في مقابلة أجرتها قناة العربية يوم الأحد 26 كانون الثاني/يناير الحالي مع نائب مسؤول مكتب حركة حماس في الخارج، موسى أبو مرزوق، التي حملت العديد من المفاصل السياسية، والاعتراف الصريح بفشل أهداف 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، والتي أطلقتها الحركة بلسان المسؤول العسكري لكتائب القسام، محمد الضيف، التي تحدث فيها عن "طوفان الأقصى" باعتبارها حرب تحرير لكل فلسطين من النهر للبحر، وعودة اللاجئين إلى ديارهم التي طردوا منها في النكبة الأولى، وتحرير القدس والمسجد الأقصى، وتبيض السجون الإسرائيلية، تماهيًا مع الاعتقادات الدينية التي تلبست قادة حماس، وعقدوا من أجلها مؤتمرات في غزة لتسجيل أسماء اللاجئين للعودة لديارهم، وغيرها من الهرطقات غير الواقعية.
وادعاء أبو مرزوق بأن هناك أهدافًا تحققت، منها "إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية في العالم"، والاقرار من العالم بضرورة "استقلال دولة فلسطين المحتلة على حدود الرابع من حزيران/يونيو عام 1967". لا أساس له من الصحة، ويتنافى مع الوقائع الخطيرة التي هددت وتهدد مستقبل القضية الفلسطينية والمشروع الوطني برمته، ولعل إصرار حركتك الإخوانية على التخندق في إمارة القطاع، ورفض الوحدة الوطنية تحت راية منظمة التحرير والدولة الفلسطينية وحكومتها أصحاب الولاية السياسيين والقانونيين على كل جزء من الوطن الفلسطيني، والشراكة السياسية على أساس برنامج الاجماع الوطني، يعكس تمسككم بتبديد مصالح الشعب الوطنية.
كما تناسى عضو المكتب السياسي لحركة حماس، أن حجم التضامن العالمي الواسع والعميق في العالم، لا يعود للسابع من أكتوبر 2023، إنما نتاج الإبادة الجماعية الأميركية الإسرائيلية وحلفائهم من دول الغرب، وحجم الضحايا الهائل، الذي بلغ ربع مليون إنسان فلسطيني بين شهيد وجريح، وجلهم من الأطفال والنساء والشيوخ، وبسبب حجم الدمار الهائل، وافتضاح النازية الصهيونية بوجهها الأكثر قبحًا ودموية وغطرسة وعنصرية وتطهيرًا عرقيًا، ونتاج الكارثة والنكبة التي تجاوزت بأخطارها وإبادتها ما ارتكبته العصابات الصهيونية ودولة إسرائيل اللقيطة في عام النكبة الأولى أيار/مايو 1948، ولوقوف قيادة إدارة بايدن مع الإبادة الجماعية، ودعم حلفائها بحاملات طائراتهم وغواصاتهم النووية وبوارجهم الحربية وجنودهم على الأرض، وكون واشنطن استباحت المنابر الأممية وخاصة مجلس الأمن والجمعية العامة، ولتبنيها الرواية الإسرائيلية، ورفضها وقف حرب الأرض المحروقة، لهذا فالعالم وقف إلى جانب الشعب الفلسطيني.
أضف إلى أن القضية الفلسطينية لم تكن ميتة، وتناسها المجتمع الدولي قبل طوفانكم، العكس صحيح، كانت القضية الفلسطينية حية، وحققت القيادة الشرعية اعترافات دولية قبل 7 أكتوبر 2023 بلغت 143 دولة، وانتزعت عشرات القرارات الأممية من مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة ومجلس حقوق الإنسان الأممي ومنظمة اليونيسكو وغيرها من المنابر الأممية والإقليمية، وتمكنت القيادة الشرعية من حماية الأهداف والمصالح الوطنية العليا للشعب، وسعت ضمن إمكاناتها المتواضعة على ترسيخ المواطنين في التراب الوطني. كما أن القيادة واصلت دورها الريادي في تعزيز مكانة القضية والمشروع الوطني، ولم تترك منبرًا عربيًا أو إسلاميًا أو أمميًا إلا وكانت تتمثل دورها في رفع شأن المصالح العليا للشعب.
وأما عن إقرارك واعترافك بحدود الدولة الفلسطينية على حدود حزيران/يونيو 1967، وإنكم اعترفتم بذلك في أيار/مايو 2017، فهذا حصل، وأعلن عنه رئيسك خالد مشعل، ولكنكم تراجعتم عن ذلك مباشرة، ولعل ما تضمنته كلمة أبو خالد الضيف، تؤكد ما أؤكده لك. وإذا كنتم تعترفون بهذه الحدود، لماذا لا تنخرطون في إطار منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد، وتصرون على بقاء خيار الإمارة الطالبانية في القطاع؟ ولماذا ترفضون الالتزام بأي من اتفاقات المصالحة الوطنية المختلفة من 2008 إلى 2024؟ ما الذي يمنعكم عن ذلك؟ ولماذا التمسك بلجنة الاسناد المجتمعي، التي تعتبر إطارًا موازيًا للحكومة؟ وبماذا تختلف عن وزارات الحكومة؟ وهل المطلوب منكم ومن الشعب والقوى الفلسطينية القبول بإملاءات حكومة الإبادة الجماعية الإسرائيلية. لأنها ترفض وجود ولاية المنظمة والدولة والحكومة، أم هو تنفيذ للجانب السري من اتفاقية وقف الحرب؟ ولماذا أصريتم على التفاوض لوحدكم؟ ولماذا لم تقبلوا بقيادة منظمة التحرير للمفاوضات، أسوة بما حصل عام 2014؟.
بالنتيجة إن كنتم معنيون بالمصالح الوطنية، ووحدة الشعب، ورد الاعتبار له، مطلوب منكم، أولاً الاعتذار للشعب الفلسطيني في الوطن والشتات والمهجر عن خطيئتكم التي اقترفتموها، والدمار والإبادة التي حصلت نتيجة ذريعتكم الكاذبة التي أعطيتموها لإسرائيل وأميركا؛ ثانيًا عدم الالتفاف على الأمر، بأن ما حدث لم يكن حربًا بين قوتين وجيشين، وإنما هي إبادة جماعية أميركية إسرائيلية غربية، لماذا كنتم وكانت تسوق لكم قناة الجزيرة ومن يدور في فلكها من وسائل الإعلام من خلال بيانات ناطقكم العسكري أبو عبيدة، وكأنها حربًا بين قوتين وجيشين؟ ثالثًا عليكم الكف عن التمسك بخيار الانقلاب، وتسليم السلطة على الأرض للحكومة الفلسطينية لتتولى مهامها، بعد ذلك ناقشوها تغييرها أو تعديلها من خلال الأطر السياسية والتنظيمية الناظمة للعلاقات الوطنية وعلى أرضية الشراكة الكاملة بين القوى الوطنية كافة في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، واطرحوا ما شئتم من رؤى برنامجية، وهذا أبسط حقوقكم وحقوق غيركم من القوى الوطنية؛ رابعًا تسهيل مهمة إعادة إعمار ما دمرته الإبادة الجماعية في القطاع من خلال الحكومة صاحبة الولاية؛ خامسًا شكلوا حزبكم السياسي أسوة بما حصل عام 2005 لتشاركوا في مختلف جوانب الحياة السياسية، لأنه لا أحد يريد أن ينفيكم، أو يعزلكم، ولكن بإصراركم على خيار الانقلاب، فإنكم تعزلون أنفسكم بأنفسكم.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها