نبتت في فلسطين، فهي ليست أرض حرب، بل أرض فضيلة وقداسة، كما شاء الله لها أن تكون.
وفيما يلي نص كلمة الرئيس عن تقديس الراهبتين الفلسطينيتين
نحمد الله عز وجل لما أنعم به على امرأتين راهبتين من فلسطين مريم بواردي حداد من عبلين في الجليل، وماري ألفونسين أو سلطانة دانيل غطاس من القدس.
في أرضنا المقدسة، أصبحتا مثالا في الفضيلة يُقدَّم للعالم كلّه. ونشكر لقداسة البابا فرنسيس وللكنيسة الكاثوليكية تنبُّهها واهتمامها للفضيلة التي نبتت في فلسطين، فهي ليست أرض حرب، بل أرض فضيلة وقداسة، كما شاء الله لها أن تكون.
الأولى هي الراهبة مريم بَواردي من آل حداد في الجليل. ولدت في عبلين عام 1846 في العهد العثماني، وتُوُفيِّتَ في بيت لحم عام 1878. عاشت في الإسكندرية وبيروت وأخيرا في فرنسا، وعرفت الآلام الكثيرة في حياتها منذ صغرها. وسمعت في داخلها صوت الله يدعوها إلى حياة الروح، فدخلت رهبنة الكرمل في فرنسا. وقد منحها الله حياة في الروح سامية وأغدق عليها مواهبه، وصلّت وتشفّعت وصنعت المعجزات. عام 1876 أسَّست ديرًا للرهبنة، في بيت لحم، والدير قائم حتى اليوم، يرافق بصلاته معاناتنا الفلسطينية، وتشمل صلاته فلسطين كلها وشعبنا كله، مسلمين ومسيحيين.
والثانية هي الراهبة ماري ألفونسين بحسب اسمها في الرهبنة، واسمها في عائلتها سلطانِة دانيل غطاس. ولدت في القدس عام 1843 في العهد العثماني أيضا، وتوفيت عام 1927 في بداية عهد الانتداب البريطاني في فلسطين. عاشت في حارات القدس القديمة، التي ما زالت تحمل آثار السيد المسيح، وما زالت تشهد حتى اليوم معاناة شعبنا الفلسطيني، في إنسانه وفي مقدساته. اسست رهبنة لنساء فلسطين والعالم العربي، ليسهمن في تربية وتطوير المرأة الفلسطينية والعربية هي 'رهبنة الوردية المقدسة'، المعروفة اليوم براهبات الوردية ومدارسهن، المشهود لها بالعلم والتربية في فلسطين وسائر البلدان العربية.
تُمثّل هاتان القديستان جيلا من النساء الفاضلات الصالحات والقادرات على مواجهة كل التحديات، واللواتي يحملن رسالة خاصة في فلسطين وفي البلدان العربية.
رسالة إلهامية تتزامن مع ذكرى نكبة شعبنا في العام 1948، تعزز وحدتنا، وتؤكد بأنّنا شعب واحد، نسعى معا لبناء فلسطين المستقلة والحرة والسيدة، على قواعد المواطنة المتساوية وعلى الأسس الروحية والإنسانية السامية. وهذه مناسبة لنعرب لإخوتنا الفلسطينيين المسيحيين عن تقديرنا لصمودهم ومساهمتهم الحقيقية في بناء الوطن، ولندعوهم إلى البقاء معنا، وألا ينجرفوا مع تجربة الهجرة السهلة. ندعوهم إلى الصمود معنا مواطنين مواطنة كاملة ومتساوية، وإلى مشاركتنا الحياة الصعبة كلها إلى أن تتحقق لنا جميعا الكرامة والحرية والسيادة، وإلى أن ننتزع من يد القدر قدرنا فنصنعه بالحق والعدل، بصلوات المؤمنين الصادقين والمؤمنات الصادقات، وبمساعينا الجادة في كل مجال.
هاتان المرأتان الفاضلتان، هاتان القديستان، من بنات شعبنا، هما سند لنا صوت فريد وقوي وصارخ يقول لنا إن قوة الروح هي أيضا قوة فينا، ويجب أن نسير بها إلى الدولة التي نسعى إليها، وعاصمتها القدس. امرأة من الجليل، مريم بواردي حداد من عبلين تقول لنا: الله رفيق لكل مظلوم، لأنها ظُلِـمت كثيرا، وواجهت الصعاب والتشريد، قبل أن تستقر في حياة الروح وقبل أن تؤسِّس دير راهبات الكرمل في بيت لحم. والقديسة الثانية ماري ألفونسين سلطانة دانيل غطاس من قلب القدس تقول لنا: إن القدس ستبقى مدينة الله ومدينة العدل والسلام ومدينة جميع المصلين المؤمنين الصادقين من كل الديانات، كما ستبقى قلبا روحيا لكل مؤمن في العالم. ونحن نقول، بناء على كل هذا الأساس الروحي، إنها ستكون لنا عاصمة بإذن الله.
إنّ هاتين القديستين الفلسطينيتين تضفيان بُعْدًا مميّزا لمسيرتنا الوطنية، وهي الأسس الروحية والإنسانية السامية، التي نستمدها من أرضنا، التي قدّسها الله سبحانه وتعالى وجعلها أرض الحوار بين السماء والأرض، بين الله والإنسان، لتكون أيضا أرض الحوار بين الإنسان وأخيه الإنسان. هذه هي المبادئ الإنسانية والروحية السامية، والتي يتشارك فيها المسيحيون والمسلمون في أرضنا الطيبة، التي نسعى إلى أن تكون الأساس الذي نبني عليه دولتنا وحياتنا الوطنية والاجتماعية.
إننا، وبينما نهنئ أنفسنا، نهنئ أيضا اخوتنا في عبلين والقدس، ومن كل فلسطين والعالم، ونجدد شكرنا لرأس الكنيسة الكاثوليكية الذي رأى أن يكرم امرأتين من فلسطين، من بناتنا. ونسأل الله أن يهدينا جميعا ويسدد خطانا ويأخذ بأيدينا لنحقق العدل والسلام والطمأنينة، لنا في فلسطين وفي المنطقة وفي العالم كله.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها