المستعمرون العنصريون، متمسكون بحكومة نتنياهو التي يعتبرونها فرصة ذهبية لأحزابهم الرئيسة (العظمة اليهودية) و(الصهيونية الدينية) للعمل بشكل رسمي، لتثبيت وتوسيع مشروع الاحتلال الاستعماري لفلسطين، ولن يسمحوا للمعارضة الإسرائيلية بأخذ زمام المبادرة، عبر إقناع الجمهور الإسرائيلي أنهم وحدهم يمتلكون شبكة الأمان لنتنياهو (ثعلب السياسة في إسرائيل)، التي تفيد الاستطلاعات الإسرائيلية، بقدرته على تحقيق نتائج تفوق الحالية فيما لو أجريت أي انتخابات الآن.
لقد قدم بنغفير استقالته من الحكومة، لكنه لم يعلن عزمه سحب الثقة من الحكومة في الكنيست. ليس لأن سموتريتش حليفه السابق في الانتخابات، لم يستجب لدعوته للانسحاب من الحكومة، بل لأن خطة توسيع وتمدد مشاريع الاستعمار الاستيطاني عمليًا، بغطاء رسمي حكومي إسرائيلي- حسب منظورهم- يجب أن تستمر، فسحب الثقة من نتنياهو، سيعني أمرًا واحدًا بالنسبة لهم، وهو إسقاط حكومة المستوطنين، وانعكاس سقوطها على وتيرة البناء الاستيطاني وتمدده، فأي انتخابات قادمة لن تكون إلا بعد قرار إنهاء حملة الإبادة على قطاع غزة، أما تشوش يقينهم، بما ستكون عليه سياسة رئيس الولايات المتحدة الأميركية القادم، دونالد ترامب، فهذا أمر آخر يؤخذ في الحسبان، وكذلك ارتكاز بن غفير وسموتريتش على عقلية سائدة في المجتمع السياسي الإسرائيلي، ترى إمكانية فرض "الأمن والسلام" بالقوة، بشروط إسرائيل. ويبرهنون باتفاق الصفقة مع حماس، واتفاق إيقاف إطلاق النار مع حزب الله في لبنان.
نعتقد هنا أن إغراق الجماهير، بانعدام قدرة منظومة الاحتلال الاستعمارية العنصرية (إسرائيل) على خوض حروب طويلة على عدة جبهات، والمراهنة على انهيار حكومة الصهيونية الدينية، التي يقودها رئيس حزب الليكود بنيامين نتنياهو، بالارتكاز على رفض ممثلي المستوطنين وتيارات دينية أخرى، لاتفاقية الصفقة مع حماس، خطيئة لا تغتفر، فما يحدث هو عملية تعويم للجماهير في بحر تمنيات (سراب)، مقطوعة الصلة بالمعرفة الدقيقة لتركيبة المجتمع الإسرائيلي السياسي، فأعضاء حكومة نتنياهو، جاءوا من الكنيست الخامس والعشرين، ويمثلون أحزابًا ومنظمات إرهابية عنصرية يهودية، أقواها وأشدها تأثيرًا على بقاء الحكومة من عدمه، ايتمار بن غفير، الكاهاني المشحون بعدائية عنصرية مطلقة للمواطنين الفلسطينيين، وهو وزير ما يسمى الأمن القومي الإسرائيلي، ورئيس حزب عوتسما يهوديت، أي (العظمة اليهودية)، وبتسلئيل سموتريتش وزير المالية، في ائتلاف حكومة نتنياهو الحالية، رئيس حزب ديني (الصهيونية الدينية) ومستعمر عنصري، ينكر وجود الشعب الفلسطيني، يسكن في مستعمرة (كدوميم) ما يعني أنه مخالف للقانون الدولي برتبة وزير.
ويتولى بن غفير وسموتريتش عملية تمدد الاستعمار الاستيطاني اليهودي في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ حرب الخامس من حزيران، ويستندون على أربعة عشر مقعدًا في الكنيست، ونسبة ما يقارب الثلاثين في المئة من أصوات الناخبين الذين منحوا أصواتهم لأحزاب دينية يهودية مشبعة بنظريات التفوق والعنصرية، والتعاليم التلمودية. وبذات الوقت تدرك أحزاب ائتلاف حكومة نتنياهو مدى ضعف المعارضة الإسرائيلية، لطرح رؤية واضحة، فيما يخص سلامًا دائمًا، وفقًا لقرارات الشرعية الدولية، التي أقرت بحق الشعب الفلسطيني بقيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على أرض فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، رغم وجود أصوات، تتحدث عن السلام وحق الشعب الفلسطيني، لكنها تكاد تسمع وسط ضجيج الاحتجاجات بخصوص سياسة نتنياهو تجاه قضية الرهائن المدنيين والجنود الأسرى لدى حماس.
وبناءً على ما تقدم فإن أي مراهنة ستكون عبثًا، ما لم تكن على وعي الشعب الفلسطيني، وقدرة قيادته الوطنية الشرعية على التمسك بالثوابت الوطنية، والالتزام ببرنامج منظمة التحرير الفلسطينية السياسي، ووحدة الهدف، والموقف الوطني، ووحدة أرض دولة فلسطين، ووحدة النظام والقانون والسلطة والسلاح، وبسط ولاية منظمة التحرير الفلسطينية ودولة فلسطين على قطاع غزة. وعلينا ألا ننسى أن رئيس حكومة المستعمرين (نتنياهو) مطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، وهذا انجاز يحسب، لمنهج سياسي عقلاني، مؤسس علميًا ومعرفيًا، برهن رئيس الشعب الفلسطيني وقائد حركة تحرره الوطنية أبو مازن على نجاحه وإمكانية تحقيق انجازات لصالح الحق الفلسطيني.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها