عندما أعلن رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، مساء الخميس الماضي، عن إصداره تعليمات بشن اجتياح في قطاع غزة، قال إن العملية العسكرية البرية ستكون محدودة. لكن في أعقاب التطورات التي حدثت ليلة أمس، ومقتل 13 جنديا إسرائيليا، وصف رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هذه العملية بأنها "حملة عسكرية".
وكتب المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هارئيل، اليوم الاثنين، أنه من الجائز أن تبدأ وسائل الإعلام الإسرائيلية "بصورة مبالغة" في وصف العدوان على غزة بأنه "حرب".
وأوضح هارئيل أن "الجمهور الإسرائيلي، وفي أعقابه السياسيين أيضا، يعرف حدثا على أنه حرب وفقا لعامل واحد فقط، وهو عدد القتلى. وبالأمس، ارتفع عدد القتلى الإسرائيليين في العملية العسكرية إلى 20".
وأردف أن "المسألة التي ستتضح في الأيام القريبة المقبلة هي ما إذا كان ما زال بالإمكان الآن وقف ولجم حجم كامل في القطاع" مع تزايد محتمل لعدد القتلى الإسرائيليين.
ونقل هارئيل عن ضباط إسرائيليين يقودون الاجتياح في القطاع قولهم إنه "على ضوء قوة المقاومة من جانب حماس، فإن حجم الدمار الذي سيحدث (في القطاع) جراء استمرار القتال من شأنه أن يصل إلى حجم الدمار في الضاحية الجنوبية لبيروت في العام 2006".
وأشار إلى أن هذا لن يكون الشبه الوحيد بين العدوان الحالي على غزة وحرب لبنان الثانية. فمثل يوم أمس، 20 تموز، قبل ثماني سنوات، دارت أولى المعارك البرية في تلك الحرب، بالقرب من قرية مارون الراس.
وأضاف هارئيل أنه "في غزة أيضا، يتعالى التحسب من انزلاق غير منهجي، وغير مقصود، نحو عملية عسكرية أكبر من توقعات المخططين لها".
وتابع المحلل أن الجيش الإسرائيلي وقع في عدة أخطاء خلال العدوان الحالي على غزة، "وفقا للتحقيقات الأولية"، أولها استخدام آليات قديمة، مثل المدرعة من الطراز القديم، التي استهدفتها المقاومة الفلسطينية بقذيفة مضادة للمدرعات وأسفرت عن مقتل سبعة جنود من بين الجنود ال13 القتلى، ليلة أمس.
وخطأ آخر ارتكبته قوات الاحتلال، وفقا لهارئيل، يتعلق بتجمع عشرات الجنود من لواء "جولاني" في بيت أصيب بقذيفة أطلقها المقاتلون الفلسطينيون. "وهذا الأمر يرتبط بالإخفاقات الكبيرة" لدى تفجير نفق في غزة، أول من أمس السبت، ما أسفر عن مقتل ضابط وجندي إسرائيليين.
من جهة ثانية، أشار هارئيل إلى أن "الجيش الإسرائيلي لم يختبر خلال السنوات الماضية القتال البري عامة وفي قطاع غزة خاصة، وتم فقدان جزء من الخبرة العسكرية مع تسرح جيل من الضباط".
وأضاف أنه "حدث تراجع على مستوى التدريبات أيضا، في العام الأخير، بحجة عدم توفر ميزانيات كافية".
وشدد هارئيل على أن "أي عملية عسكرية بحجم كبير ترافقها أخطاء، وتكون نابعة من حجم انعدام اليقين في القتال".
ورأى هارئيل أنه في أعقاب مقتل الجنود، أمس، تزايدت الضغوط على غانتس والحكومة الإسرائيلية، مشيرا في هذا السياق إلى التناقض لدى الإسرائيليين الذين "حساسيتهم تجاه مقتل جنود أكبر منها لدى مقتل مدنيين".
واعتبر المحلل أن نتنياهو وصناع القرار في إسرائيل ليسوا في مكانة يحسدون عليها، إذ أنه "يتعين عليهم الآن اتخاذ قرار حول ما إذا كان سيتم تعميق العملية البرية بصورة واسعة أو التمسك بالغايات الأصلية، وهي هدم الأنفاق وضرب بنى تحتية إرهابية أخرى لحماس، انطلاقا من النية للتوصل إلى وقف إطلاق نار سريع".
وتوقع هارئيل أن مشاهد مجزرة الشجاعية ستسرع الضغوط الدولية من أجل وقف إطلاق النار.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها