نحن في هذه المنطقة من العالم، نحن العرب، نحن المسلمين وفي القلب الشعب الفلسطيني، مهما حاولنا الهروب من الأسئلة فإنها تلاحقنا باستمرار، تقرع أبوابنا بلا كلل أو ملل، وتصدع رؤوسنا طوال الوقت، ماذا إذا كانت إسرائيل تكره السلام، لا تريد السلام، عاجزة عن السلام؟ متواطئة ضد معنى السلام؟ ماذا نفعل؟
الجدل الدائر في إسرائيل منذ بداية المفاوضات الحالية التي ذهبنا إليها كفلسطييين بعقل مفتوح وإيجابي، بغطاء إيجابي أيضاً من النظام الإقليمي والعربي، وبأمل كبير من مفردات المجتمع الدولي، هذا الجدل في إسرائيل ينحدر بعضه إلى مستوى يقول ان إسرائيل لا يوجد فيها الآن قيادة صالحة لأن تكون شريكاً جدياً في أي عملية سلام يمكن أن تصل إلى أي نتيجة! مفردات هذا الجدل نسمعها في إسرائيل على لسان أعضاء البيت اليهودي، وإسرائيل بيتنا، والليكود، وجمعيات المستوطنين، وبعض قادة الجيش والأجهزة الأمنية، تشتمل على قدر كبير من الغباء والاستهتار والاستهانة، وربما يكون وراء ذلك المزايدة التي يستخدمها هؤلاء ليحققوا أعلى المرابح في البورصة السياسية الإسرائيلية، فهذه البورصة تدار بأحط قدر من المعايير، ذلك أنه في الوقت الذي يعلو فيه صوت الاستيطان مثلاً، فإن هناك إحصائيات واستطلاعات تشير إلى أن قرابة ثلاثين في المئة من هؤلاء المستوطنين يدرسون في هذه الأيام الثمن الذي يمكن أن يقبضونه لقاء مستوطناتهم، وأن معظم وزراء هذه الحكومة التي يقودها نتنياهو يدرسون بجدية ما هو الأفضل لهم، هل البقاء مع نتنياهو أم تركه يغرق وحده ويفشل وحده، بل إن لسان الحال في هذه الحكومة الإسرائيلية يقول للحليف الأكبر أميركا، ما دمتم قد تخطيتمونا في الاتفاق مع إيران، فاتركونا مع الفلسطينيين نفعل ما نريد!
ولكن مجمل الوضع يتبلور في أن هذه الحكومة الإسرائيلية، حكومة المستوطنين والمتطرفين والمزايدين الانتهازيين غير قادرة وغير راغبة في أن تكون شريكاً في أي عملية سياسية تؤدي إلى السلام، فماذا نفعل؟
وهذا السؤال نطرحه وقد خطونا منذ نهاية عام 2012 خطوات مهمة إلى الأمام لا تراجع عنها، فقد حصلنا على قرار مهم من الأمم المتحدة كعضو مراقب في الأمم المتحدة، ودخلنا قبل أيام في عضوية خمس عشرة اتفاقية ومعاهدة دولية، ونجحنا في جعل إسرائيل تكشف عن نواياها الخبيثة علناً من خلال تهديدات وتصريحات وعربدات نتنياهو وفريقه في ائتلاف الذئاب، وعندما تدفع خصمك إلى الكشف عن أعماقه العنصرية العدوانية المظلمة فهذا مكسب كبير لا يقدر بثمن، لأن هذا الخصم أو العدو يكون قد فضح نفسه بنفسه.
ولكننا ونحن نتقدم إلى الأمام، ونجعل عدونا عارياً أمام العالم، يجب أن نتحصن أكثر، ومن بين هذه الحصانة أن ننهي الانقسام، فهل حماس جاهزة لذلك، راغبة في ذلك، قادرة على ذلك إذ كانت راغبة؟ هذا ما سوف ينكشف يوم الإثنين المقبل حين يصل وفد المصالحة من رام الله إلى غزة، وقد يلح علينا السؤال وقتها إذا لم تكن حماس راغبة، أو إذا كانت راغبة ولكنها بحكم ارتباطاتها ورهاناتها غير قادرة، فماذا نفعل؟
هناك أسئلة تلاحقنا، وهناك حقائق نهائية ماثلة أمامنا، وفي مواجهة هذه الأسئلة والحقائق فإن علينا أن نخرج من الصندوق، وأن نبحث عن أجوبة وحلول، وأن نعيد صياغة أنفسنا لهذه المرحلة المتقدمة من الصراع التي وصلنا إليها بخيارنا، ذلك أن المكاسب والمصاعب تحملنا بأعباء جديدة ويجب أن نكون مستعدين.