أقرت الحكومة الإسرائيلية في جلستها بعد ظهر امس تقليص ميزانيات الوزارات المختلفة من أجل تغطية نفقات العدوان على قطاع غزة، وأقرت اقتراح رئيس الحكومة تقليص 2 مليار شيقل أي ما يعادل 2% من ميزانيات الوزارات وتحويلها لوزارة الجيش. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الجلسة كانت صاخبة وشهدت جدلا محتدما، ولقي القرار معارضة ثلاثة وزراء بينهم وزير الاقتصاد نفتالي بينيت.
وشمل التقليص كافة الوزارات (باستثناء وزارة الجيش)، وسيستخدم مبلغ التقليص لزيادة موازنة وزارة الجيش بـ 1.5 مليار شيقل، والباقي سيستخدم لتعويض الأضرار في منطقة الجنوب. وتضمن قرار الحكومة زيادة موازنة وزارة الجيش بـ 1.5 مليار شيقل سنويا، ابتداء من العام الجاري.
وكانت تقارير إسرائيلية ذكرت أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، يواجه انتقادات شديدة من خبراء في الاقتصاد، لاعتزامه إجراء “تقليص أفقي” بقيمة 2 مليار شيقل (2٪) في موازنة العام الحالي لتغطية تكاليف الحرب الأخيرة على غزة، إذ سيكون التقليص الأكبر من نصيب موازنة التربية والتعليم وبقيمة تصل إلى نصف مليار شيقل.
وقال نتنياهو في مستهل جلسة حكومته صباح امس إن الأولوية في الوقت الراهن هي لتعزيز موازنة الأمن في أعقاب الحرب على قطاع غزة. وأعلن في مستهل الجلسة الخاصة لحكومته التي عقدت في المجلس الإقليمي حوف أشكلون، إن حكومته ستقوم بدعم وتطوير بلدات الجنوب، وقال إن “القرار الأول وقبل أي شيء هو وضع خطة خماسية بمليار ونصف المليار شيقل لبلدات غلاف غزة وبلدة سديروت”. لكنه أضاف أن على الحكومة سد النواقص في منظومة الأمن وجدد تأكيده على أن الأمن سابق لأي شيء آخر.
وفي سياق الانتقادات لتكاليف الحرب وخطط نتنياهو لتقليص الموازنة بـ2 في المئة لصالح موازنة وزارة الجيش، كتبت صحيفة “ذي ماركر” الاقتصادية على صدر صفحتها الأولى: “مدافع بدلا من الكتب: 50٪ من الإضافات للأمن من موازنة التربية”. ووجه موظفون كبار في وزارة المالية انتقادات شديدة للجيش الإسرائيلي وقالوا إنه صرف موازنات أكبر من تلك التي خصصت له. ونقلت الصحيفة أن تقديرات وزارة الجيش تشير إلى أن تكلفة الحرب تصل إلى 9 مليارات شيقل، وهو الأمر الذي آثار قلق الموظفين الكبار في المالية الذين قالوا إن ثلث موازنة الجيش التي تصل قيمتها إلى 26 مليار شيقل (لا تشمل الرواتب ومخصصات التقاعد) قد صرفت في مواجهة مع تنظيم صغير (حماس)، وتساءلوا ماذا ستكون كلفة الحرب لو خاضها الجيش مع دول وعلى عدة جبهات.
ووجهت انتقادات للجيش بأنه تصرف بشكل “مسرف جدًا” ولم يأخذ بالحسبان أي اعتبارات مالية أو اقتصادية. وأشارت المصادر في المالية إلى أن إسرائيل خاضت منذ العام 2006 أربع حروب أو عمليات عسكرية، وكان على الجيش مراعاة ذلك.
وقالت المصادر إن المالية لا “توقع على شيك مفتوح للجيش” وأن تقديراتها لتكلفة الحرب تتراوح ما بين 4 إلى 5 مليارات شيقل أي نحو نصف تقديرات وزارة الجيش، وأن هذا هو المبلغ الذي ستحصل عليه.
وردت مصادر في وزارة الجيش على أقوال المالية، بأن الأخيرة كانت على اطلاع كامل على كافة تكاليف الحرب سواء لعدد ساعات الطيران أو عدد الصواريخ المستخدمة وإلخ. لكن مصادر المالية كشفت أن الجيش استخدم قذائف منتهية الصلاحية وكانت ستسحب من مخازن الجيش بكل الأحوال، وأن الجيش استدعى جنود الاحتياط الذي كانوا سيدعون بكل الأحوال خلال العام الحالي دون علاقة للحرب.
وتوقعت “ذي ماركر” مواجهة بين وزارتي الجيش والمالية، إذ تطالب وزارة الجيش بأن تغطي المالية كافة تكاليف الحرب وإلا ستعلن “تعطيل المنظومة”، أي التهديد بالإضراب أو وقف التدريبات الضرورية على سبيل المثال.
وأعلنت وزارة المالية، ظهر امس، أن مدخولات الدولة من جباية الضرائب والسندات خلال الشهر الماضي تجاوزت 22 مليار شيقل، وهو أقل بـ1.2 مليار شيقل من توقعات الوزارة. وعزت المالية هذا التراجع إلى تراجع الحركة التجارية خلال الحرب على قطاع غزة وإرجاء موعد دفع الضرائب نتيجة الحرب.
وطبقا لوثائق نشرها مكتب الحكومة قبل الاجتماع الاسبوعي المنتظم، فان اكبر خفض مقترح هو لوزارة التعليم التي طلب منها خفض ميزانيتها بمقدار 480 مليون شيقل. كما طلبت الحكومة من وزارة الرعاية الاجتماعية خفض ميزانيتها بمقدار 62,6 مليون شيقل، ووزارة الصحة بمقدار 43 مليون شيقل.
الا ان وزير الرعاية الاجتماعية مائير كوهن اعترض على الخفض وقال لإذاعة جيش اسرائيل انه لا مجال لخفض ميزانيته. وتساءل "ممن سيأخذون؟ من الذين ليس لديهم شيء يضعونه في ساندويشات اطفالهم عند ذهابهم الى المدرسة؟".
ومن المقرر اقتطاع مبلغ 33 مليون شيقل من ميزانية مكتب نتنياهو المسؤول كذلك عن اجهزة الاستخبارات الداخلية والخارجية ولجنة الطاقة الذرية وغيرها من الاجهزة الحكومية. ويتعين على وزارة الخارجية اقتطاع مبلغ 11,9 مليون شيقل من ميزانيتها، رغم المشاكل المالية التي تعاني منها وتسببت في وقت سابق من هذا العام في اضراب عدد من كبار الدبلوماسيين.
ونقل مكتب نتنياهو عنه قوله خلال الاجتماع "آمل في ان يستمر هذا الهدوء ولكننا مستعدون لأي سيناريو".