بقلم: زهير طميزة
تقع قرية بيت سكاريا وسط التجمع الاستيطاني "غوش عصيون" جنوب بيت لحم وتشمل خمسة تجمعات فلسطينية موزعة على مساحة تقارب 7 آلاف دونم بعد مصادرة ألفي دونم من مساحتها الأصلية، لكن عدد منازلها يقل عن المئة يقطنها 650 نسمة، بفعل سياسات الاحتلال التي تمنع أي نمو عمراني فلسطيني في المنطقة.
يقول رئيس مجلس قروي بيت سكاريا محمد سعد "أبو ابراهيم": إن التجمع الفلسطيني الذي يطلق عليه بيت سكاريا، مكون من خمسة تجمعات متناثرة أكبرها "بيت سكاريا"، يليها "خلة البلوطة" و"وادي شخيت" و"خلة عفانة" و"الشفا"، وهي تجمعات تشكل امتدادًا لعائلات "الصراص" من بيت جالا، و"عابدة" من بيت لحم، وعدد من عائلات قرية أرطاس، أبرزها: "سعد" و "أبو صوي" و "شاهين".
وأضاف: أما اسم القرية "بيت سكاريا" فهو الاسم الكنعاني لبيت زكريا، نسبة إلى مقام النبي زكريا الذي أقيم عليه مسجد القرية الحالي.
وحسب "أبو ابراهيم": فإن اسم التجمع الاستيطاني "عصيون" مأخوذ من اسم المستوطنة التي أقيمت في المكان عام 1924 على الأراضي التي كانت تمتلكها مؤسسة ألمانية نقلتها إلى اليهود وأخذت اسمها "عصيون" من اسم شجرة البلوط الشهيرة التي كانت قرب مقام النبي زكريا (جامع بيت سكاريا).
- بين مطرقة الجنود وسندان المستوطنين
في عام 2021 وافقت إدارة الاحتلال المدنية على بناء 50 منزلاً للمواطنين الفلسطينيين في تجمع بيت سكاريا، ولكن المستوطنين احتجوا على القرار الذي ألغاه جيش الاحتلال فورًا، بل وزاد رقابته على المكان، فلا يسمح للمواطنين بإقامة أي بناء ولا حتى ترميم القديم منها، علاوة على ذلك أخطر الاحتلال أحد المزارعين بهدم سلسلة حجرية أقامها لحماية أرضه.
واعتبر رئيس مجلس قروي بيت سكاريا أن الهدف من هذا التضييق دفع المواطنين إلى الرحيل تحت وطأة الاحتياجات الحياتية، فالبناء ممنوع وتوسيع أو ترميم المباني القائمة ممنوع، والخدمات مكلفة، فالمواطن في بيت سكاريا يدفع ثمن كوب الماء ثلاثة أضعاف نظيره في بيت لحم أو الخليل، كونه يحصل على المياه من شركة "ميكوروت" الإسرائيلية وليس من خلال سلطة المياه الفلسطينية، وكذلك الاتصالات والمواصلات والصحة وغيرها من الخدمات الأساسية التي تكلف أهالي بيت سكاريا أضعاف سعرها الحقيقي، بسبب عناء الحصول عليها، أو الاضطرار للبحث عنها في مدينة بيت لحم.
وزاد الاحتلال ومستوطنوه من إجراءاتهم العدوانية تجاه المواطنين في بيت سكاريا، خاصة بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023 واندلاع حرب الإبادة ضد شعبنا، فالوصول إلى الأراضي الزراعية بات محفوفًا بالمخاطر، إذ تشترط سلطات الاحتلال عدم الاقتراب من الأراضي المحاذية للمستوطنات على مسافة 200 متر، في حين أن أراضي بيت سكاريا جميعها محاطة بالمستوطنات التي تخنقها عن قرب من كل الجهات.
- سياسات صمود فلسطينية مقابل "التفضيل" الاستيطانية
وأكدت رئيسة جمعية سيدات بيت سكاريا نور أسعد على ضرورة قيام الحكومة بتعزيز خدماتها في التجمع على كافة الصعد (الصحة والتعليم والمواصلات وجمع النفايات والخدمات الترفيهية والرياضية للأطفال)، فالمواطنون يعيشون فيما يشبه المعزل، ويجدون صعوبة كبيرة في الوصول إلى الخدمات الأساسية في المدينة. ومدرسة القرية لا تشمل الصفوف الثانوية ما يدفع الطلاب إلى الدراسة في القرى المجاورة مع ما يترتب على ذلك من مخاطر وتأخير خاصة في فصل الشتاء، كما أنها تفتقر للملاعب والمرافق الرياضية والترفيهية، كذلك يفتقر التجمع إلى الخدمات الصحية، الخاصة والحكومية على السواء، حيث لا يعيش أي طبيب في التجمع ولا توجد عيادات أو مستوصفات خاصة، كما أن عيادة وزارة الصحة لا تعمل إلا نادرًا، وفي أوقات متباعدة وبدون توفير معظم الأدوية المطلوبة، وكذلك يجد المواطنون صعوبة في التنقل بسبب غياب المواصلات العامة، ما يضطرهم للاعتماد على السيارات الخاصة التي لا يمتلكها جزء كبير منهم. وكذلك لا يجد الأطفال فسحة للعب، فلا ملاعب ولا حدائق في ظل محاصرة المستوطنات والشوارع الاستيطانية التي تشكل خطرا على الأطفال.
بدوره قال محافظ بيت لحم محمد أبو عليا: إن "الوزارات تعمل على تعزيز صمود المواطنين في بيت سكاريا ومختلف التجمعات المحاذية للمستوطنات ضمن الإمكانيات المتاحة"، مبينًا أن مديرية التربية والتعليم تخصص إحدى مركباتها لتأمين تنقل الطلاب بين مدارس التجمعات المختلفة، وكذلك خصصت وزارة النقل والمواصلات تصاريح خطوط خاصة، لكن بعض السائقين لا يلتزمون بالخط تحت ذريعة ارتفاع التكاليف وقلة العائدات.
أما على صعيد الخدمات الصحية، فكشف محافظ بيت لحم بأنه خاطب وزير الصحة حول تدني مستوى الخدمات الصحية في الأرياف خاصة في التجمعات المحاذية للمستوطنات، وحمل جزءًا من المسؤولية لنقابة الأطباء التي قلصت فترات الدوام، بحيث إن بعض العيادات لا تعمل سوى ساعة واحدة أسبوعيًا.
واعتبر أبو عليا أن على الجهات المختصة اتباع سياسات تفضيل تجاه التجمعات الفلسطينية التي تحاذي المستوطنات، لمواجهة سياسات التفضيل المتبعة من قبل حكومة الاحتلال تجاه المستوطنات التي تحظى بإعفاءات ضريبية وخفض للأسعار وتشجيع على امتلاك المساكن وتوسيع حدود المستوطنات على حساب أصحاب الأرض الفلسطينيين. فتعزيز صمود المواطنين على أراضيهم يتطلب تضافر جهود جميع الجهات الحكومية والأهلية والخاصة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها