في مثل هذا اليوم عام 1947 كان زعماء الحركة الصهيونيةورجال الاعمال اليهود والادارة الاميركية يمارسون ضغوطا ويعرضون اموالاً على دول مختلفةلحشد ثلثي اعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة لمشروع قرار تقسيم فلسطين الى دولتينيهودية وفلسطينية، وكانت معظم دول العالم آنذاك خاضعة للاستعمار وهيمنته، ما اتاح للاميركيينواليهود حشد ثلثي الاصوات اي 33 صوتا وهي النسبة المحددة آنذاك لتمرير القرار في المنظمةالدولية البالغ عدد اعضائها آنذاك 56 عضواً. وعارض القرار 13 دولة كلها عربية او اسلاميةاضافة الى الهند وكوبا واليونان وقال المندوب الاميركي جون فوستر دالاس ان الضغوط المستخدمةللضغط ولإكراه الأمم الاخرى كانت «فضيحة».

هكذا ولد قرار التقسيم الذي تصادف ذكراه اليوم ونشهداليوم الضغوط نفسها لاكراه دول كثيرة لمعارضة الطلب الفلسطيني برفع مكانة فلسطين الىدولة غير عضو في المنظمة الدولية.. اميركا ذاتها تمارس الاكراه والضغوط ورجال الاعمالالاثرياء اليهود يمارسون ضغوطاً والمال ايضا يستخدم لاضعاف الموقف الفلسطيني. مع انهموقف يتماشى مع قرار التقسيم.. ومع انه يدعو الى انقاذ حل الدولتين الذي تحاول الحكومةاليمينية الاسرائيلية دفنه وتصفية القضية الفلسطينية بالكامل. ففلسطين عندما وضعت تحتالانتداب البريطاني كانت عربية خالصة وعندما انسحب البريطانيون سلموها لليهود ولم يحاولواتنفيذ قرار التقسيم مطلقاً، وبالتالي فالخطوة الحالية هي في صلب القرار الدولي الآنفالذكر ومحاولة لاحياء المفاوضات وليس لانقاذ حل الدولتين وليست خطوة تدميرية لاسرائيلكما يدعي دعاة الاستيطان والحرب واعداء السلام والاستقرار.

فالادارة الاميركية منذ ان نصبت نفسها راعياً لعمليةالسلام دأب مبعوثوها على العمل لعرقلة اية محاولة للتوصل الى سلام، وحجبت القضية الفلسطينيةعن الأمم المتحدة وكأنها قضية هامشية لا يجوز للمجتمع الدولي بحثها. وباتت الانتهاكاتالاسرائيلية في مأمن من المناقشة في الساحة الدولية حتى وصلنا الى مرحلة تقاطر فيهاالاسرائيليون وبعض الاميركيين الى نعي حل الدولتين واستمرار الاحتلال واقامة نظام الفصلالعنصري على الاراضي المحتلة.

اليوم سيحيي الجهد الفلسطيني حل الدولتين مجددا بالحصولعلى وضع دولة غير عضو ثم دعوة اسرائيل للتفاوض على اساس القرارات الدولية وتطبيق المواثيقوالقوانين الدولية على الاراضي المحتلة منذ عام 1967، ولعل الخشية الاميركية الاسرائيليةوالاوروبية من السعي لمحاكمة اسرائيل على انتهاكاتها ليست ذات اساس لأن الهدف الفلسطينيهو ازالة الاحتلال بالتفاوض وليس نبش الماضي دون مبرر طالما كانت هناك رغبة اسرائيليةفي حل الدولتين وانهاء الاحتلال. لكن كما يبدو هناك رغبة اسرائيلية مع سبق الاصراروالترصد بعدم التوجه الى مفاوضات لانهاء الاحتلال وانما المماطلة والتسويف بدعم منالراعي الاميركي غير النزيه. وفي هذه الحالة يكون الفلسطيني مضطراً الى ملاحقة اسرائيلقانونياً، إذا ما واصلت نكران الحقوق الفلسطينية وادارة ظهرها لمساعي التفاوض والسلام.اليوم هو يوم تدشين الخلاص من الاحتلال وعلى اسرائيل ان تختار بين السلام والأمن وبينالاستيطان والحرب.