قال رئيس دولة فلسطين محمود عباس 'إنه بالعلم فقط، بعد الله، نستطيع أن نصل لمبتغانا ودولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية'.
جاء ذلك في كلمة سيادته، مساء يوم الثلاثاء خلال مشاركته في حفل لمؤسسة محمود عباس لصالح تنفيذ وتوسيع برامج المؤسسة في المخيمات الفلسطينية في لبنان بعنوان: 'بين هنا وهناك.. كلنا فلسطينيون'، في مدينة رام الله.
وجدد سيادته التأكيد على عدم التدخل في الشؤون الداخلية العربية، مؤكدا أن القيادة لا تريد أن تكون طرفا في أي نزاع داخلي عربي.
وتمنى سيادته على المؤسسة أن تشمل الآن أبناء مخيم اليرموك، لأن أغلبهم هاجر للبنان وغيرها، ويجب أن يكون لهم حصة في التعليم وتقديم الدعم والمساعدة، ووعد بتقديم 150 منحة كاملة لطلبة مخيم اليرموك.
وفيما يلي كلمة الرئيس:
بسم الله الرحمن الرحيم
هاتان الشابتان هما نتيجة مؤازرتكم ومعاملتكم وجهدكم لإنشاء المؤسسة التي ترعى أهلنا في لبنان.
قبل 5 سنوات أو أقل كانت المؤسسة فكرة، واليوم بنتيجة ملموسة نرى أبناءنا الذين لم يكونوا ليتمكنوا من التعليم بسبب الظروف الصعبة التي يعيشونها، فنهضتم أنتم بهم وتحملتم مسؤوليتهم وكان ما كان، أكثر من 2500 طالب وطالبة يدرسون ويتعلمون. يتمتعون بالعلم ويتخرجون ويبدؤون حياتهم الجديدة التي لم يكونوا يرونها لولا هذا الدعم الذي جاء منكم ومن غيركم الكثير.
كما تعلمون، فكرة المؤسسة بدأت لأن أهلنا في لبنان لا تتاح لهم فرص التعليم الجامعي ولا حتى الثانوي، وكان لا بد أن نفكر كيف يمكن أن نساعد الإخوان ودعمهم، لم تكن هناك طريقة إلا أن نؤسس مؤسسة لتعليمهم وكان هناك شرطان، الأول من يحصل على الثانوية يتعلم بصرف النظر عن انتمائه وولائه، إنما هو فلسطيني يتعلم، والثاني ألا يعيد ما صرف عليه، وأعتقد أن فيه الخير عندما يكبر ويشتغل ويصبح رجل أعمال أن يعلم غيره كما علمه الآخرون.
وانتقلنا لفكرة أخرى وهي المشاريع الصغيرة وكانت ناجحة، ثم التكافل الأسري الذي كان يحبو ويمشي ببطء لم ينجح كما نجح التعليم الجامعي مع أنه الأسهل والأيسر. لأنك تستطيع من خلال تسهيل ذلك من المؤسسة الاتصال بأي عائلة وترتبط بها وتصبح العلاقة بينكم فقط مباشرة، وهذا ما يسمى التكافل الأسري، هنا نثبت أننا شعب يتكافل مع بعضه البعض بكافة النواحي، تكون علاقة إنسانية وأسرية وحميمية بينكم وبين هذه العائلات التي تعيش الظروف الصعبة، وأتمنى أن يخطو هذا البرنامج خطوات أكثر فعالية ليحس الناس به وخاصة المنكوبين.
الآن كثر عصر المنكوبين، كنا نتحدث عن لبنان ومخيماتها الآن مخيمات سوريا خاصة مخيم اليرموك الذي كان يسكنه مليون شخص فلسطيني وسوري وغيرهم، كان يوجد فيه 200 ألف فلسطيني الآن لا يوجد به أحد رحلوا وهجروا كلهم، كل منهم ذهب لمكان، ليتخلص من داعش والنصرة وغيرها من هذه التنظيمات المتطرفة.
منذ الأحداث العربية أخذنا قرارا، لا نريد التدخل في أي شأن عربي وغير عربي داخلي يكفينا مشاكلنا ومآسينا، لا نريد التدخل بأي شيء، كذلك في مصر وسوريا وليبيا لا نريد أن نكون طرفا بأي نزاع داخلي، وأبلغنا كل الناس والأطراف.
ما حصل لنا في سوريا نكبة، لأن التنظيمات المعادية للنظام، أو النظام يصطدمون مع بعضهم البعض وتكون الطامة الكبرى على أهل المخيم، وما حصل مؤخرا للمخيم، بعد أن دخل داعش وبدأ يصطدم مع الحكومة ومن يواليها، وكان شعبنا الضحية، من هنا تقذف القنابل ومن هناك أيضا تنزل القنابل وتدمر الناس ولا ندري ماذا ستكون النتيجة لباقي المخيمات، نريد أن نساعدهم بما يمكن لنا أن نساعدهم وقمنا به، فقرر الجميع تقديم التبرعات من رواتب وغيرها وهي الآن في طريقها لأهلنا في اليرموك.
أتمنى على المؤسسة أن تشمل الآن أبناء مخيم اليرموك، لأن أغلبهم هاجر للبنان وغيرها، يجب أن يكون لهم حصة في التعليم وتقديم الدعم والمساعدة، ولن تقتصر المساعدات على اللبنانيين وهم يستحقون طبعا، لكن علينا أن نشمل الجميع فالمشروع التعليمي جامعي.
هناك مشكلة أخرى، وهي مخيمات غزة التي تعاني الكثير، بسبب الحروب المتتالية وكل ما يبنون يتم هدمه، الجميع يعلم السبب، لكن مع الأسف الشديد.
نريد لأهلنا العيش بحياة كريمة، لا نريد حروبا ونرفضها، أنا لا أريد أن يكون هنا حرب وهناك حرب وأنا لا أخضع لأي ابتزازات، نريد لشعبنا العيش بأمان واستقرار، لكن هذا ما حصل ويجب أن نلملم جراحنا.
نحن في عام 2011 طلبنا أن نكون أعضاء في الأمم المتحدة ومجلس الأمن أقفل في وجهنا، وقررنا التوجه للجمعية العامة وبالفعل حصلنا على دولة مراقب بـ183 صوتا، لم يكن أحد يعرف أنه بإمكاننا أن نصل لذلك أو أن هذا العدد يشد من أزرنا، هناك 42 دولة كانت على الحياد خجلا لم يتكلموا، و8 دول فقط وقفت ضدنا، 4 دول منها لا نعرفها ولم نسمع بها.
كنا أيضا في طريقنا نحو الدولة، وطالبنا بوقف الاستيطان، لم يسمعوا لنا ولم يأبهوا بكلامنا تدخل الأميركان ولم يتمكنوا من شيء، ذهبنا في 30/12/2014 لمجلس الأمن وحصلنا على 9 أصوات حتى الساعة 8:55 دقيقة وفي التاسعة تماما ذهب صوت وحصلنا على 8 فقط، وفي 31/12 توجهنا إلى منظمات دولية ووقعنا عليا وكان منها الجنائية الدولية لأن كل الأبواب أغلقت أمامنا، وقبلنا فيها في الأول من نيسان، هناك 520 منظمة دولية، انضممنا أيضا إلى اتفاقيات جنيف، ونحن في طريقنا إلى الانضمام إلى بقية المنظمات.
عانينا في الأشهر الأربعة الماضية من نقص في الأموال بعد حجز أموالنا، وشعبنا صبر وصمد معنا، الأساس في كل شيء إذا الشعب صمد يمكن أن نحقق كل شيء، وبعد أربعة أشهر حولت لنا كل الأموال وقررنا تشكيل لجنة احتكام حول لماذا يخصم هذا أو ذاك، الحمد لله الآن انتهى ذلك.
نحن شعب لا نملك ثروات لا يوجد لدينا بترول ولا غاز ولا ذهب، حتى الأراضي الزراعية مصادرة خاصة في نهر الأردن، لا يوجد لدينا شيء سوى الاحتلال فقط، وعندنا شيء آخر هو العقل علينا تشغيله، بالعلم فقط بعد الله نستطيع أن نصل لمبتغانا وأن نصل للدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية إن شاء الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وأعلن في نهاية الحفل عن المبلغ الذي تم جمعه من قبل رجال الأعمال المشاركين فيه، ووصل إلى 2,5 مليون دولار.
من جهته، أشار رئيس مجلس إدارة مؤسسة محمود عباس محمد مصطفى إلى أن الهدف الأساسيّ من لقاءِ اليومِ يتمثلُ في تقديمِ الشكرِ والتقديرِ لداعمي برامجِ ومبادراتِ المؤسسةِ، مذكراً بأن المؤسسة أنشئت 'نتيجةَ الوضعِ القاسي لأهلِنا في مخيماتِ لبنانَ، ومن أجلِ المساهمةِ في رفعِ شأنِ أهلِنا هناك'.
وقال إنه بفضل الدعم الذي تلقته المؤسسة استطاعت خلالَ أقلِّ من خمسِ سنواتٍ تحقيقَ إنجازاتٍ كبيرةٍ في إنجازِ مهمتها الهادفة إلى تحسينِ الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لأهلِنا في مخيماتِ لبنان، واعداً باستمرار عمل المؤسسة رغمِ قلةِ الموارد، وبتوسيعِ نشاطاتِ المؤسسةِ في المستقبلِ القريبِ.
وشدد على أن الإطارَ العامِ لعملِ المؤسسة هو دعم 'استمرارُ الصمودِ التاريخيِّ لأبناءِ شعبنا الفلسطينيِّ في كافةِ أماكنِ وجودهِ، على الرغمِ من كلِّ محاولاتِ القضــاءِ عليه أو إضــعافه'، لافتا إلى أنه بعدَ 68 عــامــاً على النـكبةِ، ما يــزالُ شــعبُنـا يبهرُ العالمَ بصمودهِ وتصميمهِ على تحقيقِ أهدافهِ الساميةِ.
وقال إن أبناء شعبنا في الوطن يشقون طريقهم بثباتٍ وعزيمةٍ نحوَ إقامةِ الدولةِ الفلسطينيةِ المستقلةِ، ومن الناحيةٍ الأخرى، يقوم أبناءُ شعبنا داخل أراضي الـ1948 بشقِّ طريقٍ واعدٍ نحوَ تحقيقِ العدالةِ والمساواةِ التي يستحقونها، أما أهلُنا في الشتاتِ، قهروا غربتهم وتعلَّموا وعَمِلوا فأبدعوا، وحافظوا على هُويتِهم الوطنيةِ، وحوّلوا شعورَهم بالظلمِ إلى أملٍ بالمستقبلِ.
وأضاف مصطفى أن وضعَ أبناءِ شعبِنا في أماكنِ تواجدِه المختلفةِ ليس مثالياً، وقد ينقصهُ الكثير، ولكن وضعَ أبناءِ شعبنا في مخيماتِ اللجوءِ في لبنانَ كان هو الأسوأُ حتى وقتٍ قريبٍ.
وأشار إلى أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في اليرموك، قائلاً: 'يؤسفنا الحالُ الذي وصلت إليه الأمورُ في مخيمِ اليرموكِ في سوريا، والمعاناةُ التي يعانيها شعبُنا هناك على كافةِ المستوياتِ المعيشيةِ، والتي تعملُ القيادةُ وبإشرافٍ يوميٍّ من السيدِ الرئيسِ لمعالجةِ تحدياته'.
