بقلم: أزهار خطيب

تعدّ الحواجز الإسرائيلية واحدة من إجراءات الاحتلال التي يسعى من خلالها إلى السيطرة على الأراضي الفلسطينية، وتقييد حركة التنقل بين القرى والمدن في الضفة الغربية، إلى درجة لا تخلو معها مدينة أو بلدة أو قرية فلسطينية من وجود حاجز احتلالي أو أكثر أمام مداخلها.

ويواجه الطلبة الجامعيون جملة من التحديات بسبب هذه الحواجز من بينها: التأخير اليومي الذي يحول دون حضورهم المحاضرات والامتحانات في موعدها، والاجهاد النفسي والجسدي الذي يصيبهم نتيجة انتظارهم ساعات طويلة على الحواجز، ما يؤدي إلى الإرهاق والإحباط، وكذلك الخوف من تعرضهم لعمليات اعتقال أو احتجاز من قبل الاحتلال، وكذلك ارتفاع كلفة المواصلات بسبب اضطرارهم لسلوك طرق التفافية.

تقول تالا البرغوثي (21عاماً) طالبة في جامعة بيرزيت: "أحياناً أنتظر ساعة أو أكثر للمرور من الحاجز المنصوب على مدخل قريتي عابود وعطارة، ما يؤدي إلى تأخيري عن المحاضرات بشكل متكرر"، مشيرة إلى أنها عند وصولها إلى جامعتها تكون مرهقة وغير قادرة على التركيز.

وتضيف: أنها تجتهد لتنفيذ واجباتها العملية وتنفيذ مشاريعها الأكاديمية، لكن أحياناً تضيع عليها بعض المحاضرات المهمة والامتحانات القصيرة، علاوة على تسجيلها غائبة في بعض الأحيان نتيجة عمليات التأخير، ما أثر سلباً على تحصيلها الأكاديمي ودرجاتها العملية.

وتضطر هديل أبو ريال (21 عاماً) طالبة في جامعة القدس المفتوحة-فرع رام الله والبيرة، تقطن في مدينة نابلس، للاستيقاظ قبل موعد المحاضرة بساعات، كي تتجنب التأخير بسبب الحواجز بين مدينتي نابلس ورام الله.
وتقول: "عندما أكون في نابلس وأريد الذهاب إلى مكان دراستي في رام الله تفوتني نصف محاضرة الساعة الثامنة، وأيضاً عندما أغادر إلى نابلس أصل متأخرة جداً، ما يؤثر على وقتي المتاح للدراسة".

ويواجه الطلبة الذين يدرسون في مدينة وأهاليهم يقطنون في مدينة أخرى معاناة كبيرة نتيجة صعوبات في التنقل تحرمهم الالتقاء بأهاليهم لفترة من الوقت بسبب الحواجز.

وتضيف هديل: "امتنعت عن رؤية أهلي شهر تقريباً بسبب خوفي من الحواجز وعدم رغبتي الانتظار لساعات طويلة"، مشيرة إلى أن إغلاق الحواجز بشكل مفاجئ من أصعب الأوقات التي يعيشها الطلبة، ما يجعلهم أمام خيارين، إما البحث عن طرق التفافية أو العودة إلى المنزل.
وتتابع: "أعيش في توتر دائم لأنني لا أعرف ما الذي يمكن أن يحدث في اليوم التالي".

تدفع الحواجز الاحتلالية بعض الطلبة إلى التفكير جدياً في الانسحاب من الفصل الأكاديمي، بل إن التوجه للدراسة في الخارج أضحى خياراً.
تقول سناء البرغوثي (20 عاماً) الطالبة في جامعة النجاح الوطنية في نابلس: "أفكر بالانسحاب بسبب الضغط المستمر والتوتر اليومي، فلم أعد أرى فائدة من الدراسة في هذه البلاد".

وتضيف: "أفكر بجدية البحث عن الدراسة في الخارج، ما يجنبني الصعوبة في التنقل، ويمنحني شعوراً بالأمان، فالتعليم يحتاج إلى بيئة مستقرة". ورغم علمها أن هذا الخيار ليس سهلاً من الناحية المادية، لكنها تجد فيه استثماراً في المستقبل، منوهة إلى أن الانتظار الطويل على الحواجز قد يدفعها إلى إنهاء مشوارها الأكاديمي في جامعتها.

ويشير عبد الله أبو رحمة مدير عام دائرة العمل الشعبي في هيئة المقاومة والاستيطان إلى أن جيش الاحتلال نصب أكثر من "710" حواجز ثابتة في الضفة بعد إعلان الحرب على شعبنا في السابع من تشرين الأول 2023، مبيناً أن هذا الرقم لا يشمل الحواجز الطيارة التي يلجأ إليها الاحتلال بين وقت وآخر.

ويؤكد الدكتور حسني عوض نائب رئيس جامعة القدس المفتوحة للشؤون الأكاديمية أن الصعوبات التي يواجهها الطلبة للوصول إلى جامعاتهم وحضور المحاضرات وتقديم الامتحانات في مواعيدها يلقي بظلاله على العملية التعليمية برمتها.

ويقول د. عوض: "نحاول قدر الإمكان الحفاظ على انتظام المسيرة التعليمية في جامعة القدس المفتوحة، وعدم تعرض الطلبة للخطر، مدركين أن العلم سلاح للشعب الفلسطيني، لذا يجب أن تتواصل العملية التعليمية رغم كل الظروف"، منوهًا إلى أن الجامعة تتبنى فلسفة نظام التعليم الذاتي والمدمج، ما سهل على كثير من الطلبة غير القادرين على الحضور، لافتاً إلى أن إدارة الجامعة تبحث بشكل مستمر عن حلول تناسب الطلبة كافة، لذا فإنها تتفهم الظروف القائمة من خلال إبداء المرونة وتقديم التسهيلات للطلبة خاصة في فترة الامتحانات، بعدم حرمان أي طالب من تقديم الامتحان في حالة تأخرة لفترة معينية.

وكان الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أشار في إحصائية سابقة له إلى أن عدد طلبة الجامعات والكليات الجامعية في في الضفة الغربية وصل في العام الدراسي 2020-2021 إلى(131380) طالباً.

كسائر أبناء شعبهم، فإن الطلبة الجامعيين يواجهون إجراءات انتقامية جماعية يفرضها الاحتلال، من خلال معاناتهم المستمرة في التنقل إلى جامعاتهم بسبب الحواجز التي لم تعد مجرد نقاط تفتيش، بل أضحت عنواناً للقمع والإذلال، وانتهاكاً صارخاً لحقوقهم في التعليم، والتنقل، والعيش بكرامة كباقي الطلبة في العالم.