حزب الليكود امسى حزب المستوطنين. يوما تلو الآخر تتسعدائرة نفوذ عرابي الاستيطان في مركز القرار الليكودي. ولعل ما يجري من جدل محتدم بيناقطاب الليكود: وزراء ونواب واعضاء لجان مركزية وكوادر من جهة وبين وزير الحرب ايهودباراك بشأن الحي اليهودي الاستعماري «هأولبانا» في مستعمرة بيت ايل، الواقعة الى شمالمدينة البيرة، يعكس تصالح حزب الليكود مع برنامجه الاستعماري، القائم على ضم الاراضيالفلسطينية في عموم الضفة الفلسطينية وفي مقدمتها القدس الشرقية.

الحي المذكور أقرت المحكمة العليا الاسرائيلية بازالتهقبل نهاية الشهر الحالي، لانه مقام على أراضي فلسطينيين. لكن اقطاب الاستعمار الليكودينتنياهو، يعلون اسرائيل كاتس، وليمور لفنات فضلا عن موشيه فيغلين، الذي نافس زعيم الحزبعلى رئاسته (الليكود) ومن معه من قطعان الاستيطان والمستوطنين من قادة الحزب، رفضواالقرار. وعقدوا مؤتمرا في «هأولبانا» للتصدي لقرار المحكمة واستعداد باراك لتنفيذه،والتهديد بحل الائتلاف الحكومي كما اعلن موشي يعلون اذا ما نفذ قرار المحكمة. ليس هذافحسب، بل ان هدف المؤتمر الاستيطاني الاستعماري، هو العمل على ضم الضفة الفلسطينية.

وتفاديا لحل الائتلاف، دعا نتنياهو الى ايجاد حل بديلللهدم من خلال اضفاء الشرعية على منازل المستعمرين في الحي، وفق ما جاء في صحيفة «معاريف»الاسرائيلية. الامر الذي يعمق الخلافات في اوساط الائتلاف اليميني المتطرف. ليس لأنالرافضين لتوجهات نتنياهو وفيغلين ويعلون وكاتس ومن لف لفهم، اقل تطرفا وعنصرية ورغبةفي الاستيطان الاستعماري، وانما حرصا منهم على عدم احراج اميركا في عام الانتخاباتالرئاسية؛خاصة وان الادارة الاميركية تمارس ضغطا قويا على الرئيس محمود عباس لعدم اتخاذخطوات تحرج الادارة مع اسرائيل والايباك الصهيوني في اميركا حتى نهاية العام الحالي؛وايضا لذر الرماد في عيون الرأي العام العالمي، ولقطع الطريق على الذين يعملون لتوسيعدائرة عزلة دولة الابرتهايد الاسرائيلية. لاسيما ان صورة اسرائيل في اوساط الرأي العامالاوروبي والاميركي والعالمي عموما بعد الاعتداءات المباشرة والعنصرية من قبل ضباطالجيش الاسرائيلي كما فعل المقدم ايزنر وغيره ضد المتضامن الدنمركي ومتضامنين امميينفي مطار بن غوريون ومطارات اوروبا المختلفة، باتت صورة قاتمة وسوداوية.

مع ذلك يبدو ان الامور تتجه لانفراط عقد التحالف واعادةصياغته بما يتوافق ورؤية قطعان المستوطنين الاستعماريين. وهذا يعني تقريب موعد الانتخاباتالتشريعية، وهو ما يدعو له رؤفين رفلين، رئيس الكنيست وغيره من اقطاب الليكود. لا سيماوان استطلاعات الرأي تعطي حزب الليكود نصيب الاسد من كعكة الكنيست المقبلة. وهو مايمكن ان يغري نتنياهو، رئيس الحكومة للدعوة لتقريب الانتخابات، والتخلص من الاصواتالتي تعكر سياسات الليكود الداخلية والاستعمارية في الاراضي الفلسطينية المحتلة عام67.

موقف نتنياهو، يعلون، ليفنات، كاتس وفيغلين وغيرهم منقيادة الليكود تطرح على اقطاب العالم وخاصة اقطاب الرباعية الدولية وايضا الدول العربيةجميعها وخاصة الدول اعضاء مبادرة السلام العربية الاسئلة الصعبة، التي طرحها ويطرحهاالقادة الفلسطينيون وفي طليعتهم الرئيس ابو مازن عليهم مجتمعين وفرادى، وخاصة ممثلالادارة الاميركية ديفيد هيل، الى متى ستبقى دول العالم تضع رأسها في الرمال الاسرائيلية؟ومتى يمكنها الدفاع عن خيارها، خيار حل الدولتين للشعبين على حدود الرابع من حزيران67؟ وهل تريد حقيقة تسوية سياسية، وتريد ان ترى دولة للفلسطينيين مستقلة وتعيش جنباالى جنب مع دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية ام لا؟ وكيف يمكن تحقيق عملية السلام؟هل باستجداء القيادات الاستعمارية العنصرية الاسرائيلية ام بالزامها عبر اتخاذ سلسلةمن العقوبات والاجراءات الاقتصادية والديبلوماسية والامنية؟ وألم يحن الوقت لاسقاطخيار الحرب الاسرائيلي؟ وعلى ماذا تراهن اميركا والاتحاد الاوروبي والاتحاد الروسي؟

الاسئلة تبز الاسئلة ولكن المطلوب جواب واحد فقط واضحومحدد دون غموض او التباس، هل يريد العالم السلام ام لا؟ وان كان يريد السلام فهل يجبالتساوق مع جرائم وارهاب دولة اسرائيل المنظم ام الزامها باستحقاقات عملية التسويةومرجعياتها؟

أياً كان الجواب، فان الوقت يمضي، وحكومة نتنياهو تسيربخطى حثيثة دون تردد او توقف في خيار تعميق الاستيطان الاستعماري عبر مواصلة تهويدومصادرة الاراضي وتشريع البؤر الاستيطانية الاستعمارية كما في حي «هاولبانا» في مستعمرةبيت ايل وفي القدس الشرقية والخليل وبيت لحم وغيرها من المدن والقرى الفلسطينية، الامرالذي يفرض على القيادة الفلسطينية عدم انتظار الرحمة من اميركا اوباما ولا من غيرها،بل القاء الكرة في مرماهم من خلال التوجه للامم المتحدة للحصول على العضوية غير الكاملةكخطوة على طريق تعميق الدفاع عن المصالح الوطنية العليا، وفي السياق على قادة حماسالكف عن العبث بمصير المصالحة الوطنية، والعمل على ردم الهوة والاندفاع نحو بناء جسورالثقة مع القيادة الشرعية والالتزام بما ورد في اعلان الدوحة وورقة المصالحة المصرية.لاخراج الشعب من عنق الزجاجة وتعزيز عوامل الصمود لمواجهة التحديات الاسرائيلية.