وثمن مصطفى جهود الرئيس، على دعمه المتواصلِ للمؤسسةِ، وحرصِه على النهوضِ بكافةِ شرائحِ وفئاتِ شعبنا بغضّ النظرِ عن أماكنِ تواجدهم، واصلا شكره للسفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبور، على جهده ودعمه ومساندته المؤسسة، ولكافة ممثلي القطاع الخاص الذين دعموا المؤسسة.
من جانبه، استعرض القائم بأعمال الرئيس التنفيذي لمؤسسة محمود عباس، جمال حداد، أبرز إنجازات ومبادرات المؤسسة منذ نشأتها قبل خمس سنوات، منوهاً إلى أن المؤسسة تهدف لتحسين أوضاع الفلسطينيين في مخيمات الشتات إنسانياً واجتماعياً واقتصادياً وثقافياً، مبيناً أن تركيز المؤسسة على دعم المخيمات في لبنان في هذه المرحلة جاءت نتيجة الظروف الصعبة التي يعانيها أهلنا هناك.
وقال حداد إن مجموع الدعم والتبرعات المالية التي تلقتها المؤسسة منذ عام 2010 وحتى نهاية عام 2014 بلغ 24 مليون دولار، مشدداً على أن تقديم الدعم للمخيمات الفلسطينية في لبنان جاء ضمن برنامجين رئيسيين، وهما برنامج الطالب وبرنامج التكافل الأسري.
وأكد أن عدد الطلبة المستفيدين حالياً ضمن برنامج الطالب يزيد عن 2000 طالب، موزعين على 30 جامعة ومعهد، فيما بلغ عدد الخريجين المستفيدين من برنامج الطالب حتى الآن أكثر من 500 طالب، والمؤسسة تقدم منحاً لحوالي 70 طالبا يلتحقون ضمن برامج للتعليم المهني لأول مرة.
وأشار حداد إلى أن مجموع ما تم تحويله من مساعدات تعليمية ضمن برنامج الطالب يصل إلى نحو 11 مليون دولار، مشدداً على أن المنح المالية يتم تحويلها مباشرة إلى الحسابات المصرفية للجامعات، حيث يتم تقديم المنح وفقاً لمعايير وأوزان وضعتها وطورتها المؤسسة، حيث تبلغ نسبة التغطية المالية للمنح المقدمة ما بين 30–70% من القسط الجامعي للطالب.
وعن برنامج التكافل الأسري، أوضح حداد أن عمر البرنامج 4 سنوات، حيث بلغ عدد الأسر المستفيدة من البرنامج نحو 1000 عائلة، مبيناً أن مجموع ما تم تحويله من مساعدات حتى تاريخه قارب مليون دولار، وتتراوح قيمة المساعدة ما بين 50- 100 دولار لكل عائلة شهريا.
وعن التوجهات المستقبلية، قال حداد إن استراتيجية المؤسسة ترتكز على دعم التعليم لأجل التوظيف وتوجيه الطلبة للتعليم المهني وللتخصصات التي تحظى بفرص عمل أكبر، إضافة إلى الحفاظ على استمرارية المؤسسة وخدمة أكبر عدد من الطلبة ودراسة برنامج إقراض للطلبة بالتوازي مع المنح، وكذلك خلق وتطوير آليات جديدة لتحقيق معنى التكافل الأسري (من أسرة إلى أسرة)، والشراكة مع المؤسسات الشبيهة لتنسيق الجهود وخدمة أكبر قطاع واسع من أهلنا في الشتات.
وشارك في الحفل عدد من الطلبة الذين استفادوا من المنح المقدمة من المؤسسة في لبنان، الذين وصلوا فلسطين أمس، واستعرضت فتاتان كيفية توجههما لمؤسسة محمود عباس، وما تلقتاه منها حتى تخرجتا من الجامعة بتفوق.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها