صرَّح الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن بأن العائق الأكبر الذي يقف أمام طريق المفاوضات هو البناء في المستوطنات وفي القدس الشرقية ،وإسرائيل غير مستعدة لتحديد الحدود التي من المفترض ان يتم التفاوض عليها .. بهذا التصريح يمكن أن نفهم ما يدور في الغرف المغلقة والتي تتم فيها الاجتماعات والمباحثات والمفاوضات التي تمت في الأردن والتي سميت بـ ' استكشاف الطريق ' .. لقد ظهر أن الطريق مغلقة وأن الأضواء مطفأة وأنه لا مجال لبناء آمال جديدة في مكان لا تسكنه إلا عقلية الاحتلال الإسرائيلي والتنصل الأوروبي والأمريكي من التزاماته ومحاولته البائسة لفرض واضع جديد في طريق مظلم .. نتائج الاستكشاف تقول أنه يوم الأربعاء الماضي انتهت الاجتماعات ' وبعضها كان صاخب ' بين كل من إسحاق مولخو وصائب عريقات في الأردن بدون إحراز أي تقدم .. يجب أن نضع كلمة ( أي ) بين قوسين لأنها تحدد معالم المرحلة القادمة .. من هذه المعالم الأولية أنه لن يتم انعقاد اجتماع آخر تحت رعاية المملكة الأردنية وان القيادة الفلسطينية ستبدأ في تنسيق إجراءاتها القادمة مع جامعة الدول العربية .. وهنا على الجامعة العربية أن تتعرف جيدا على معالم الطريق القادمة في ظل الربيع العربي وحساسية الوقائع على الأرض الفلسطينية والحراك الدولي والمصالحة الفلسطينية وكثير من الملفات المفتوحة .. وبالتالي فإن ( إعطاء الفرص ) أشبه بمن يضع ' المخدر ' في كأس حليب طالب على وشك الذهاب للامتحان .. لا مجال لحسن النوايا .. المطلوب اليوم هو الفعل والبناء التصاعدي في المؤسسات الدولية وذلك للضغط المتواصل .. إسرائيل يمكنها أن تستمر في المباحثات لألف سنة قادمة وفي كل سنة تستفسر عن البقرة ما لونها وما حجمها .. إسرائيل سوف تواصل سياسة الرفض لأي تقدم ينتهي بالسيادة الفلسطينية ، ضعوا أيضا هنا كلمة ( أي ) بين قوسين .. فهذا هو الهدف الذي يعمل المستحيل من أجله الفلسطينيون ليصلوا له .. فالهدف ليس المفاوضات التي تعتبر أداة وليست استيراتيجية في العمل الدبلوماسي الفلسطيني وكما نصت عليه استيراتيجية وتوصيات المؤتمر السادس لحركة فتح في أغسطس 2009 م .. وبالتالي فهي أداة ' طريقة ' لا يمكن أن تستمر بلا نهاية أو إلى ما لا نهاية تحت أي مسمى ،ولا مجال أيضا لكي نسجل نقاط تفاؤلية أو تحذيرية ( إما المفاوضات أو التدمير أو إنهاء المشروع ) .. وهذه المرة كانت الأجندة الفلسطينية معروفة للكل الفلسطيني وفي هذا إشارة إيجابية .. نحن ذاهبون لكي يتم الاعتراف بالحدود وبالتالي الدولة الفلسطينية .. وحين تواصل إسرائيل سياسة الرفض والمماطلة والتهرب والتصريحات الشفهية التي لا تفيد في السياسة .. يكون القرار الفلسطيني من خلال الرئيس أبومازن (أن المباحثات قد انتهت ) .. وفي المقابل نجد أصحاب نظرية ( الأمن الإسرائيلي مصلحة حيوية لأمريكا ) يدخلون على الخط مباشرة ليقولوا : (إن المباحثات تحتاج المزيد من الوقت ) .. وهنا سوف ننتظر قرار الجامعة العربية .. النهاية أم المزيد من الوقت .. إن بند الحدود كان يعد من احد مطالب الفلسطينية للاستمرار في مباحثات عمان .. المطلوب من الجامعة العربية أن يكون الاعتراف بالدولة الفلسطينية بحدودها وسيادتها احد المطالب العربية ،و الفلسطينية للرد على المطالب الأمريكية بما تطالب به ( منح المزيد من الوقت ) .. إن الظروف التي تقع فيها الدبلوماسية الفلسطينية حساسة للغاية ، فإسرائيل تقوم بعمل تكتيكات بإطلاق تصريحات تهدف لإرسال رسائل إعلامية لإجهاض الجهود المتقدمة والمثمرة التي نجح فيها وبها الفلسطينيون على المستوى الإقليمي والدولي ... وفي هذا تعقيد وتصعيب للأمور وأيضا رمي كرات النار الملتهبة في وجه المفاوض الفلسطيني .. هذه الكرات الملتهبة لن تضيء الطريق المغلق بل ستحرقه بالكامل ، إسرائيل تتهرب حتى من هذا الطريق المغلق وتربك كل الجهات التي تجتمع لدفع العربة من جديد .. وربما هذا ما عبرت عنه الناطقة الرسمية باسم وزارة الخارجية الأمريكية – فيكتوريا نولاند بالتعقيب علي المباحثات وقالت انه ” ان كلا الطرفين في حاجة لبعض الوقت للتفكير ومراجعة الأمور ونحن نأمل بأن تتوقف المباحثات لفترة قصيرة وان يتمكن الطرفين من العودة بأقصى سرعة ممكنة لطاولة المفاوضات ' .. فهي تعرف جيدا أن هذه المفاوضات قد فشلت فشلا ذريعا وسريعا ، وأنه عمليا لا يمكن العودة لها بسرعة السلحفاة ،أو بسرعة الصاروخ ..المطلوب اليوم من القيادات الفلسطينية أن تنهي ملف تطبيق المصالحة وتشكيل الحكومة وترتيب الأوراق الفلسطينية على أرضية الوحدة الوطنية وبالتزامن معها ترتيب الأوراق في منظمة التحرير الفلسطينية .. المطلوب هو قرار فلسطيني وبإسناد عربي .. المطلوب هو أن يكون هناك اجتماع دائم على المستوى الفلسطيني والعربي لقراءة كل الأحداث التي تلوح في الأفق والتي سوف تؤثر في القضية الفلسطينية وإعادة تقييم الجهد الذي بذل إلى الآن ..
كرات ملتهبة في طريق المباحثات / بقلم مازن صافي
28-01-2012
مشاهدة: 958
مازن صافي
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها