نفترض أن الشيخ اسماعيل هنية من قيادات حماس القلائل جدا الذين يعرفون جيدا اخلاقيات الرئيس ابو مازن في العمل الوطني والسياسي والدبلوماسي، كما نفترض أن حسن النوايا يجعل المرء لا يصدق كل ما يسمع, لكن أن يسارع الشيخ الى رمي (الفتيشة) اثر عودته من تونس فهو افتراء على شخص الرئيس ابو مازن، قبل تصنيفه بقلة اللياقة الدبلوماسية التي كان يجب ان يتمتع بها المتمسك بفخر حتى الآن بصفة رئيس الحكومة المقالة!!

حتى لو افترضنا أن الشيخ اسماعيل هنية سمع ما روجه انه سمع من شخصية رسمية رفيعة المستوى بتونس ان الرئيس ابو مازن طلب بمذكرة رسمية عدم استقباله في تونس فإننا نعتقد ان قليلا من المعرفة والشطارة في الأصول الدبلوماسية تقضي بألا يبوح بما سمعه, فما يقال بين القادة يبقى سرا, لكن ماذا نفعل إذا كان الاحساس بعقدة النقص قائما الى يوم الدين عند الذين وجدوا انفسهم بين يوم وليلة قادة ببدلات رسمية وكرافيتات ومسميات حلموا بها فوصلتهم على طبق من ذهب بفضل اصرار ابو مازن على مشاركتهم في الانتخابات كونهم جزءا من النسيج الفلسطيني وعليهم تحمل مسؤوليات المرحلة.

نحن على يقين ان الرئيس ابو مازن لم يفعلها ولن يفعلها – صدق الناطق الرسمي باسم الرئاسة وكذب الناطقون باسم حماس –حتى لو كان سمعها الشيخ اسماعيل من شخص بمرتبة VIP بتونس.

نفترض ان بعضا من الذكاء والحكمة يحض الشيخ اسماعيل لاعتبارها من نوع ( المعلومة الفتنة ) وانها ما قيلت له الا بغرض الاساءة لمكانة واخلاقيات الرئيس الشخصية والوطنية, هذا ان صدقنا اصلا انها قيلت له فعلا, اذ نفترض ان اخوتنا القادة الرسميين بتونس غير معنيين بهكذا فتنة خاصة وأنهم في وضع انتقالي يتطلب منهم اقصى درجات الحذر في التعامل مع القضايا العربية والدولية وتحديدا الموضوع الفلسطيني.. لكن ان يهمسها احد «الاخوان» في اذن الشيخ فيصدقها، فهذا يعني ان سوء النوايا فائض ليس من القائل «الفتان» وحسب وانما من السامع ايضا الذي سيكون موقفه احسن بمليون مرة لو رد على ناشر الفتنة: «لا أصدق هذا الكلام , فأنا اعرف ابو مازن» خاصة وان معظم قادة حماس اقروا بمصداقية ابو مازن في توجهاته على كل المستويات.

تصديق الشيخ هنية, وتكرير اشاعة ما سمع – هذا ان كان قد سمع – يعني تكذيب رئيسه خالد مشعل الذي اندهش من مصداقية ابو مازن في موضوع المصالحة والعمل الوطني واخلاصه لقضايا الشعب في العمل السياسي فالشيخ اسماعيل اراد بهذه الفرية الرد على مشعل ولكن عن طريق الاساءة لأبي مازن كحلقة من سلسلة الاساءة لقيادة حركة التحرر الوطنية, واستدرار عطف انصار حماس ومؤيديها من الاخوان. وكأن المد الإخواني في الأقطار العربية قد دفع قادة حماس اللاعقلانيين الى الانزلاق من جديد في منحدر الانقلاب والانشقاق والانقسام, بدل دفعهم الى تعقل حجم المسؤولية والاستفادة من تجربتهم العبثية في الحكم.