في عام 1968 وبالتحديد يوم 11 / 5 / 1968 انطلق صوت جديد وكلام جديد وأداء جديد وإعلام جديد وأناشيد جديدة غير مسبوقة بعد الطلقة الأولى التي فجرتها حركة "فتح" بقواتها العاصفة بثورة جديدة متجددة للشعب الفلسطيني في الفاتح من كانون الثاني "يناير" 1965.
وكان من أبرز هذه الأصوات التي ملأت أثير أجواء عالمنا العربي عبر إذاعة "صوت العاصفة صوت "فتح" صوت الثورة الفلسطينية" صوتُ عبد الشكور التوتنجي بافتتاح مقدمة الإذاعة التي كتبها أستاذنا المرحوم فؤاد ياسين "أبو صخر": "صوت الثورة الفلسطينية يحييكم ويلتقي بكم مؤكدًا عهده معكم على مواصلة النضال بالكلمة الأمينة المعبرة عن الطلقة الشجاعة من أجل تحرير كامل الوطن المحتل بالجماهير العربية معبأة ومنظمة ومسلحة وبالحرب الثورية طويلة الأمد أسلوباً وبالكفاح المسلح وسيلة حتى تحرير فلسطين.. كل فلسطين".
شاركه في هذا الصوت الجديد كل من الطيب عبد الرحيم رحمه الله، ويحيى العمري، وخالد مسمار بقيادة المايسترو الرائع فؤاد ياسين رحمه الله. ثم تتالت الأصوات والأقلام الجديدة برموز أثرت العمل الإعلامي الثوري في تلك الفترة. بعضهم انتقل إلى رحمة الله، وآخرون ما يزالون يجاهدون ويناضلون بالكلمة الأمينة حتى هذه اللحظة.
استمر المرحوم عبد الشكور الذي كنا نناديه باسمه المختصر والمحبّب إلينا "شكور" في العمل معنا بعد توحيد محطتي الإذاعة: صوت فلسطين التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية والتي أنشأها المرحوم أحمد الشقيري أول رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية وإذاعة صوت العاصفة التابعة لحركة "فتح".

كان شكور طالبًا يدرس الطب في جامعة القاهرة، لكنه بعد أن تخرّج أكمل دراسته العليا وأصبح جرّاحًا ناجحًا عمل في ألمانيا ثم في الأردن حيث انقطع عن العمل الإذاعي ليتفرّغ لعمله في مجال الطب الذي تخصص به، وكان قد تزوج وأنجب وتخرج أبناؤه من الجامعات.
أثناء عملنا في الإذاعة في القاهرة مرضتُ وأُدخلت المستشفى هناك ووقف معي موقفًا لم أنساه، حيث أقنع أستاذه في الجامعة، وهو جراح كبير، أن يقوم بإجراء العملية الجراحية لي في المستشفى، ولم يتقاضَ الطبيب أجرته متبرعًا تكريمًا لتلميذه النجيب "شكور".

وتمر السنين طويلة إلى أن التقينا في عمّان ثم في رام الله أثناء زيارة عائلية له هناك، جمعنا يومها صديقنا وزميلنا في الإذاعة مسؤول القسم العبري يومها، وهو الصديق عماد شقور.
وتعتلّ صحة شكور ويدخل المستشفى في عمّان، مرة وأخرى، وتتدهور صحته. ومنذ يومين اتصلت به وإذا بصوته يأتيني غير الصوت الذي اعتدت عليه واعتاد المستمعون عليه. صوت أتعبه المرض، لكنه في معنوية عالية، إلى أن جاءني هاتف من ابنه حمزة مساء يوم الأحد 9 شباط "فبراير" ينعي والده بصوت يملؤه الحزن والألم ولم أدرِ ماذا أفعل. هل أواسي حمزة أم أواسي نفسي؟.
رحمك الله أيها الحبيب، كنتَ على موعد مع الأخ أمين شحرور لتسجيل لقاء معك عن مسيرتك حتى يتعرف عليك المشاهد الفلسطيني الذي عرف صوتك ولم يرَ وجهك البشوش عبر شاشة فضائية فلسطين، ولكن المنية سبقت.
فإلى جنات الخلد مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا.
عزائي لأسرتك الكريمة
وللجماهير التي كانت تتابع صوتك الذهبي المجلجل عبر صوت الثورة الفلسطينية.