أكد الرئيس محمود عباس في باريس أمس ان الدبلوماسية الأميركية فشلت "حتى اللحظة" في انجاز اتفاق - اطار يرمي الى انهاء النزاع الفلسطيني - الاسرائيلي.
وعقد الرئيس لقاءين في باريس الأربعاء والخميس مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي يسعى منذ أشهر الى ايجاد تفاهم بين الفلسطينيين والاسرائيليين على "اتفاق - اطار" في محاولة للدفع قدما بعملية السلام.
وقال الرئيس اثر لقاء مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في قصر الرئاسة الفرنسية "حتى اللحظة لم يتمكن الأميركيون من وضع اطار لهذه الأفكار رغم ان الجهود المبذولة جدية جدا".
واوضح انه ابلغ مضيفه الفرنسي بالجهود التي يبذلها الرئيس الأميركي باراك اوباما والوزير كيري "لتقريب وجهات النظر بين الاسرائيليين والفلسطينيين".
الى ذلك شكر عباس للرئيس الفرنسي "الدعم الثنائي من فرنسا والاتحاد الاوروبي" للسلطة، موضحا انه تطرق مع هولاند الى موضوع عقد منتدى حكومي فرنسي - فلسطيني.
وأكد ان مبدأ عقد مؤتمر جديد للمانحين اصبح محققا ويمكن ان يحصل بعد اجتماع مجموعة الاتصال الخاصة بهذا الموضوع خلال الشهر المقبل.
واشار الرئيس هولاند من ناحيته الى "ضرورة التوصل الى اطار متفق عليه للمفاوضات في المهل المحددة على قاعدة المعايير الاوروبية والدولية المحددة منذ زمن طويل"، حسب بيان صادر عن الرئاسة الفرنسية.
وجدد هولاند تأكيد استعداد فرنسا لتنظيم مؤتمر جديد للمانحين في باريس لدعم الدولة الفلسطينية بهدف تعزيز العملية السياسية والاقتصادية، وفق الرئاسة الفرنسية.
وحضر الاجتماع عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، والناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، ومستشار الرئيس الدبلوماسي مجدي الخالدي، والمستشار أكرم هنية، وسفير فلسطين لدى فرنسا هايل الفاهوم.
رفض فلسطيني لأفكار كيري
وكان مسؤول فلسطيني قال في وقت سابق لوكالة الأنباء الفرنسية ان الفلسطينيين رفضوا الأفكار التي طرحها كيري على الرئيس عباس خلال اجتماعهما في باريس، معتبرين انه "لا يمكن قبولها أساسا لاتفاق اطار" مع اسرائيل لأنها "لا تؤدي الى تحقيق السلام".
وأضاف المسؤول طالبا عدم كشف هويته ان كيري "طرح على الرئيس عباس عددا من الأفكار والمقترحات التي ما زالت في مرحلة النقاش مع الادارة الأميركية خلال الاجتماعين اللذين عقدا في باريس". واكد ان "هذه الأفكار والمقترحات لا يمكن ان يقبل بها الجانب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية أساسا لاتفاق اطار (...) لأنها لا تلبي الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني (...) ولا تؤدي الى حل للقضية الفلسطينية ولا الى تحقيق السلام والاستقرار والأمن في منطقتنا".
واضاف ان الرئيس "أعاد تأكيد الموقف الفلسطيني ورؤيته للحل التي تستند لقرارات الشرعية الدولية وقرارات المؤسسات القيادية الفلسطينية وقرارات الجامعة العربية".
وطرح كيري حسب المسؤول الفلسطيني سلسلة أفكار تتعلق بالاعتراف باسرائيل دولة يهودية، والقدس والحدود والمستوطنات والأمن واللاجئين.
رفض الاعتراف بيهودية اسرائيل
وقال المسؤول ان الرئيس عباس ابلغ كيري بان "مبدأ الاعتراف بيهودية اسرائيل مرفوض جملة وتفصيلا". واضاف ان "الموقف الفلسطيني الذي ابلغ به كيري هو ان الأفكار المطروحة خاصة بموضوع المطالبة بالاعتراف بيهودية دولة اسرائيل أو وطن قومي لليهود وهي نفس الجوهر (...) لا يمكن القبول به".
القدس.. طرح غامض
وحول القدس، قال المسؤول الفلسطيني ان كيري تقدم "بطرح غامض لا يذكر القدس الشرقية التي احتلت عام 1967 ولا نعرف ماذا يقصد بقوله في القدس وأين القدس التي يقصدها".
وتابع ان الطرح الذي تقدم به كيري بشأن القدس "يبقي للطرف الاسرائيلي صيغة عامة غامضة هدفها الأساسي عدم اقامة دولة فلسطينية مستقلة لأنه لا يمكن قبول أي حل دون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين".
اعطاء شرعية للاستيطان
اما بشأن قضية الحدود والاستيطان، فقال المسؤول ان "كيري يطرح تبادلا غير محدود للأراضي والحدود يتضمن الأخذ بالاعتبار التغيرات الديموغرافية التي حصلت باقامة المستوطنات خلال سنوات الاحتلال".
ورأى ان هذا الطرح يعني "اعطاء شرعية لكل عمليات الاستيطان التي تمت وهو ما نرفضه وهو ايضا مناقض لقرارات الشرعية الدولية التي تعتبر كل الاستيطان في فلسطين غير شرعي".
الأمن.. لا وجود لطرف ثالث
وحول الأمن، قال المسؤول الفلسطيني ان اقتراح كيري "لا يتضمن وجود طرف ثالث" كما ورد في مقترحات اميركية سابقة. واضاف ان كيري طرح ايضا "أخذ الاحتياجات الأمنية الاسرائيلية في الاعتبار"، مشيرا الى ان هذا قد يعني "وجود الجيش الاسرائيلي على الحدود أو جزء من الحدود والمعابر وربما ايضا وجود محطات انذار مبكر وربما وجود نقاط للجيش الاسرائيلي في عدد من المرتفعات".
اللاجئون.. اسرائيل غير مسؤولة!
اما فيما يتعلق بقضية اللاجئين، فيقضي اقتراح كيري حسب المسؤول الفلسطيني بأنه "لا يحق الاعتراف بمسؤولية اسرائيل عن قضية اللاجئين وحلها وفق القرار 194 الذي ينص على العودة أو التعويض بل انه لا يوجد حق عودة وانما اعادة عدد من اللاجئين الى اسرائيل بناء على القوانين الاسرائيلية والسيادة الاسرائيلية". وقال انه "من كل ما تم ذكره من مقترحات فانه لا يمكن ان يقبل الجانب الفلسطيني بهذه الأفكار ان تكون اساسا لاتفاق الاطار الذي تنوي الادارة الأميركية طرحه على الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي".
وتابع المسؤول انه "تم الاتفاق مع كيري على مواصلة اللقاءات والجهود الأميركية التي يبذلها كيري شخصيا لمواصلة النقاش للتوصل الى صيغة تلبي حقوق شعبنا باقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية على الأراضي التي احتلت عام 1967 وحل كافة قضايا الحل النهائي".
ضغوط أميركية على الرئيس
وذكرت صحيفة "معاريف" على موقعها الالكتروني أمس نقلا عن مصادر أميركية قولها ان كيري مارس ضغوطات كبيرة على الرئيس عباس كي يبدي تنازلات حول الترتيبات الأمنية في غور الأردن، ليستطيع تقديم وثيقة "اتفاقية الاطار".
وأضافت "معاريف" أن الترتيبات الأمنية في غور الأردن ما زالت نقطة خلاف كبيرة بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، ففي الوقت الذي يرفض أبو مازن بشكل مطلق أي تواجد لجيش الاحتلال على الحدود مع الأردن، يرفض رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو نشر أي قوات على الحدود غير جيش الاحتلال.
واشارت مصادر أميركية الى ان موضوع غور الأردن بالنسبة لنتنياهو مسألة "حياة أو موت ولا يمكن ان يتنازل عن نشر الجيش الاسرائيلي على الحدود مع الأردن".
