لا خيار أمام أصحاب المشروع الوطني من احداث انقلاب شامل في حياتهم السياسية والتنظيمية وأدواتهم الهيكلية ووسائلهم الأمنية لمواجهة هذا الانقسام والقضاء عليه واخراجه من حياتنا حتى نتمكن فلسطينيا من العبور الى الفرص المتاحة والوصول الى الدولة الفلسطينية المستقلة، التي دونها يصبح نضالنا كله منذ أكثر من خمسين عاما مهددا بالفشل، والسبب في هذه الدعوة الى الانقلاب الشامل أن الانقسام بفكرته الأولى، وبأدواته من المستخدمين في هذا الانقسام الذين كنا نظنهم يريدون حصة أكبر في المشاركة، أو يريدون الاستبدال بمشروع آخر، فاذا بالانقسام يكشف عبر سنواته السابقة أنه اخطر من كل توقعاتنا، انه ذروة العداوة والحقد، انه خلاصة الرغبة في تحطيم الانجاز الفلسطيني والمشروع الفلسطيني، والرغبة العميقة المبيتة في تدمير سمعة الشعب الفلسطيني التي استحقها بأعظم التضحيات، وأن هذا الانقسام وضع نفسه مع سابق اصرار وتعمد في خدمة كل من ينكرون وجود شعبنا وحقوقه، وأولهم التيار الرئيسي في الحركة الصهيونية، لأن الحركة الصهيونية التي تمكنت من النجاح في عدة قفزات كبرى، ابتداء من قرار التقسيم الذي شرعن لها دولة على انقاضنا، ثم القفزة الثانية لاحتلال بقية فلسطين بما فيها القدس، وكانت قفزتها الثالثة هي صنع هذا الانقسام، من خلال المشاركة في خلق ورعاية حماس ثم استخدام الانقسام في ضرب مشروعنا الوطني، ومحاولة تحطيم الشرعية الفلسطينية في لحظات صعودها القصوى، والعمل المتواصل لاظهار هذا الشعب الفلسطيني وكأنه لا يستحق استقلاله، والتعاون مع كل الأطلراف المشبوهة في المنطقة للاستهتار بشعبنا والتطاول عليه، وجعلنا بدل أن نستفيد من مجريات نمط العلاقات القائم حاليا على مستوى العالم، نعود الى الخلف في مماحكات صغيرة تافهة وجدل هابط وانتاج عناوين نغرق فيها بلا نهاية.
هذا الانقسام توغل داخل حماس نفسها لدرجة أن صورة حماس الآن لا علاقة لها بصورة حماس النمطية التي عرفناها عندما كانت ما تزال تحت عنوان “المجمع الاسلامي” في قطاع غزة أو عند انطلاقها في الانتفاضة الأولى قبل ثلاثين سنة، وأنها الآن شيء آخر مختلف تماما لا تنتمي الى الشعب الفلسطيني أو حقوقه العادلة، وأننا في كل جولات المصالحة على امتداد السنوات الثماني الأخيرة، وجولات حكومة التوافق الوطني في العام الأخير، نتعامل مع جسم ليس هو صاحب القرار، نتعامل مع الجسم الظاهر وليس الرئيس الذي وجد نفسه محميا بطبيعة العلاقات الرخوة وغير المبدئية في الواقع العربي من حولنا، وان كل لقاء مع حماس لا ينتج سوى حصول حماس على شيء جديد يؤهلها للمراوغة المقبلة، وأن التفاوض الاصلي لا يتم بيننا وبين حماس بل يتم بين حماس واسرائيل مباشرة، أو بين حماس وبعض الاطراف العربية والاقليمية مع العلم أن وجود اسرائيل حاضر بقوة في صلة حماس مع تلك الطراف العربية والاقليمية.
الانقلاب الذي ادعو اليه يجب ان يقوم على ضبط العلاقات القائمة الآن بين أصحاب المشروع الوطني، وتجديد أداة المواجهة المتوقع ان تتطور الى درجات ومستويات خطيرة، وانهاء هذه الحالة من الميوعة، لأن حماس توظف نفسها بالكامل لاجهاض المشروع الوطني، وليس عندها بديل بذاتها، بل تريد ان تكون جزءا من التحالف المعادي فقط، وهي تقدم نفسها الآن بأنها الطرف الذي يستطيع ان يخون، ويستطيع ان يتحمل مسؤولية الدم الفلسطيني، ولا يطلب سوى المكافأة التي يستحقها لقاء هذا الانقسام.
الانقسام أخطر من كل توقعاتنا!: بقلم يحيى رباح
06-05-2015
مشاهدة: 716
يحيى رباح
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها