بناء على التعليمات الصادرة من القيادة الفلسطينية وعلى إثر الأحداث المتسارعة في القدس الشرقية المحتلة، وبالتعاون بين كل من البعثة المراقبة الدائمة لدولة فلسطين لدى الامم المتحدة وبعثة المملكة الاردنية الهاشمية عقد المراقب الدائم لبعثة دولة فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور اليوم اجتماعا عاجلا مع رئيس مجلس الأمن 'استراليا' لمناقشة الأوضاع المتفجرة في القدس الشرقية المحتلة وتم تسليمة رسالة شارحة بهذا الخصوص.

وقد وضع منصور من خلال رسالته المشار اليها مجلس الامن في صورة التطورات الحاصلة والتي كان آخرها اقتحام قوات الاحتلال وجموع المستوطنين لباحات المسجد الاقصى بأحذيتهم، ما يشكل انتهاكا سافرا لحرمة هذه الاماكن واستفزازاً صريحا لمشاعر مليار ونصف المليار مسلم حول العالم، وكذلك فقد اوضح ان دائرة العنف قد تبقى مستمرة ما دامت إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال ماضية في قراراتها واجراءاتها غير القانونية في القدس الشرقية المحتلة.

في رسالته طالب منصور بضرورة ان يصدر عن المجلس موقفا يلزم اسرائيل بالحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي القائم وان يلزمها بإيقاف إجراءاتها في القدس الشرقية المحتلة والتي تهدف من ورائها الى تغيير الوضع القانوني والديني على الارض لخلق وقائع جديدة لا يمكن قبولها.

هذا ومن من المتوقع أن تستمر المشاورات خلال الساعات القادمة في مجلس الأمن بشأن هذه التطورات
من جهته ألقى الدبلوماسي ربيع الحنتولي، المستشار أول بالبعثة المراقبة الدائمة لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة في نيويورك، اليوم، كلمة أمام اللجنة الاقتصادية والمالية (اللجنة الثانية) التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة حول البند 61: 'السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وللسكان العرب في الجولان السوري المحتل على مواردهم الطبيعية'، عرض فيها تقريرا واضحا يعكس واقع قاسي وظلم مستمر يعاني منه الشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، لأكثر من 47 عاما.

وقال أن المجتمع الدولي يقف عاجزا أمام قوة الاحتلال التي تعتبر نفسها فوق جميع القوانين وتواصل انتهاكاتها للقانون الدولي ولكافة قرارات الأمم المتحدة من خلال استمرارها في قتل المدنيين الفلسطينيين واعتقالهم بشكل تعسفي ومصادرة الأراضي وتدمير الممتلكات، بما فيها الأراضي الزراعية وآبار المياه، وهدم المنازل وفرض القيود الصارمة على حركة الأشخاص والبضائع بشكل يقوض الاقتصاد الفلسطيني بشكل كامل، محاكياً نظاماً تعرفونه جميعكم وهو نظام الفصل العنصري (الأبارتايد).

وأضاف الحنتولي أن السياسات الإسرائيلية ليست عبثية بل هي ممنهجة وتنفذ بغرض السيطرة على الأرض والموارد الطبيعية بعد تهجير السكان قصرياً عن بلداتهم وقراهم حيث نشهد تكثيف لهذه الممارسات المصحوبة بمصادرة الأراضي بغرض بناء المستوطنات وجدار الضم العنصري خاصة في مدينة القدس المحتلة ومنطقة الأغوار التي تشكل أكبر مساحة زراعية في فلسطين.

وأضاف أن القطاع الزراعي حجر الزاوية في الاقتصاد الفلسطيني وهو من أعمدة الأمن الغذائي في المجتمع الفلسطيني، لذلك يتم استهداف هذا القطاع بشكل متعمد من قبل إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، ويُحرم من القدرة على القيام بدوره الاستراتيجي بسبب ممارسات إسرائيلية سادية مثل نزع ملكية الأراضي ومنع وصول المزارعين الفلسطينيين إلى المناطق الزراعية والموارد المائية والاعتداء عليهم من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي وعصابات المستوطنين حيث يقوموا باقتلاع الأشجار وسرقة المحاصيل وإغراق الأراضي الزراعية بالمياه العادمة مما يتسبب بخسائر فادحة ناهيك عن التلوث البيئي.

