بقلم: عبد الباسط خلف

استهل الأسير سامي محمد غنيم، من بلدة برقين، حريته بعد 20 شهرًا في معتقلات الاحتلال باحتضان قبري ولديه الشـهـيدين: نور، ومحمد.

ونقل شبان غنيم، 59 عامًا، فور إطلاق الاحتلال سراحه نهار الخميس، عند حاجز الجلمة شمال جنين، إلى مستشفى جنين الحكومي، وهو في وضع صحي صعب، وأمضى نحو ثلاث ساعات فيه.

وقال نجله أمين: إن "والده طلب فور انتهاء كشفه الطبي الانتقال إلى مقبرة بلدة برقين، غرب جنين، وراح يحتضن شاهدي قبري نور ومحمد، اللذان ارتقيا في مخيم جنين في 27 كانون الثاني 2023 برفقة محمد محمود صبح"، بينما كان الأب خلف القضبان يقضي حكمه الإداري الذي تجدد عدة مرات، إذ اعتقل قبل عشرة أيام من استشهاد نجليه.

ووفق الأخ المكلوم، فقد كان مشهد احتضان أبيه لقبري شقيقيه صعبًا جدًا، فقد راح يبكيهما بحرقة، ويتحسس حجارة الشواهد والأزهار، ويتمنى لو أنه تمكن من وداعهما، كما عبر عن شوقه الكبير لهما، وسط بكاء لم ينقطع.

وأكد أمين أن والده علم بارتقاء نور ومحمد بعد وقت قصير، إذ أبلغته ما تسمى إدارة سجون الاحتلال بذلك، وعلى إثرها نقلته إلى معتقل آخر.

ولم تتوقف أحزان عائلة غنيم عن الحضور، فقد اعتقل ابنها البكر شادي، بعد 11 يومًا من ارتقاء ابنيها، وبقي خلف ستائر العتمة 18 شهرًا رهن الاعتقال الإداري، أما نجلها الأصغر أحمد فيطارده الاحتلال ويضعه على لائحة الاعتقال أو القتل.

وأفاد أمين بأن شادي التقى بوالده في معتقل مجدو، ثم نقل الوالد إلى جلبوع، وتعرض إلى التعذيب، ونال حريته وهو يعاني كسورًا في الصدر، أكد الأطباء صعوبة علاجها.

وتناقص وزن غنيم الأب نحو 35 كيلوغرامًا، ولم تتمكن العائلة من زيارته شأن بقية الأسرى والمعتقلين، منذ السابع من تشرين الأول 2023، بينما كانت أول زيارة له من أسرته بعد فقدانها لنور ومحمد صعبة ومبللة بالدموع.

وأعلنت العائلة عن عدم تمكنها من استقبال المهنئين فور إطلاق سراح الأب؛ لصعوبة وضعه الصحي، كما رفض غنيم التحدث إلى وسائل الإعلام، وبدا في حالة صدمة.

واختتم أمين بمقارنة صورة والده قبل الاعتقال وبعدها، بالقول: لقد تغير كل شيء في شكل أبي، لكن الثابت حزنه وقهره على ما حدث خلال 20 شهرًا، لقد كانت فترة قاهرة، والدي في السجن، ثم تبعه شقيقي الأكبر، وإخوتي تحت التراب، أما أخي أحمد فمطارد ونضع دائمًا أيدينا على قلوبنا خوفًا عليه، وكنت أنا الوحيد في المنزل مع أمي.