أحيا الشعب العربي الفلسطيني أمس ذكرى النكبة الرابعةوالستين في الوطن والشتات، وما زالت الانشطة والفعاليات الوطنية ذات الصلة تتواصل تأكيداعلى حق اللاجئين بالعودة الى ديارهم وقراهم ومدنهم، التي شُرّدوا منها عبر سياسة التطهيرالعرقي الصهيونية وعصاباتها الارهابية من خلال المجازر الوحشية ومخطط التصفية للوجودالفلسطيني من على ارض وطنه بالاستناد الى رواية مزورة لا تمت للواقع بصلة. 

الفلسطينيون في ذكرى نكبتهم الرابعة والستين، أرادواان يؤكدوا لدولة الابرتهايد الاسرائيلية وقادتها من مختلف القوى والاحزاب الصهيونيةولقطعان المستوطنين ولقطاعات الشعب الاسرائيلي من اليهود الصهاينة والمضللين، ان الشعبالفلسطيني مصمم على حق العودة الى دياره، ولا توجد قوة في الارض يمكنها ان تلغي اوتسقط هذا الحق، حتى لو حصل الفلسطيني اللاجئ على كل جنسيات الدول. لأن حصول الفلسطينيعلى جنسية من هذه الدولة او تلك لا تلغي حقه في ارض وطنه الام، الوطن الفلسطيني. وعلىقادة الدولة العبرية, إن كانوا يملكون الشجاعة الادبية والاخلاقية والسياسية, ان يعترفوابالنكبة الفلسطينية والمسؤولية عنها، والعمل على تجاوز آثارها التدميرية ليس فقط علىابناء الشعب العربي الفلسطيني بل على ابناء الشعب الاسرائيلي، الذي ضُلل وجيء به منبلاده الاصلية، ليحل مكان الفلسطيني المشرد دون اي مسوغ اخلاقي او قانوني او سياسي,لأن الاعتراف بحقيقة النكبة, التي حلت بالفلسطينيين، يعني الشروع بالعمل على معالجةتداعياتها وآثارها، وردم الهوة الناجمة عنها من خلال طي صفحتها السوداء ليس في تاريخإسرائيل وحدها انما في تاريخ البشرية جمعاء، لأن استهداف الشعب الفلسطيني في ارضه ووطنهوثقافته وشخصيته الوطنية في لحظة تاريخية فاصلة في التاريخ الانساني، حيث تحررت البشريةفي العام 1945 من ابشع اشكال النظم السياسية، وهي الفاشية والنازية، التي ادمت شعوبالارض قاطبة بسياساتها وحروبها العنصرية والاستعمارية، كان استهدافا لقيم العدالة والحريةوالسلم العالمي، لأن القوى المنكوبة من النازية الالمانية والفاشية الايطالية والعسكرتاريااليابانية أصلت بدعم واسناد قادة المشروع الصهيوني الاجلائي والاحلالي لنشوء الفاشيةالجديدة في العالم. 

وطي صفحة النكبة لا يتم بمواصلة الاستيطان الاستعماريوديماغوجيا الحملات الاعلامية، انما يتم من خلال ولوج عملية التسوية السياسية القائمةعلى خيار حل الدولتين للشعبين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وضمان حق العودةللاجئين على اساس القرار الدولي 194. او إن شاء قادة إسرائيل خيار الدولة الواحدة,فليعلنوا عن ذلك، والقيادة الفلسطينية لن تتردد في التعاطي المسؤول والفوري مع الدعوةللسلام, لا سيما انها اختارت منذ التوقيع على اتفاقيات اوسلو عام 1993 التخندق استراتيجيافي خيار السلام والعمل من اجل تحقيقه، وعملت بكل الوسائل والسبل لتجسيد السلام العادلوالممكن والقابل للحياة. 

لكن حكومات إسرائيل المتعاقبة، وقادتها السياسيين منمختلف الاحزاب والكتل الصهيونية رفضت خيار السلام وتخندقت استراتيجيا في خنادق الحربوالارهاب المنظم ضد الفلسطينيين والعرب ودعاة السلام الاسرائيليين والامميين. لأنهالم تملك الشجاعة والكفاءة، ولأنها ليست معنية بمصالح شعوب المنطقة وفي مقدمتها مصلحةالشعب الاسرائيلي، لانها غير مؤهلة، ومنغلقة وتقف على قاعدة عنصرية عمياء، وتعمل لحساباتهاالخاصة ولحسابات أباطرة المال العالمي. 

مع ذلك، الفرصة ما زالت متاحة لقادة إسرائيل، خاصة انهناك حكومة تملك مظلة برلمانية هي الكبرى في تاريخ الدولة العبرية، ممثلة بـ (94) نائبااو اقل قليلا بعد انسحاب عدد من نواب حزب كاديما من الائتلاف الحاكم. فإن شاءت تحقيقالسلام فبامكانها تحقيق ذلك. ولكنها ووفقا للمعطيات القائمة ليست قادرة ولا تريد صناعةالسلام مع الشريك الفلسطيني، لانها ليست قادرة ولا مؤهلة للقيام بدور الشريك الحقيقيفي صناعة السلام. 

مرور اربعة وستين عاما على النكبة الفلسطينية، لم تلغِالذاكرة الجمعية للشعب الفلسطيني، ولم تسقط من وعي ابنائه حقهم التاريخي في الارض والديارالتي شردوا وطردوا منها، ولن يسقط حق العودة بالتقادم مهما مرت السنون على النكبة،ولن تستقيم الحالة السياسية في المنطقة العربية إلا بعودة الحقوق الوطنية الفلسطينية،وبضمان اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 67 وعاصمتهاالقدس الشرقية, وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194. وواهموغبي من يبنى رؤياه على قاعدة « الكبار يموتون والصغار ينسون»! لأن ذاكرة وانتماء الاطفالالفلسطينيين لفلسطين الارض والوطن والهوية أعمق من ذاكرة آبائهم وأمهاتهم.