وأشار إلى تقرير الأمين العام حول المستوطنات الاسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة فبما فيها القدس الشرقية، وفي الجولان السوري المحتل الصادر يوم 24 آب/ اغسطس الماضي في الوثيقة رقم A/69/348 ان الزراعة الاستيطانية الاسرائيلية غطت ما يزيد عن 38000 فدان (153000 دونم) في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وهو ما يزيد عن المساحة المبنية للمستوطنات ايضا.

ويتابع التقرير إن قيمة صادرات المنتوجات الزراعية من المستوطنات تبلغ سنويا 285 مليون $ بينما يسمح لنا كفلسطينيون ان نصدر ما قيمته 19 مليوم $ فقط.

وذكر في هذا الصدد بكل من يستورد هذه المنتجات ويتاجر بها بانه بمثابة الشريك في التشجيع على انتهاك اسرائيل للحقوق الاساسية للشعب الفلسطيني والتي تشكل في حالة الاستيطان خروقات جسيمة للقانون الدولي الانساني قد ترقى الى جرائم حرب.

وأردف أن إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، بشنها عدوانين همجيين على غزة في عام 2006 وعام 2008 ولم تكتف بفرض حصارها غير القانوني واللاإنساني على غزة منذ أكثر من سبع سنوات ممارسة بذلك العقاب الجماعي ضد أكثر من 1.8 مليون فلسطيني يعيشون في بقعة لا تزيد عن 365 كلم منتهكة حقوقهم الطبيعية في حياة كريمة وحقهم في العمل والصحة والتعليم والحركة. لم تكتفي إسرائيل بذلك وقررت أنه يجب فرض المزيد من البؤس والدمار فشنت خلال الصيف الماضي حرباً إجرامية على مدار 51 يوم راح ضحيته أكثر من 2180 شهيد غالبيتهم من المدنيين من بينهم 500 طفل و256 امرأة و أكثر من 11,000 جريح من بينهم 3374 طفلا منهم المئات في أوضاع صعبة.

وتابع: ودمرت إسرائيل خلال هذا العدوان آلاف المنازل و148 مدرسة و11 كلية وجامعة و62 مشتفى ومركز صحي. كما تم تشريد أكثر من 500,000 فلسطيني داخل غزة أثناء العدوان، 110,000 منهم فقدوا منازلهم ومصالحهم بشكل كامل.

وقال: كما أجهز العدوان الهمجي الإسرائيلي الأخير على البنية التحتية المنهارة أصلاً بفعل الحصار الإسرائيلي.
 
ويعاني سكان قطاع غزة من نقص حاد في المياه الصالحة للشرب بسبب تعطل شبكات الصرف الصحي ونقص في الكهرباء.
 
قبل العدوان كان 72 في المائة من الأسر في قطاع غزة تعاني من انِعدام الأمن الغذائي، فما بالكم اليوم؟ قبل سنتين ذكرت الأمم المتحدة انه في حال استمر الوضع السابق فإن قطاع غزة سيكون في وضع كارثي ولن يكون قابلا للحياة في العام 2020، إلا أن إسرائيل قررت تعجيل حلول الكارثة وقدمت موعدها إلى الوقت الحاضر.

وأشار الحنتولي إلى أنه في العالم المتحضر وضعت القوانين لتكون حكماً بين البشر ولتميزنا عن عالم الحيوان، فالجاني، السارق أو القاتل يحاكم ويحاسب، مضيفا: فما بالك بنظام قتل مئات الآلاف من الأبرياء وسرق أراضيهم ومياههم وثرواتهم ويستمر في انتهاك حقوق من بقي منهم على قيد الحياة.

وشدد على أنه حان وقت محاسبة إسرائيل على جرائمها وانتهاكاتها، وطلب بأن لايُسمح لقوة الاحتلال هذه بأن تستمر في فرض قانون الغاب وممارسة همجيتها، وبأنه آن للمجتمع الدولي ممثلاً بالدول الأعضاء في الأمم المتحدة تحمل مسؤولياته من خلال اِتخاذ إجراءات عملية رادعة وفعالة لتطبيق القانون الدولي وإلزام إسرائيل باحترام الإرادة الدولية ووقف اعتداءاتها بشكل نهائي وصولاً إلى إنهاء هذا الاحتلال المجرم.

وأضاف الحنتولي أن الشعب الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال الإسرائيلي سيستمر بالدفاع عن إنسانيته ويواصل المطالبة بحقوقه المشروعة في التحرر وتقرير المصير والعيش بكرامة ولن يتخلى عن سعيه لتحقيق سلام عادل وشامل يضمن له الأمن والاستقرار واستقلال دولة فلسطين ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية.