بعد الإبادة الجماعية للفلسطينيين بقطاع غزة وعمليات القتل والتطهير العرقي والاستمرار في العدوان وتدمير ما يزيد عن 90% من قطاع غزة، بحيث لم تعد تتوفر إمكانية الحد الأدنى من مقومات الحياة للفلسطينيين في القطاع، وسوف تستغل "إسرائيل" نتائج الإبادة الجماعية والعمل على دفع الفلسطينيين للهجرة الطوعية ورغم تضامن شعوب العالم مع الشعب الفلسطيني ورغم قرار مجلس الأمن الدولي وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية ومذكرات التوقيف بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير حرب العدو الإسرائيلي السابق يوآف غالانت، فإن دول العالم تقف عاجزة عن وقف العدوان الإسرائيلي للشهر الخامس عشر، بسبب انحياز الإدارة الأميركية التي تقدم وتوفر كل أشكال الدعم والإسناد للاحتلال الإسرائيلي في الاستمرار بالمجازر الوحشية والإرهابية بحق الفلسطينيين، والغريب بأن تتحدث فضائية الجزيرة القطرية وبعض وسائل الإعلام حول الانتصار الميداني للمقاومة بقطاع غزة، وهذه الانتصارات والتي يتم الإعلان عنها من خلال المحللين السياسيين على فضائية الجزيرة وغيرها من وسائل الإعلام تعطي إشارات بأن ما يحدث هو حرب متكاملة الأوجه بين جيش الاحتلال وجيوش من المقاومة الفلسطينية المسلحة.
وحقيقة الأمر بأن ما يحدث بأن مجموعات فدائية تقاتل دفاع عن النفس وهذا أمر واقعي وهذا الجزء من المقاومة موجود منذ الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة عام 1967، الإبادة الجماعية للاحتلال الإسرائيلي والمسح الجغرافي لمختلف مناطق القطاع والنزوح المتكرر دفع المقاومة الفلسطينية إلى المطالبة بوقف إطلاق النار والقبول في المفاوضات، ودفع نتنياهو في كل محطة من محطات المفاوضات التراجع عن القبول بوقف إطلاق النار ودفع حركة حماس التراجع عن المطالبة بما يتعلق في أعداد الأسرى، حيث كان الهدف الأساسي تبيض السجون وحماية المسجد الأقصى المبارك وإنسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة، الآن أصبحت المطالبة الإفراج عن الأسرى في صفقة شليط، وبعض من الأسرى ذوي المؤبدات وقد يتم الإفراج عن بعض الأعداد منهم وإبعادهم إلى خارج فلسطين.

وقد وافقت حماس على شروط نتنياهو بعدم الإنسحاب الشامل من قطاع غزة بل قد يتم إعادة الانتشار للجيش الإحتلال الإسرائيلي في بعض الأجزاء من القطاع، وما تزال الخلافات قائمة على عملية تبادل وشروط "إسرائيل" حول إعداد أسماء الأسرى وتسليم المعابر نتساريم ومعبر رفح الحدودي مع مصر، ورغم حجم التنازلات من قبل حماس والجهاد الإسلامي في سبيل ليس العودة إلى ما قبل السابع من أكتوبر بل إنجاز وقف إطلاق بدون الإنسحاب الشامل لا تزال حكومة نتنياهو وفريقه يتراجع ويفرض شروط جديدة، حماس تكرر القبول بتشكيل لجنة الإسناد المجتمعي في إطار تقاطع مصالح "إسرائيل" وحماس بمنع عودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة وتسليم المعابر الحدودية للسلطة الفلسطينية، ولذلك يتم طرح تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي، من قبل حماس والجهاد الإسلامي.
ومن المؤسف بأن نتائج ومخرجات العدوان الإسرائيلي على القطاع كارثية بكل معنى الكلمة، ومع ذلك تدفع هذه الفصائل حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية إلى دعم وإسناد الجماعات المسلحة في جنين والمخيم وتصعيد الأوضاع في شمال الضفة الغربية ومخيماتها، ولا تعير الاهتمام لدماء الفلسطينين، بدون أدنى شك بأن المقاومة بكل أشكالها حق مشروع لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني، ولكن هذا يتطلب التفكير الإستراتيجي من المستفيد من التصعيد العسكري في الضفة الغربية في الوقت الحالي وفقًا للوقائع الميدانية فإن هدف حكومة نتنياهو وفريقه التصعيد في محافظات الضفة ومخيماتها وعملية التدمير الشامل وتكرار ما حدث بقطاع غزة، وقد سبق وأعلن وزير المالية الإسرائيلي سموتريتش والذي يتولى إدارة شؤون الضفة الغربية حول ضم الضفة الغربية خلال المرحلة القادمة من قبل الكنيست الإسرائيلي، والسؤال لماذا ندفع في إتجاه التصعيد في جنين والمخيم؟ لذلك فإن الأولوية الآن المحافظة على الوحدة الوطنية والأمن المجتمعي في جنين والمخيم ومختلف مناطق الضفة الغربية، ولذلك فإن مهمة الفصائل الفلسطينية والشخصيات المستقلة الوطنية، وهذا يتتطلب موقف وطني موحد لمعالجة ما يحدث، فإن الدم الفلسطيني محرم أيًّا كانت الأسباب ودوافع استشهاد عدد من عناصر الأجهزة الأمنية الفلسطينية جريمة، حيث أن أفراد وضباط الأجهزة الأمنية هم من أبناء الشعب الفلسطيني والعديد من قيادات الأجهزة الأمنية الفلسطينية هم  الأسرى المحررين من سجون الاحتلال ومن أبناء الشهداء والجرحى ولذلك يجب أن تتحمل الفصائل الفلسطينية وخاصة حماس والجهاد الإسلامي مسؤولية ما يحدث بوقف إطلاق الصراع القائم والتفكير بأن ما يحدث لا يخدم مصالح الشعب الفلسطيني وقد سبق ذلك بأن حركة حماس وجناحها العسكري قد وافقت على الهدنة متكررة بقطاع غزة، واليوم تتفاوض على الهدنة ووقف إطلاق النار بقطاع غزة؛ لذلك ما يحدث في جنين وفي كل أرجاء فلسطين مسؤولية وطنية يتحمل الجميع منع الاشتباكات الحالية فإن المستفيد هو الاحتلال الإسرائيلي وعملائهم.