كشف جيش الاحتلال ما وصفها اسرار كتيبة جوز الهند التياجتاحت المقاطعة برام الله قبل 10 سنوات حتى بلغ الامر ان جدارا واحدا ظلّ يفصل بينعرفات وبين جيش الاحتلال خلال عملية اطلق عليها جيش الاحتلال اسم 'الجدة' او 'الختيارة'

وقالت الوثائق ان البرد كان شديدا والامطار غزيرة بعديوم من انفجار فندق بارك، حين اصدر شارون اوامره باعادة احتلال الضفة الغربية، وكانجنود كتيبة جولاني ينتظرون بدباباتهم وجرافاتهم في ساحة منزل حنان عشراوي لحين صدورالاوامر باقتحام المقاطعة ومكتب عرفات، بشرط عدم قتل الرئيس عرفات. هكذا كانت الاوامر.

ولاول مرة يعترف احد الجنود الاسرائيليين الذين شاركوافي اقتحام المقاطعة لصحيفة 'يديعوت احرونوت' الناطقة بالعبرية، كانت 3 امتار تفصلناعن الرئيس عرفات وكان حراسه الشخصيون على مرمى بنادقنا ونراهم من النافذة، بل اننااستخدمنا جهاز التلفزيون في الغرفة المجاورة لغرفته لمتابعة اخبار الاجتياح ، لقد كانمشهدا ساخرا للغاية، على حد قوله.

وبعد عشر سنوات يقول الجنود ان عملية اجتياح المقاطعةفي رام الله كانت من اكثر العمليات حساسية وخطورة لان كل العالم اهتم بها سياسيا وامنيا،وان قرار العملية كان اتخذ بعد ساعات من عملية حماس التفجيرية في فندق بارك، وليس كمااعلنت اسرائيل سابقا على لسان قائد الجيش موفاز، والذي قال حينها ان كل الامر كان صدفةوان سائق دبابة عصا الاوامر الرسمية، ووصل الى المقاطعة صدفة !!!!!

وتقول اسرائيل انه وبعد ان قام شاب من حماس بتفجير نفسهبتاريخ 27 مارس 2002 في غرفة الطعام في فندق بارك بمدينة نتانيا وتسبب في قتل 30 اسرائيلياوجرح 160 اخرين، كانت النتيجة اعادة احتلال الضفة الغربية ومحاصرة عرفات لحين وفاته.بل وتكشف الوثائق الجديدة ان قرار شارون كان حينها اعادة احتلال الضفة الغربية واجتياحالمقاطعة لفترة غير محدودة زمنيا !!!

وفورا وبعد عملية حماس جرى نقل شارون بطائرة هيلوكبترمن مزرعته ببئر السبع وترأس اجتماعا للكابينيت، وكانت الدماء تغلي في عروق شارون ووزراءالكابينيت، وتم اتخاذ قرار تحميل عرفات المسؤولية عن عملية حماس !!!!

ورغم ان عرفات كان وافق على مقترح المبعوث الامريكيانتونيو زيني لوقف اطلاق النار الا ان شارون والكابينيت قرروا تحميل عرفات المسؤوليةخلال الجلسة العاصفة، وحسبما يعترف وزير الجيش حينها فؤاد بن اليعازر فإن عددا من الوزراءطالبوا خلال الجلسة اغتيال عرفات، الا ان القرار الرسمي كان عدم المس بحياة عرفات خلالالاجتياح.

وتكشف الاعترافات ايضا ان شارون كان يكن كراهية شديدةوشخصية لياسر عرفات وانه لم يكن يخفي ذلك ابدا، وكان يقول ان بينه وبين عرفات حسابطويل وان شارون وعد الرئيس الامريكي بوش ان يقتل عرفات ... وحسب اعترافات مدير مكتبشارون اوري اشني : كان شارون مستعدا لتقديم تنازلات قاسية ، الا اننا جميعا في المكتبكنا نعرف انه لم يتنازل عن امنيته ان يقتل ياسر عرفات رغم صعوبة الامر. 

وقد اوكل شارون مهمة اجتياح المقاطعة لكتيبة جولاني،وكانت الاوامر، اجتياح المقاطعة وتدميرها ومحاصرة عرفات في غرفة مكتب واحد وليس فيالمبنى كله، بل غرفة واحدة .ومن بين الاهداف الفرعية اعتقال مطاردين مختبئين بالمقاطعةومصادرة اوراق ووثائق تدين تورط عرفات في العمليات ضد اسرائيل، وهي من اهم الاثباتاتالتي كان شارون يريدها من اجل تبرير ما يفعل.

ويعترف العقيد الاسرائيلي ايلان باز والذي كان يتولىحينها مسؤولية جيش الاحتلال عن منطقة رام الله : قبل شهرين من اجتياح المقاطعة صدرتالي الاوامر ان امنع حركة عرفات وان امنع وصول الهيلوكبتر اليه وعدم تمكينه من المغادرةالى الاردن والى مصر وقمنا بتقييد حركته وحاصرناه في داخل مدينة رام الله .وعلى هذاالاساس قمنا بتقسم رام الله الى 3 مناطق عسكرية وكل منطقة وضعنا عليها كتيبة بالتزامنمع اعادة احتلال المدن الاخرى في الضفة .. وكان جنود كتيبة جولاني قبلها عملوا في جنينوطولكرم والبيرة. 

ويضيف ايلان باز : كانت الفرقة الخامسة في اجازة وكنافي البيت لنحتفل بعيد الفصح لا سيما واننا كنا فقدنا 16 جنديا في معركة جنين ولكن وعندوقوع عملية فندق نتانيا ، عدنا للقواعد فورا الساعة 8 مساء . وكان ما يشغلنا حينهاهو تقديم المخرج محمد البكري للمحاكمة لانه انتج فلم جنين جنين حينها ونال غضبنا .

ضابط احتياط يدعى عمر بار ليفي وكان نائب وحدة مشاةفي جولاني قال : كنت في منزل والدي في بئر السبع وسمعت عن العملية في فندق بارك وجرىاستدعائي وكنت اشعر اننا ذاهبون لعملية كبيرة ولفترة طويلة ولكن لم يخطر ببالنا انناذاهبون لاحتلال المقاطعة واننا سنصل حتى عرفات شخصيا !!

اما تشيكي تامير وهو ضابط مدفعية فقال : حين رأينا المدفعياتعرفنا ان الامر كبير وبما انه لم يكن لدينا من قبل خطة جاهزة لاحتلال المقاطعة جلسناووضعنا خطة عاجلة لمحاصرة مكتبه من دون ان نقتله هو او حاشيته .ويبدو ان الفلسطينيينفهموا ذلك فورا فقاموا بنشر وحدات ال17 الرئاسية حول عرفات في المقاطعة ... ولكن المخابراتالاسرائيلية فورا زودتنا بمعلومات عن عرفات وفي اي غرفة كان يتواجد حينها . 

القوة المدفعية للوحدة 12 تحركت منتصف الليلومعها قواتراجلة منها وحدة جوز الهند ودوريات الكوماندوز والمستعربين من وحدة الكرز باتجاه الهدف، وكان الجو عاصفا ، والامطار شديدة والحركة صعبة وكانت حركة المدافع تصدر ضجة عاليةجدا اثناء حركتها ، وقد فاجئنا قوات الحراسة الفلسطينية اننا نحاصرهم من كل الجهاتواعتقلنا 150 فلسطينيا قبل ان نصل للمقاطعة حاولوا المقاومة واعتراض طريقنا .

جلعاد مسؤول في وحدة جوز الهند يقول : هطلت امطار غيرمسبوقة ومن شدة البرد لم نعد نشعر بأيدينا ولكننا واصلنا حتى وصلنا المنازل المجاورةللمقاطعة ودخلنا احد المنازل الذي استخدم لاطلاق النار ضدنا واصيب حينها الضابط بوعازبومببرنتش ... وكانت الدبابات تضرب في هذا الجدار او هذا ونحن نتقدم ببطء لحين وصلناواختبئنا - اخدنا ساتر هناك .فيما تستر جنود جوز الهند وراء سور منزل حنان عشرواي ،اما الوحدة 12 فقد اخدت الجرافات وبدأت بهدم اسوار المقاطعة وفتحت للدبابات الطريقواقتحمنا المقاطعة من 3 جهات اما الكوماندوز فهم الذين اقتحموا داخل المبنى مع قوةنصف مجنزرة ولم يبق سوى جدار بيننا وبين عرفات .

ولكن رجال عرفات ظلوا يطلقون النار ، وقام قناص من حراسعرفات باصابة الرقيب رومان شيلافشتين من كتيبة جولاني فقتله على الفور ، ولكننا واصلناالتقدم وحصلنا على اورواق واسرار ومفاجئات ، حيث كانت هذا القوة التي اقتحمت مكتب عرفاتلها خبرة في محاربة حزب الله وتشتبه باي شئ واي جسم ، ولا يؤمنوا ابدا بعبارة ( كنتاعتقد( . 

ويقول : في مكتب مسؤول مالية عرفات وجدنا اموال نقديةكثيرة لكن اتضح لنا لاحقا انها كانت مزيّفة ، وكنا نريد ان نثبت ان عرفات متورط بالارهاب، وفي احدى الغرف وجدنا كيس ملئ باشتال المارغوانا ، وقمنا بجمع كل ما حصلنا عليه فياكياس واخدناه بسرعة الى داخل احد المنازل المجاورة .

بار ليفي يقول : عثرنا على اموال اسرائيلية مزيفة وعثرناعلى سيارة مرسيدس ، وحين رأيت المرسيدس حينها فقط عرفت انني في المقاطعة وكدت لا اصدقنفسي.

الضابط تشيكي تمير يقول : حين حاصرناه كان عرفات يغلي، وكنا ننظر اليه من النافذة فقام بفتح الاباجور دون اي خوف ومن دون اي حماية واطلعلينا ، نحن فوجئنا واعتبرنا انفسنا لم نراه ، ولم نطلق النار عليه .

وبعد يوم واحد فقط جرى نقل المسؤولية عن العملية للكتيبة500 وجرى ارسال جولاني لمواجهة القتال المستعر في قصبة نابلس وازقة جنين ، ولكن الكوماندوزظلّوا يحاصرون مكتب عرفات بشكل خانق لمدة 31 يوم . وكان الجنود الاسرائيليون ليل نهاريرتدون الواقي من الرصاص خوفا من حراس عرفات . 

وتحت عنوان فرعي ( حراس عرفات كانوا يقومون بحيل والاعيب) تقول يديعوت احرونوت : كان الجنود لا يصدقون انه وراء هذا الجدار يجلس عرفات بل كانوابفكرون في رفاقهم الجنود الذين قتلوا في العملية وفي زوجة واولاد يجب ان نعود لهتمبهم.

وبالمقابل عن نفسية رجال عرفات تقول يديعوت احرونوتان جهاد جعارة من قادة الانتفاضة الثانية ومن مؤسسين كتائب شهداء الاقصى قال : انااشعر بالحنين الى المجاري المكشوفة في مخيم العروب والى أيام الحصار في كنيسة المهد. بل ان عرفات ورجاله كانوا يضحكون بصوت عال ونحن نسمع عرفات وهو يقهقه ويضحك لكننالا نحرك ساكنا وكنا نعرف انه يريد ان يلعب باعصابنا . وكان الجنود الاسرائيليون يفتشونالطعام ويتحكمون بكل شئ يدخل لغرفة عرفات في المقاطعة التي هدمناها ودمرناها وجعلناهاخرابا