سيدرك المجتمع الدولي الآن – بعد التهم الموجهة لوزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان مستوى الشريحة السياسية الاسرائيلية التي أولاها المجتمع الاسرائيلي اتخاذ القرار السيادي، وقيادة اسرائيل نحو الاستقرار، والصلح والسلام مع دول وشعوب المنطقة، أو على الأقل ايقاف العمل بمنهج الحرب كسبيل لفرض الذات والوجود على الآخر، والالتقاء عن نقاط تؤسس لتعايش مشترك.
نعتقد أن اسرائيل تحاسب ليبرمان على " الفشل " فهو كوزير للخارجية وقائد للدبلوماسية الاسرائيلية لم يستطع ايقاف هجوم الدبلوماسية الفلسطينية الذي انتهى بانتصار حاسم في الأمم المتحدة، فمراكز الحكم الفعلي باسرائيل تحول ملفات التحقيق القضائية الى سلاح قانوني لتغييب شخصية لم يعد مرغوبا بقاؤها في ميدان السياسة .. اذ أطاحت " التهم " فجأة رئيس حكومة اسرائيل ( ايهود اولمرت ) عندما وصل مع القيادة الفلسطينية الى نقاط مشتركة مهمة فيما يخص حل الدولتين، وها هي تستخدم لاسقاط ليبرمان " لفشله "في منع ابو مازن من تحقيق هدف " دولة فلسطين المراقب "
سيحسد قادة الدول الرئيس الفلسطيني أبو مازن والقيادة الفلسطينية على ما يتمتع به من صبر وصمود في التعامل مع قيادات اسرائيلية رسمية تعكس سلبياتها الشخصية وتطغى على المنهج السياسي للحكومة والدولة المفترض أن يكون ناظما وضابطا لعمل وأفكار ومواقف الشخصيات القيادية في الدولة ... فحالة ليبرمان – المتهم بخيانة الأمانة - مؤشر خطير على أن المنطقة على شفير هاوية، ومفتوحة على كل الاحتمالات، ما دام " سوس الجريمة " ينخر في " الهيكل العظمي لحكومة اسرائيل " .. فعندما يوجه المدعي العام الاسرائيلي تهما لليبرمان بالفساد كإساءة الائتمان والاحتيال، فهذا يعني أن علاقة اسرائيل مع المجتمع الدولي لا صدقية لها ما دام المسؤول الأول عن ادارتها فاسدا ومتهما بالاحتيال وخيانة الثقة.
لكن..ماذا سنقول، نحن الفلسطينيين، وقد أطلق " المتهم " ليبرمان كل سهام جعبته المسمومة باتجاه الرئيس ابو مازن، متجردا من الحد الأدنى من السلوك الشخصي و الرسمي، ومجردا سيفه " كالقراصنة " مهاجما بما فاض من كراهية وأحقاد، وبما انفعل من غريزة الجريمة الكامنة بشخصه، ومهددا أبا مازن في الرحلة نحو الدولة في الأمم المتحدة كأول شاطئ أمان بعد نجاتها من أمواج مؤامرة الدولة المؤقتة وأخطار الأنواء والأعاصير المحلية ( الانقسام ) والاقليمية ... هل سيقتنع ويصدق رؤساء دول كبرى ائتمناهم على عملية السلام، أننا لا نواجه احتلالا استيطانيا لا شرعيا ومخالفا للقانون الدولي، وحسب. أم حكومات اسرائيلية متطرفة يثبت القضاء الاسرائيلي بين الحين والآخر أنها تضم " وزراء بعقلية اعضاء عصابة " .
ستؤثر التهم الموجهة لليبرمان على حزب " الليكود بيتنا " الذي جاء نتيجة زواج حزبي الليكود بقيادة نتنياهو، و"اسرائيل بيتنا " بقيادة ليبرمان، وربما تطيح الاتهامات أوراقا سياسية رتبها نتنياهو في الربع ساعة الأخيرة قبل الانتخابات التشريعية في 22 من كانون الثاني المقبل وقد تكون من وجهة نظر اخرى فرصة "لثعلب" الليكود نتنياهو للتخلص من ليبرمان " المكروه في المجتمع الدبلوماسي الدولي " .. ولاعادة تنظيم تحالفاته، وقد لا يجد مفرا من الضغط على اسرائيل بيتنا القومي لاجبار ليبرمان على الاستقالة قبل الانتخابات واختيار بديل، فدخول نتنياهو الانتخابات بجناح "منتوف" يعني أن محاولاته للتحليق من جديد في فضاء رئاسة الحكومة سيكون عبثا.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها