المرأة الختيارة التي جاءت من مخيم الالف شهيد في لبنان وهجرت من قرية المائة بيت التي هدمها الاحتلال.. كانت تقف بسنينها التي جاوزت الثمانين مجزرة تلوح بالعلم الفلسطيني في قاعة تتسع لعشرة آلاف وفاضت بآلاف أخرى خارجها.. كنت اتابع الختيارة تارة من خلفي وأحملق في صورة الزعيم الشهيد الختيار امامي.. وكدت لا اسمع ضجيج القاعة الذي يصدح بأناشيد الثورة بعد طول غياب.. هي اناشيد بيروتية طالما صدحت في المخيمات بلبنان حاضنة الثورة واللاعب الاول في تاريخنا المعاصر.. نفر ابناء المخيمات الى بيروت لاحياء ذكرى استشهاد ابو عمار.. حتى بعد انتهاء الكلمات الرسمية كانت الحافلات تصل تباعا من الجنوب والشمال وكأن المخيمات لم يلتئم شملها الا في هذه الذكرى الحزينة منذ عقود. فكان المهرجان الاكبر في هذه المناسبة وربما الافضل.. ربما كنت ككل الحضور استعيد ذكريات صورية عن ابو عمار في بيروت.. اثناء سرد مصور ومرسوم فنيا للفنان احمد حبش.. وكأن ابو عمار يشدك مع كل صورة رسم الى حكاية من حكايات الثورة من البدايات.. فأبو عمار هو البدايات وكل صورة تحكي مرحلة، هو في الكهف، هو مع بواكير المقاتلين، هو مع عبد الناصر، هو في الكرامة هو في العرقوب هو في بيروت الغربية.. هو في كل مكان وعاصمة حول العالم.. ينتهي السرد شهيدا شهيدا شهيدا في المقاطعة.. تصحو من غفوة الرحلة المستحيلة لأبو عمار.. تكتشف انك باك دون ان تدري.. دموع صامتة هرولت حتى أسفل أنفك.. تمسحها بخجل عدم الافتضاح، وتغادر القاعة الملتهبة بأغاني الثورة من حنجرة محمد عساف.. فالثورة لا تموت طالما بقي هناك مخيم.
الختيارة في ذكرى الختيار: بقلم حافظ البرغوثي
20-11-2014
مشاهدة: 854
حافظ البرغوثي
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها