في جنيف التقى رئيس الوزراء الأردني، د. عبد الله النسور، مع المفوض السامي للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، وهي سيدة من جنوب إفريقيا، طالبت المسؤول الأردني بفتح الأبواب لاستقبال اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في سورية، للانتقال للعيش في الأردن، هرباً من الجوع والموت فرد عليها الرئيس بعصبية وحزم، وبلا مجاملة لكونها امرأة تستأهل الود، وبمنصب أممي رفيع المستوى يحتاج لطول بال، خاصة وأن هذا الموقع سيتولى إدارته لاحقاً السفير الأردني الأمير زيد بن رعد، قال الرئيس النسور للمسؤولة الأممية :
أولاً : لقد استقبل الأردن، العدد الأكبر من اللاجئين الفلسطينيين، الذين ما زالوا يقيمون على أراضيه، ووسط أهله، بكل كرامة وأخوة وإنسانية، سواء الذين تم طردهم وتشريدهم عام 1948، عام النكبة، أو عام 1967، عام النكسة، والأردن البلد الفقير يتحمل أكثر من طاقته في استيعاب اللاجئين الفلسطينيين، ولمدة زمنية قياسية تجاوزت عشرات السنين، ولذلك لا يستطيع أي طرف المزايدة على الأردن بشأن الفلسطينيين واستقبالهم، وهم ومعهم كل الأردنيين ينتظرون عودتهم إلى المدن والقرى التي طردوا منها وتشردوا عنها، واستعادة ممتلكاتهم فيها ومنها وعليها، وهذا حق لهم كفلته قرارات الأمم المتحدة وفي طليعتها ومقدمتها القرار 194.
ثانياً: استقبل الأردن أكبر عدد من اللاجئين السوريين الذين هربوا من الجوع والموت، واقترب عددهم من مليون ونصف المليون سوري، وهو عدد يفوق طاقة الأردن على الاستيعاب والتحمل، والأردن بلد فقير الإمكانات والموارد.
ثالثاً : هناك دول محيطة بسورية تتحمل المسؤولية، وفتحت أراضيها وحدودها للاجئين السوريين وهي لبنان وتركيا والعراق والأردن، وإسرائيل مجاورة لسورية، فلماذا لا تطالبون إسرائيل بفتح حدودها مع سورية لاستقبال اللاجئين السوريين، أسوة بما فعل لبنان وتركيا والعراق والأردن، خاصة وأن لدى إسرائيل أراضي سورية محتلة من قبلها، يمكنها أن تستقبل آلاف اللاجئين السوريين على أراضيهم في الجولان السوري المحتل، وهي منطقة عامرة، ومزدهرة بالإنتاج الزراعي، وغنية بالمياه وتفتقد للسكان الذين سبق وأن تشردوا من الجولان بفعل الاحتلال الإسرائيلي عام 1967.
رابعاً: إسرائيل عليها واجب أن تفتح حدودها للاجئين السوريين كبلد مجاور، وعليها أن تفتح حدودها للفلسطينيين كي يعودوا لبيوتهم المصادرة من قبلها، ولذلك إن مطالبتك لنا وتوجهك نحونا، هو مطلب غير صحيح وتوجه يفتقد للبوصلة لأننا العنوان الخاطئ، وعليك تصحيح التوجه نحو العنوان الصحيح، ونحو قرارات المؤسسة التمثيلية التي تلتزمين ولا شك بسياستها، وتعملين على تنفيذ قراراتها الملزمة، لأعضاء الأمم المتحدة، ومنها دولة إسرائيل.
عبد الله النسور في حديثه وحواره ومطالبته المسؤولة الأممية يحمل الالتزام نحو عاملين مهمين : أولهما حماية المصالح الوطنية الأردنية بوقف تدفق اللاجئين إلى أراضيه على حساب الأردنيين الفقراء في بلد محدود الموارد، وثانيهما حماية الحقوق الوطنية المشروعة للشعب العربي الفلسطيني وفي طليعتها حق العودة واستعادة الممتلكات للفلسطينيين في مناطق 1948، ومناطق 1967.
ثمة من يحاول تقزيم حقوق الفلسطينيين بالمطالبة بالانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة العام 1967، وهي مطالبة مشروعة ومحقة لإقامة الدولة الفلسطينية في حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس، ولكن ذلك يجب أن لا يكون على حساب الحق الأول والأهم، أو بديلاً عنه، وهو إنهاء معاناة التشرد والنفي واللجوء لأكثر من خمسة ملايين عربي فلسطيني طردوا من مناطق 1948، وحقهم في العودة إليها واستعادة ممتلكاتهم فيها ومنها وعليها وفق القرار 194، وأي مساس بهذا الحق هو مساس بمصالح الشعب العربي الفلسطيني الجوهرية، الأساسية، مثلما هو مساس بقرار الأمم المتحدة بهذا الخصوص.
الإخلال بحق من حقوق الشعب العربي الفلسطيني، إخلال بكامل الحقوق الثابتة وغير القابلة للتبديد أو التلاشي، مهما طال الزمن، ومهما تعقدت الظروف وقست، لقد تمسك اليهود بالعودة إلى فلسطين بعد ثلاثة آلاف سنة، وحققوا ذلك بالوسائل المشروعة وغير المشروعة، وسواء كانت دوافعهم نبيلة أو استعمارية، وسواء تم ذلك هروباً من المذابح الأوروبية المسيحية على أيدي النازية والفاشية، أو طمعاً بحياة أفضل، وسواء تم لهذا أو لذاك السبب فكيف بالفلسطيني أن يقبل أن يتنازل عن بيته وممتلكاته ووطنه والذي لا وطن له سواه، بعد سبعين سنة ؟؟.
الأجانب الذين احتلوا فلسطين واستوطنوا فيها وعلى أرضها على حساب الشعب العربي الفلسطيني وفي بيوتهم، هؤلاء الأجانب المستوطنون الاستعماريون، يحملون جنسيات أجنبية مختلفة، ولديهم خيارات متعددة، وفي طليعتها العودة إلى بلادهم، من حيث أتوا، بينما الفلسطيني لا خيار له سوى بقاء اللجوء والتشرد والمنفى والفقر وفقدان الطمأنينة في المخيمات أو العودة للوطن، ولذلك لا خيار له، سوى المسار باتجاه واحد، لا ثاني له، وهو باتجاه فلسطين، والعودة إلى بيته ووطنه فلسطين، ولا مكان له سوى فلسطين الذي لا وطن له سواه، وهذا ما يجب أن نتعلمه ونعلمه ويفهمه الآخرون، والإسرائيليون في طليعتهم قبل أي طرف آخر.
لا خيار سوى العودة/ بقلم حمادة فراعنة
03-07-2014
مشاهدة: 695
حمادة فراعنة
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها