ما زالت حركة حماس تكذب على الناس، وتكذب على نفسها، بحكم نكرانها للواقع، وتعاليها على الحقيقة، بل وتعديها على الواقع والحقيقة، وبلغو تعبئة في بياناتها التي تدعو إلى الفوضى والفلتان الأمني، في الضفة الفلسطينية المحتلة، من أجل أن يدمرها الاحتلال الإسرائيلي، كما دمر قطاع غزة، بعد أن جعل من مغامرة "الطوفان" ذريعته لشن حربه الفاشية على فلسطين وقضيتها المركزية. ما زالت "حماس تكذب وتفبرك، وتدعي، وتزعم إنجازاتٍ لها  لم يرى أحد شيئًا منها، في الوقت الذي تفاوض فيه على مطلب واحد، أن تبقى رؤوس قياداتها سليمة على أكتافها، كي تعود لحكم قطاع غزة، بعيدًا عن سلطة الشرعية الفلسطينية". وفي هذا الإطار ما زالت لا تريد "للجنة الإسناد" أن تكون تحت إدارة الحكومة الفلسطينية، حكومة الرئيس أبو مازن، برغم أن شخصيات وطنية واقتصادية لافتة، ووجهاء العشائر في القطاع، أبرقوا للرئيس أبو مازن أن يتولى شأن القطاع، من أجل تسوية شاملة تنهي الاحتلال، وتعيد للقطاع حياته.

غير هذه الشخصيات وهؤلاء الوجهاء ثمة في غزة، من يطالب حماس بالخروج من المشهد تمامًا، ثمة من يطالبها بأن تكف عن المكابرة، والادعاء، والنكران، بل أن تكف عن اللامبالاة تجاه سيل الدم الجارف، هذا الذي ما زال يجري من جسد أبناء القطاع، وخاصة أطفاله الذين باتوا ثلث الضحايا الشهداء، والجرحى منهم باتوا مبتوري الأطراف، وبعضهم بلا والديه ولا إخوته وأخواته.

الوضع في قطاع غزة اليوم أشبه بالعصور المظلمة، أعادت إسرائيل "نتنياهو" قطاع غزة إلى تلك العصور، في حربها الفاشية، ولم تر "حماس" ولم تدرك أن حرب إسرائيل "نتنياهو" لم تكن ضدها أساسًا، بل ضد الشعب الفلسطيني، وضد قضيته العادلة، ومشروعه الوطني التحرري، وما فعلته في السابع من أكتوبر 2023 لم يكن غير أنها قدمت لإسرائيل الذريعة الكبرى، وقد برع نتنياهو في استغلالها، وتوظيفها لصالح أسس سرديته السياسية، والأمنية المفبركة، على أكمل وجه.

حليف "حماس" الذي كان في ما سمي "وحدة الساحات"، في ضاحية بيروت الجنوبية، سلم أمره للدولة اللبنانية، في انسحاب واقعي، من حال "المقاومة" بعد أن صوت لصالح انتخاب العماد جوزاف عون، رئيسًا للبنان، الذي سيعود به إلى واقعه العربي، ويداوي جراحه التي خلفتها سياسات محور الممانعة.

وما من دمشق إيرانية بعد اليوم، فماذا تنتظر حماس لكي ترى الواقع على حقيقته؟ وعليها أن تتيقن بتمام اليقين، أن  قطاع غزة لن يصبح إيرانيًا، ولا الضفة الفلسطينية المحتلة، ولا بأي حال من الأحوال، ولن نسأل "حماس" بعد اليوم، أن تدرك ذلك قبل فوات الأوان، طالما تظل على هذا الحال من الكذب والافتراء، وكجزيرتها هذه صفحتها فلتملأها بما تشاء، بكل ما تريد من عتمة وضغينة. لفلسطين حُمَاتُها ولمشروعها الوطني التحرري فرسانه، لا الاحتلال، ولا سواه، بقادر، على وقف مسيرتهم الحرة حتى إقامة دولة فلسطين الحرة السيدة، من رفح حتى جنين، بعاصمتها القدس الشرقية، شاء من شاء وأبى من أبى.