تحقيق: امل خليفة- رام الله

خاص/ مجلة القدس، السابع عشر من نيسان يوم الأسير الفلسطيني، مناسبة وطنية يعبر خلالها الشعب الفلسطيني والعرب والمسلمون ومناصرو الحرية عن تضامنهم ومؤازرتهم لقضية الأسرى الفلسطينيين المحتجزين ظلماً في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ويعيشون ظروفاً منافية لكل القيم الإنسانية والتعاليم الدينية والمواثيق الدولية، وقد وضعت وزارة الاسرى وكافة القوى الوطنية والمؤسسات،  برنامجا تضامنيا يشمل فعاليات واسعة  تمتد لشهر كامل في كافة محافظات الوطن، وتمتد لتشمل التجمعات الفلسطينية في الشتات من أجل إعلاء صوت الأسرى والتضامن معهم والمطالبة بإطلاق سراحهم ووضع حد للممارسات الإسرائيلية الخطيرة بحقهم، وعلى رأس هذه الفعاليات هو إضراب الأسرى أنفسهم عن الطعام ودخولهم معركة الأمعاء الخاوية التي بدأت فعلا في بعض السجون.

 

أم رائد الحلبي والدة لأربعة أسرى خلف القضبان تحمل صور أبنائها الأربعة وتشارك في كافة الفعاليات التضامنية لنصرة ليس أبنائها فقط وإنما كافة الأسرى والمعتقلين، حزينة ودامعة والأسى يأكل ملامحها، تقول "في مثل هذا اليوم فرصتي لأقول للجميع بأن علينا أن نكون مع الأسرى كل يوم وليس فقط في ذكرى يوم الأسير ونضالنا المتواصل وبهذا الزخم يسّرع بالإفراج عن الأسرى وأنا لست أم لأربع أسرى فقط بل أم لـ 4600 أسيرة وأسير في سجون الاحتلال وأتمنى أن يستمر التضامن مع الأسرى بشكل متواصل من أجل الضغط على دولة الاحتلال حتى تفرج عن كافة الأسيرات والأسرى"، متابعة "يجب أن يستمر التضامن مع الأسرى على الأقل من أجل تخفيف المعاناة عنهم وعن ذويهم فأنا كما بقية أهل الأسرى نعاني ألم الفراق لأبنائنا ونعاني أثناء الزيارة من قسوة الإجراءات المتبعة ضدنا لم يجتمع أبنائي سوية منذ العام 2004 فهم مشتتين بين سجون مختلفة وكثيرا ما تمنعني سلطات السجون من زيارتهم بحجج أمنية وتقوم بمعاقبتهم وحبسهم في الزنازين الانفرادية كبقية الأسرى".

 

"لن يهنأ لنا بال حتى يتم الإفراج عنكم"

والدة الأسير علاء فقهاء والمحكوم سبعة عشر عاما احتارت كيف تبدأ الكلام، بوصف معاناتها في زيارة ولدها أم بوصف معاناة ولدها داخل الأسر "أود أن أذكر هنا معاناة أهل الأسرى أثناء الزيارة فنحن قبل أسبوع يجب أن نتأكد من موعد الحجز للزيارة مع الصليب الأحمر الدولي ويوم الزيارة يجب أن نتواجد في الصباح الباكر حوالي الساعة الثالثة فجرا ونصل إلى السجون حوالي الساعة الثانية عشر ظهرا وننتظر لساعات حتى يسمح لنا بزيارة أبنائنا من خلف الزجاج ولمدة 45 دقيقة فقط بعدها ننتظر الساعات الطويلة حتى نصل إلى بيوتنا وغالبا ما يكون ذلك في ساعات المساء كل هذه المعاناة من أجل رؤية أبنائنا لدقائق ناهيك عن سوء المعاملة والتفتيش القسري والمهين لنا، وكثيرا ما  تفاجئنا إدارة السجون الإسرائيلية بمنع الزيارة".

 أما بالنسبة لهذا اليوم، فتتمنى من الجميع مساندة الأسرى والتفاعل مع البرامج التي وضعتها وزارة الأسرى والمحررين، مطالبة الشارع الفلسطيني "بضرورة المشاركة الفاعلة لمساندة قضية الأسرى، خصوصا مع بدء الإضراب المفتوح عن الطعام في سجون الاحتلال. فهم اليوم يذوقون ألم الجوع والعطش لوحدهم، ولا يعلم حجم معاناة الأسرى إلا الأسرى أنفسهم وأهاليهم، ويجب علينا أن نقف معهم على الأقل بيوم واحد من كل أسبوع ولمدة ساعة من قبل المدارس والدوائر الحكومية والأهلية للتضامن معهم. وأقول لجميع الأسرى نحن معكم ونشعر بألمكم ومعاناتكم والفرج القريب لكم إن شاء الله ولن يهنئ لنا بال حتى يتم الإفراج عنكم جميعا وإن ذلك على الله لقريب".

 

 تحدي عدونا لا يكتب له النصر إلا بالوحدة

"أتذكر اليوم المعاناة التي عشتها في سجون الاحتلال وأقول أنها موجودة ولن تزول حتى يتم الإفراج عن جميع الأسرى من السجون الإسرائيلية. وأتمنى على الشعب الفلسطيني أن يتضامن مع كل الأسرى وأن تنزل كل فئات الشعب إلى الشارع من أجل التضامن مع لإعطاء الأسرى الدعم الذي يساند إضرابهم من أجل تحقيق مطالبهم العادلة والكاملة والتي أخذت منهم عبر السنين، فالمعاناة التي يتحملها الأسرى اليوم هي مجحفة بحقوقهم وقاسية عليهم لذا يجب علينا أن نكون على قدر التحدي وأن نبذل كل جهدنا لتحقيق هذه المطالب".

كلمات من القلب عبر خلالها الأسير المحرر فخري البرغوثي عن مشاعره وألمه، مؤكدا أهمية تفاعل الشارع الفلسطيني مع البرامج التضامنية مع الأسرى، فلا قيمة لها اذا لم يتفاعل الشارع الفلسطيني معها. وعلى ضرورة عدم الاكتفاء بأسبوع أو شهر للتضامن مع قضية الأسرى وإنما تواصل الفعاليات على مدار العام من أجل تذكير العالم بقضيتهم ومن أجل الضغط المستمر على هذا العدو المتغطرس، مشيرا الى أن المطلوب من وزارة الأسرى ومن بقية الفعاليات الوطنية حث الشارع على مساندة الأسرى في إضرابهم عن الطعام ولا يجب أن نكتفي بالكلمات وبالتصوير التلفزيوني والخطابات وإنما زخم الشارع هو الذي يضغط على المحتل وعلى المجتمع الدولي. متوجها للأسرى بالقول بأن الوحدة الوطنية هي أقوى الأسلحة في مواجهة هذا العدو وهذا السجّان المتغطرس وتحدي عدونا لا يكتب له النصر إلا بالوحدة.

 

نسعى إلى تدويل قضية الأسرى

جميع القوى الوطنية الفلسطينية تشارك في الفعاليات الشعبية والجماهيرية لمساندة الأسرى سواء في الضفة الغربية أو غزة والقدس وفي أراضي ال48 وكذلك في مخيمات اللجوء والشتات وفي كل العواصم، فالأحرار والمتضامنون مع شعبنا الفلسطيني أكدوا اليوم على تضامنهم الكامل لنصرة الأسرى في معركتهم من أجل الحرية والاستقلال وضد ما يتعرضون له من تعذيب وحرمان وعزل وإهمال طبي متعمد خاصة الأسرى القادة والأسرى القدامى وأعضاء التشريعي والنساء والأطفال. لذا لا بد من وجود تكامل للدور الشعبي والجماهيري وللدور الرسمي أيضا من أجل إطلاق سراح جميع الأسرى دون قيد أو شرط أو تمييز حيث تحاول حكومة الاحتلال أن تبقيهم كورقة ضغط وابتزاز ضد الحكومة والقيادة الفلسطينية.

بهذه الكلمات بدأ د. واصل أبو يوسف أمين عام جبهة التحرير الفلسطينية وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حديثه، مؤكدا على ان  كافة فصائل العمل الوطني والقيادة الفلسطينية تسعى لتدويل قضية الأسرى وان هناك مسؤولية مضاعفة أمام مؤسسات المجتمع الدولي القانونية والإنسانية  تجاه قضيتهم وخاصة مجلس الأمن والجمعية العامة لمجلس حقوق الإنسان خاصة وأن الأسير الفلسطيني يتعرض لأبشع أنواع التعذيب والهمجية في زنازين الاحتلال وتمنع الزيارات وخاصة للمناضلين من الشعب الفلسطيني الصامد في قطاع غزة وكذلك سياسة العزل وسياسة الاعتقال الإداري. ، وقال "نحن نعتقد بأنه آن الأوان لتسليط الضوء على معاناة هؤلاء الأسرى وهؤلاء الأبطال في زنازين الاحتلال من أجل إطلاق سراحهم جميعا. وهذه الفعاليات التضامنية ستتواصل خصوصا مع بدء الأسرى الإضراب المفتوح عن الطعام، لتحقيق أكبر مكسب لإخواننا الأسرى وهو الإفراج العاجل وتبييض السجون".

 

يجب أن يكون كل يوم هو يوم للأسرى 

 

فاطمة الصوص إحدى النشطاء في مجال حقوق المرأة والطفل تؤكد على دور كافة المؤسسات المدنية في التضامن مع الأسرى في سجون الاحتلال مشددة على ان بقائهم في الأسر يتنافى مع الحقوق الإنسانية والدولية ومع كافة المعاهدات والاتفاقات، معلنة  عن مشاركتهم ضمن المؤسسات الفلسطينية المدنية بتنفيذ فعالية التضامن مع الأسرى كلا في مكانه من مدينة رام الله إلى جنين إلى مدينة القدس الحبيبة. واستنكرت ممارسات الاحتلال الذي لا يراعي  أبسط الحقوق الإنسانية ولا يطبق الاتفاقات والمعاهدات الدولية الخاصة بالأسرى، مردفة "يجب أن يكون كل يوم هو يوم للأسرى وليس فقط الرابع عشر من نيسان لأنهم ضميرنا ومستقبلنا ولا سلام ولا هناء دون تبييض السجون من الأسرى الذين بذلوا حريتهم وزهرة شبابهم في الأسر من أجل حرية الأرض والشعب. فأقل القليل تجاههم هو مساندتهم والخروج للشوارع للتظاهر لتذكير العالم بعدالة مطالبهم". واشارت الى أنه "على كل الأمهات الوقوف مع الأسرى وليس أم الأسير فقط، فالأسرى هم أولادنا وفلذات أكبادنا يعانون داخل السجون وهذه قضية عادلة على الجميع مساندتها، فنحن نطالب بحقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل ونتراخى مع حقوق الأسرى هذه الازدواجية يجب أن تنتهي ويجب على الجميع تحمل مسؤولياته تجاه قضية الأسرى".

 

لم يبق أمامنا سوى الحشد لنجدة أبنائنا من الظلم والظالم

 

وللاطلاع مفصلا على برامج التضامن مع الأسير الفلسطيني كان لقاء مع وزير الأسرى والمحررين عيسى قراقع الذي أوضح أن الفعاليات التي بدأت منتصف شهر نيسان  هي عبارة عن برامج عديدة في كافة المحافظات، تتضمن ورشات عمل وندوات ومهرجانات أطفال لأبناء الأسرى ومسيرات جماهيرية لنصرة ومساندة أسرانا البواسل خلف القضبان، كذلك هناك تكريم لأهالي الأسرى في محافظات الوطن في رام الله وأريحا ونابلس وسلفيت وبيت لحم وقلقيلية. وأيضا هناك مهرجانات في الخارج في لبنان وسوريا، وهذا كله نتيجة العمل الجماعي بين وزارة الأسرى ونادي الأسير وكافة الفئات المجتمعية والقوى الوطنية والسياسية، ليس إلا لأهمية هذا الحدث المستمر منذ بداية الاحتلال، فأسرانا يعانون داخل السجون وإسرائيل لا تطبق المعاهدات والاتفاقات ولا تعترف بها، فلم يبقى أمامنا سوى الحشد لنجدة أبنائنا من الظلم والظالم، وها هم يبدؤون إضرابهم عن الطعام والذي يمكن ان يودي بحياتهم.  

أما عن التصور القانوني الداعم لتعزيز صمود الأسرى، يشرح قرائع "بدأنا بتدويل قضية الأسرى والمعتقلين وطرحها على مؤسسات الأمم المتحدة وبحضور مؤسسات حقوق الإنسان الدولية من أجل أن تكون هذه القضية، قضية دولية بالأساس ومن أجل أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته في الدفاع عن المعتقلين. كما عقدنا مؤتمرات ولقاءات عديدة مع مؤسسات حقوقية، وتم عقد مؤتمر تحت رعاية الأمم لأن هذه القضية إنسانية وعالمية وهناك دور ومسؤولية للمجتمع الدولي من أجل توفير الحماية للمعتقلين في سجون الاحتلال ومن أجل إلزام دولة الاحتلال الالتزام بالقوانين الدولية ذات الشأن والاختصاص". وبهذا الاطار دعا المنظمات الدولية والحقوقية المعنية بالتفاعل مع معاناة أسرانا في سجون الاحتلال ونخص منهم المرضى والمعاقين وكبار السن والأطفال والأسيرات والمعزولين في زنازين ضيقة لفترات طويلة، مطالبا بإرسال لجنة تحقيق دولية للتحقيق في الظروف المتردية داخل السجون وملاحقة ومحاسبة المسؤولين الإسرائيليين، وفرض مقاطعة أكاديمية وثقافية واقتصادية وسياسية لعدم التزامها بقرارات الأمم المتحدة خاصة وأنها دولة كاملة العضوية في الهيئة الدولية.

وعلّق قراقع، بأنه من المهم جدا أن يكون الأسرى موحدين في هذه المعركة ولا يجوز الانقسام داخل السجون لأن الانقسام يعطي الفرصة للانقضاض عليهم من قبل إدارة السجون، داعيا لوحدة الحركة الأسيرة ولإعادة النظر والتوافق ما بين كافة التنظيمات في داخل سجون الاحتلال لوضع تصور موحد، ولدراسة الإمكانيات الداخلية حتى تنجح هذه المعركة لأن انكسار الإضراب سيعيد الأوضاع لأسوأ مما هي عليه الآن، معربا عن تخوفه من أن انقسام الحركة الأسيرة وعدم الاتفاق على لغة وقيادة واحدة يشكل خطرا على تحقيق مطالب الأسرى ولا يجوز الاختلاف حول خطوة نوعية، لأن إدارة السجون قد تستغل فرصة عدم وجود توافق على الإضراب لكسر شوكته، والاستفراد بالمضربين.