رغم قرار المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية غالي بهاراف ميارا، والمدعي العام عَميت أيسمان، بفتح تحقيق مع شخصيات من الائتلاف الحكومي، أعلنت الشرطة الإسرائيلية أنها لن تشرع في التحقيق ما لم تتلقَّ طلبًا رسميًا ومباشرًا من قيادة النيابة، في ما يعكس توترًا داخل منظومة إنفاذ القانون، في ظل تولي المتطرف إيتمار بن غفير وزارة الأمن القومي.

وجاء في بيان رسمي صدر عن الشرطة الإسرائيلية، يوم أمس الخميس 2025/03/27، "يؤسفنا أن تختار المستشارة القضائية والمدعي العام التوجه إلى الشرطة عبر وسائل الإعلام وليس من خلال القنوات الرسمية والمباشرة".

وأضاف البيان: "المفوض العام للشرطة ورئيس شعبة التحقيقات لم يتلقيا أي طلب رسمي بشأن التحقيق مع الوزراء وأعضاء الكنيست، وبالتالي لن يُفتح تحقيق إلى حين وصول مثل هذا الطلب والمصادقة عليه".

وفي أعقاب ذلك، تبيّن أن المستشارة القضائية توجهت رسميًا بهذا الخصوص للشرطة، وقالت الشرطة، في بيان، إن "قرار المستشارة القضائية للحكومة على فتح التحقيق أُرسلت مساء أمس إلى رئيس شعبة التحقيقات".

وأضاف البيان: "للأسف، لم يتمكن رئيس الشعبة بعد من إبلاغ المفوض العام بالأمر، وهو ما أدى إلى صدور البيان السابق عن المفوض العام"، وادعت الشرطة على أن "العلاقة المهنية بين الشرطة والمستشارة القضائية والنيابة العامة ممتازة، وستستمر كذلك".

وبذلك، تحمل الشرطة الخطأ في بيانها بشأن التحقيق، إلى تأخر رئيس شعبة التحقيقات في إبلاغ المفوض العام، بعد أن كانت قد حمّلت المسؤولية للمستشارة القضائية والنيابة العامة بشكل مباشر، ورغم ذلك، لم تعلن الشرطة رسميًا عن عزمها فتح تحقيق.

وكانت النيابة العامة قد سمحت بفتح تحقيق مع وزير التراث عميحاي إلياهو "عوتسما يهوديت"، وعضوي الكنيست من الائتلاف نيسيم فاتوري "الليكود" وتسفي سوكوت "الصهيونية الدينية"، على خلفية اقتحام قاعدة "سديه تيمان" العسكرية في تموز/ يوليو الماضي، من قبل يمينيين متطرفين احتجوا على توقيف جنود احتياط بتهمة الاعتداء على معتقل فلسطيني.

والأربعاء، صادقت المستشارة القضائية للحكومة على فتح تحقيق جنائي ضد الوزير إلياهو وعضوي الكنيست سوكوت وفاتوري، على خلفية اقتحام قاعدة "سديه تيمان"، وذلك بعد نحو 8 أشهر على اقتحام القاعدة العسكرية من قبل يمينون متطرفون.

وقد رفض الوزير إلياهو الاستجابة للتحقيق، مغردًا: "لن أمتثل لتحقيق سياسي"، واتهم المستشارة القضائية بأنها تسعى لـ"الانتقام" من السياسيين اليمينيين.

وأضاف: "نحن أصبحنا حراس العتبة"، في إشارة إلى تقويض صلاحيات الجهاز القضائي.

كما هاجم عضو الكنيست سوكوت قرار فتح التحقيق وقال: إنه "تم تجاهل قضايا أخطر بكثير"، فيما صعّد عضو الكنيست فاتوري من لهجته قائلاً: "لن تسكتوا صوتي، ولن أمتثل لتحقيق سياسي، سيتوجب عليهم جري بالأصفاد من الكنيست".

من جانبه، هاجم وزير الأمن القومي بن غفير، النيابة العامة والمستشارة القضائية قائلًا: إنهما "يسرعان في التحقيق مع سياسيين من اليمين، ويتجاهلان مخالفات جسيمة ارتكبها سياسيون من المعارضة"، واعتبر أن ما يجري يمثل "تسييسًا كاملًا لجهاز تطبيق القانون".

وأواخر تموز/ يوليو الماضي، اقتحم متظاهرون من اليمين بمشاركة إلياهو وفاتوري وسوكوت وجنود مسلحين، قاعدة "سديه تيمان" سيئة الصيت في النقب احتجاجًا على اعتقال الشرطة العسكرية جنودًا اتهموا بالاعتداء على أسير فلسطيني.

وفي ذلك الحين، وصل إلياهو وسوكوت وفاتوري إلى القاعدة العسكرية التي تقع في النقب ضمن المئات وتظاهروا مطالبين بالإفراج عن الجنود المتورطين بالاعتداء على الأسير وبعد وقت قصير اقتحموا القاعدة بالقوة.

وفي 29 تموز/ يوليو الماضي، تم إيقاف 10 جنود احتياط عملوا حراسًا في معسكر "سديه تيمان" بتهمة الاعتداء على أسير الفلسطيني الذي أدى إلى إصابته بجروح خطيرة، وفي شباط/ فبراير الماضي، أُدين جندي إسرائيلي بتعذيب أسرى فلسطينيين في "سديه تيمان" وحُكم عليه بالسجن 7 أشهر مع النفاذ.

وكان معسكر الاعتقال سيئ الصيت مسرحًا لاعتداءات طالت أسرى فلسطينيين اختطفهم الجيش الإسرائيلي من غزة في إطار حرب الإبادة الجماعية التي يشنها على القطاع، وفقًا لشهادات من داخل الأسر وتقارير إسرائيلية.