وقالت "معاريف" ان النقطة الثانية التي ما زالت تعيق وثيقة "اتفاقية الاطار" وعرضها على الجانبين بشكل نهائي والتوقيع عليها، تتعلق بتضمين الورقة الاعتراف باسرائيل كوطن قومي للشعب اليهودي، وهذا ما يرفضه الرئيس عباس بشكل قاطع، خاصة ان ما يطرحه كيري في ورقته يعد استجابة للمطالب الاسرائيلية، خاصة فيما يتعلق بالقدس واللاجئين وحتى الحدود والتي نصت على المفاوضات على أساس حدود عام 67 مع تبادل الأراضي، حيث أبلغ أبو مازن وزير الخارجية الأميركي ان هذه النقاط غير مقبولة وعليه تقديم تفاصيل ونقاط أخرى.
من جانبه قال وزير الداخلية الإسرائيلي من حزب "الليكود" جدعون ساعر إن "المستوطنين سيبقون في غور الأردن لأجيال قادمة". وأضاف ساعر خلال مسيرة للمستوطنين في غور الأردن أمس: "نحن هنا لإعلان بسيط وواضح: غور الأردن لإسرائيل، نحن هنا من أجل دعم سكان غور الأردن في مهمتهم، السكن في المنطقة نيابة عن الشعب اليهودي، ونعلم أن هذه التجمعات السكانية ستبقى في غور الأردن لأجيال قادمة".
اليمين الاسرائيلي يتظاهر في الأغوار
وأفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي ان اليمين الإسرائيلي نظم مسيرة أمس تحت شعار "غور الأردن سيبقى تحت السيادة الإسرائيلية الكاملة". وشارك في التظاهرة وزراء ونواب اسرائيليون.
ونقلت القناة السابعة الإسرائيلية عن ساعر قوله إن "الأمن الإسرائيلي يحتاج إلى عمق استراتيجي، من المستحيل التفكير أن غور الأردن لن يكون حدود إسرائيل". وأضاف: "من المهم أن تبقى التجمعات السكانية هنا، تذكروا، حيثما وجدت التجمعات السكانية وجد الجيش الإسرائيلي، وحيثما لا توجد التجمعات السكانية لا يوجد الجيش الإسرائيلي، وإنما الإرهاب" حسب تعبيره.
وقال عضو الكنيست من حزب "الليكود" ياريف ليفين، المشارك في المسيرة: "من حقنا أن نبني ونواصل البناء في غور الأردن وفي أنحاء ارض إسرائيل، نحن مصممون ونعلم أن الحقيقة ستنتصر، نحن أقوى من أي محاولات لاقتلاعنا من أرضنا" حسب قوله.
أما عضو الكنيست من حزب "البيت اليهودي" اوريت ستروك فأشار إلى أن "وجود وزير الداخلية هنا هو للتأكيد على أن غور الأردن مسألة إسرائيلية داخلية وان التنازل عنه ليس على جدول الأعمال".
وقالت صحيفة "إسرائيل اليوم" المقربة من نتنياهو، إن "اليمين الإسرائيلي يقوم بسلسلة نشاطات لتأكيد تمسكه بالملفات المهمة لإسرائيل في الضفة الغربية".
شابيرو: الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية
وقالت الإذاعة الإسرائيلية "ريشيت بيت"، على موقعها الالكتروني أمس إن السفير الأميركي في إسرائيل دان شابيرو يرجح أن اتفاق الإطار يتضمن الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية.
وحسب شابيرو فإن "الاعتراف بالدولة القومية للشعب اليهودي هو إحدى الطرق لمعرفة ما إذا كان الحديث عن نهاية الصراع".
وفي حديثه مع الإذاعة قال شابيرو إن الولايات المتحدة كانت تقول دائما إن إسرائيل هي "دولة يهودية ويجب أن تبقى كذلك". وأضاف أنه يجب على الطرفين أن يتخذا قرارات لم يتخذوها بعد، وأن يناقشا، من بين جملة من القضايا، مصير المستوطنين الذين سيبقون في الجانب الثاني من الحدود، على حد قوله. وأشار شابيرو إلى إمكانيات كثيرة في هذا الخصوص، لكنه لم يصرح بأية تفاصيل. واضاف إن الإدارة الأميركية تدرك أنه يوجد في الحكومة الإسرائيلية والكنيست من يعارض فكرة "حل الدولتين"، إلا أن نتنياهو قال إنه ملتزم بهذا الحل وأنه يلقى قبولا من الجمهور الإسرائيلي.
وقال إن موقف بلاده من الاستيطان واضح، وإنها تعارضه منذ 40 عاما، "لأنه لا يساهم في الجو الإيجابي للمفاوضات".
خطة انسحاب أحادية
في غضون ذلك ذكرت صحيفة "معاريف" أمس ان اثنين من مساعدي نتنياهو السابقين، "يعكفان على الاعداد بشكل منفرد لبلورة خطة انسحاب احادي الجانب من اراضي الضفة الغربية تستثني الاستيطان، وتمكن اسرائيل من تقويض أي جدوى من توجه الفلسطينيين للمؤسسات الدولية في حال اقدموا على مثل هذه الخطوة".
واضافت ان "هذا الاجراء يتم دون التنسيق مع نتنياهو، وانه لا علم لأي منهما بطبيعة الخطة التي يعدها الآخر، وانهما قاما بهذه المبادرة بمبادرة ذاتية بعدما توصلا الى قناعة ان مهمة كيري ستفشل، بسبب صعوبة التوصل الى اتفاق دائم مع الفلسطينيين".
وكشفت الصحيفة عن الدكتور يوعاز هندل، الرئيس السابق لجهاز الاعلام الحكومي في مكتب رئيس الحكومة الاسرائيلية، وقالت انه يعمل على ذلك بالتعاون مع أحد المساعدين الأميركيين. واشارت الى ان ذلك ما زال في مراحله الأولى، الأمر الذي يمنع الكشف عنه حاليا خوفا من الفشل، الا انهما يعتقدان بأنه يجب على اسرائيل ان تبادر لإجراء سياسي "وألا تنجر وراء الفلسطينيين أو غيرهم من اللاعبين الدوليين".
واوضحت الصحيفة ان "الخطتين ترتكزان على ضرورة القيام بانسحاب ملموس للجيش الاسرائيلي من الضفة الغربية، مع الاحتفاظ بالمناطق الحيوية والضرورية لأمن اسرائيل، وان ما يجمع بين هاتين الخطتين هو عدم الحديث عن حل، بل عن إجراء تبادر له اسرائيل لتحديد حدودها حسب احتياجاتها".
واشارت الصحيفة الى وجود اختلاف بين الخطتين، يتعلق بالنظرة لمستقبل المستوطنات ففي الوقت الذي لا يرى فيه هندل بضرورة إخلاء أي من المستوطنات في إطار الاجراء الأحادي، فان الخطة الثانية ما زالت غامضة بهذا الخصوص.
ونقلت "معاريف" عن هندل تأكيده ان الهدف من هذه الخطوة هو "وضع البدائل القومية وايجاد انفصال على الأرض". وقالت ان هندل يرى ان "اجراء من هذا النوع سيدفع الاتحاد الاوروبي للتخفيف من سياسته المعادية لاسرائيل" حسب قوله.
اوباما ونتنياهو
وأعلن رسميا أمس أن نتنياهو سيلتقي الرئيس الأميركي باراك اوباما في البيت الأبيض في الثاني من الشهر المقبل. وحسب الاذاعة العبرية، فان اوباما ونتنياهو سيبحثان جهود كيري للتوصل الى اتفاق إطار.
الرئيس: الدبلوماسية الأميركية فشلت "حتى اللحظة" بايجاد اتفاق اطار
22-02-2014
مشاهدة: 2792
إعلام حركة فتح - إقليم لبنان
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها