يعبر عدد من الدروز من داخل الخط الأخضر عن استيائهم الشديد من أبناء طائفتهم الذين يخدمون في الجيش الاسرائيلي ويخوضون معارك ضد الفلسطينيين في غزة، وخصوصا غسان عليان قائد لواء "غولاني" الذي شن الهجوم العنيف على حي الشجاعية قبل اسبوعين.
وكان لواء غولاني الذي يعد من قوات النخبة في الجيش الاسرائيلي، شن هجوما بريا عنيفا على حي الشجاعية الذي لحق به دمار هائل شرق مدينة غزة ليل السبت الاحد 20 تموز ادى الى استشهاد 72 مواطنا وجرح حوالي 400 آخرين. وقتل من لواء غولاني 13 جنديا.
واصيب عليان (41 عاما) نفسه بجروح متوسطة الخطورة لكنه شفي واعلن عودته الى لوائه وجنوده للقتال في غزة بعد هجوم الشجاعية الذي وصفه الرئيس محمود عباس "بجريمه بحق الانسانية ومجزرة بشعة لن يفلت مرتكبوها من العقاب".
وفي شفاعمرو التي يتحدر منها عليان أول قائد عربي للواء غولاني، يقول عمه زاهي عليان (59 عاما) لوكالة فرانس برس "انا اتألم لما يجري لشعبي في قطاع غزة. هم أهلي وأخوتي وأنا واحد منهم، انا فلسطيني عربي انتمي الى هذا الشعب المضطهد". واضاف عليان الذي شارك قبل اسبوعين في تظاهرة في مدينة حيفا ضد العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، "انا اقف مع ابناء شعبي الذين وقع عليهم ظلم ويعيشون تحت القصف في قطاع غزة بسبب التعنت الصهيوني الذي تدعمه اميركا".
وقال زاهي عليان في المدينة التي يسكنها مسيحيون ومسلمون ودروز "انا غاضب جدا جدا لأني عرفت ان غسان في قطاع غزة وفي حي الشجاعية وما زلت غاضبا".
ويعيش داخل الخط الأخضر نحو 130 ألف درزي تعاني قراهم من مصادرة اراض وعدم تراخيص للبناء. وفرضت اسرائيل الخدمة العسكرية الالزامية على الطائفة الدرزية في 1956. ويتعرض رافضو الخدمة من الشبان الدروز الى الاعتقال من اشهر الى ثلاث سنوات. كما انهم يتعرضون لمضايقات في قبولهم في العمل وفي مساكن الجامعات ومضايقات اخرى. ويلجأ البعض منهم الى الادعاء بالاصابة بمرض عقلي او نفسي.
لكن عددا منهم يخدمون في الجيش ومصلحة السجون والشرطة. ويقول ناطق عسكري ان نحو 6967 درزيا من اصل 10717 عربيا يخدمون في المجال الامني الاسرائيلي.
وفرضت اسرائيل الخدمة الالزامية على الاقلية العرقية المسلمة الشراكسة بينما يلتحق بعض العرب المسلمين والبدو وبعض المسيحيين بالجيش الاسرائيلي وجهاز الشرطة كمهنة.
وزاهي عليان رفض ان يخدم في الجيش الاسرائيلي ويرفض تجنيد الدروز، لكنه قال انه "للأسف انا لم استطع التأثير عليه (غسان عليان) لرفض الخدمة العسكرية بالرغم من قربه مني فتأثير بيته عليه كان اقوى من تأثيري". وهو يعتبر ان "غسان اختار للاسف التوجه والوقوف في المكان الخطأ ووقوفه هناك هو ضدي وضد مبادئي وهو يمثل نفسه".
ويعتبر زاهي عليان ان اسرائيل وبفرضها الخدمة الالزامية على الدروز "دقت اسفينا في مجتمعنا العربي الفلسطيني"، تماما كما تفعل الآن "عندما تتحدث عن تجنيد المسيحيين لاثارة النعرات الطائفية ونتشابك معا". واضاف "لكن الوعي ينتشر وتزداد نسبة رافضي الخدمة العسكرية بين الدروز".
والقى هجوم اسرائيل بظلاله على مدينة شفاعمرو التي الغت بلديتها الاحتفال الرسمي بعيد الفطر بسبب الوضع الراهن في قطاع غزة.
وقال المحامي والناشط نكد نكد الذي رفض الخدمة الاجبارية ان "غسان عليان يمثل نفسه ولا يمثل الطائفة الدرزية. لم يفكر كابن شفاعمرو عند المشاركة في الهجوم على قطاع غزة، فهو يعمل كعسكري ويفكر بطريقة الجيش الاسرائيلي".
وفي بلدة المغار القريبة من بحيرة طبريا تعيش عائلة زهر الدين سعد الذي ترفض الخدمة العسكرية أبا عن جد. وقال زهر الدين سعد (48 عاما) "رفضت الخدمة لأنني عربي فلسطيني ولا استطيع ان اخدم في جيش يحتل شعبي". واضاف زهر الدين الذي يعيش في حارة الدروز ان "كل جندي يقتل في الحرب هو يمثل نفسه ولا يمثل الطائفة الدرزية"، معتبرا ان "اسرائيل ركزت على غسان عليان وجعلته بطلا قوميا حتى تخلق شرخا مع اخوتهم الفلسطينيين".
اما ابنه عمر (18 عاما) الذي يعزف في اوركسترا الشباب الفلسطيني وفي معهد ادوارد سعيد في القدس هو وشقيقته وشقيقيه، فقال لفرانس برس "انا فلسطيني وعربي ومن يرتدي الزي العسكري الاسرائيلي هو جندي احتلال". واكد عمر الذي ينتمي الى رباعي الجليل للموسيقى الكلاسيكية انه قضى في السجن 200 يوم لرفضه الالتحاق بالخدمة العسكرية وتعرض لتحقيق قاس وعزل. وقال "اصبت في السجن بجرثومة كادت تودي بحياتي ابقتني في المستشفى في الانعاش 40 يوما". واضاف "لا اتخيل نفسي مرتديا الملابس العسكرية ومشاركا في حمل السلاح ضد ابناء شعبي في فلسطين ومحاربة اخواني العرب".
اما سامر سويد (28 عاما) وهو من بلدة البقيعة الجليلية رفض التجنيد ايضا، فقال "كنت اقضي شهر العسل في باريس. قطعنا الاجازة وشاركنا انا وعروسي في تظاهرة باريس ضد العدوان على غزة". واضاف ان "اي جندي درزي او مسلم او مسيحي يخدم في جيش الاحتلال هو يمثل نفسه ويمثل الاحتلال".