الآن وبعد أن أبلغت حكومة الصهيونية الدينية في إسرائيل برئاسة بنيامين نتنياهو الأمم المتحدة بقطع علاقتها رسميًا مع وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، بات ممكنًا أخذ البلاغ بمثابة صورة بأبعاد ثلاثية (لانفلات إسرائيل) فالبلاغ إقرار من رأس الهرم السياسي في دولة الاحتلال إسرائيل، بأنها دولة ليست محبة للسلام، وترفض الالتزامات الواردة في ميثاق الأمم المتحدة، وأنها غير قادرة على تنفيذ هذه الالتزامات، ولا ترغب بذلك، لذا ليس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، سوى فصل هذه الدولة المتمردة "إسرائيل" تحقيقًا للعدالة، وإنفاذًا للميثاق والقانون الدولي، وانتصارًا لإرادة الأمم والشعوب والدول المحبة للسلام، ويمكننا أخذ الموضوع من باب التهكم والقول: فصل إسرائيل وإخراجها من تحت مظلة الشرعية الدولية بطلب من حكومة إسرائيل المتغطرسة ذاتها.

لم تفعل حكومة منظومة الاحتلال والاستعمار الاستيطاني الصهيونية العنصرية (إسرائيل) سوى تحديث العدائية المطلقة للقانون الدولي ومجتمع الإنساني المتمثل بالجمعية العامة للأمم المتحدة  ومنظماتها المنبثقة، فاستهتارها واحتقارها للشرعية الدولية ابتدأ منذ إصرار حكوماتها على نكث تعهد قدمته للأمم المتحدة سنة 1949 بضمانة واشنطن يقضي بالاعتراف بالدولة العربية الفلسطينية في فلسطين، وفقًا لقرار التقسيم رقم 181 لسنة 1947، الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، ما يعني أن "شرعية إسرائيل" ما زالت مرهونة وفقًا لقرار الجمعية العامة رقم 273 بتاريخ 11 مايو/أيار سنة 1949 الذي صدر بعد استلام تقرير مجلس الأمن الدولي، بشأن طلب "إسرائيل" العضوية الدائمة. فهذه المنظومة العنصرية ما زالت تمارس إرهاب دولة بحق القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، وتنتهج جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية  وجريمة الإبادة، وتطبق قوانينها العنصرية على المواطنين الفلسطينيين، والحقائق والوقائع اليومية على الأرض شاهد إثبات، ليس من اليوم وأمس القريب وحسب، بل منذ وعد بلفور البريطاني المشؤوم سنة 1917 عندما صاغت واشنطن كل كلمة في هذا الوعد. وعملت مع دولة الانتداب بريطانيا على تثبيتها كقاعدة استعمارية متقدمة بمسمى دولة، وفي جغرافيا وتاريخ المنطقة العربية والحضارية في شرق وجنوب البحر الأبيض المتوسط، ويجب أن نتذكرها دائمًا.

وبالعودة إلى القرار 273 سنة 1949 الصادر عن الأمم المتحدة نقرأ ما يلي في مقدمة القرار: "إذ تلاحظ  أن مجلس الأمن قد أوصى الجمعية العامة بقبول إسرائيل عضواً في الأمم المتحدة. وفي الفقرة التالية: "إذ تلاحظ أيضاً تصريح دولة إسرائيل بأنها تقبل، دون تحفظ، الالتزامات الواردة في  ميثاق الأمم المتحدة، وتتعهد أن تحترمها منذ اليوم الذي تصبح فيه عضواً في الأمم المتحدة".
وفي الفقرة السابقة للبندين 1و2: "إذ تذكر بقراريها الصادرين في 29 تشرين الثاني/نوفمبر1947، وفي 11 كانون الأول/ديسمبر 1948، وإذ تحيط علماً بالتصريحات وبالإيضاحات التي صدرت عن ممثل حكومة إسرائيل أمام اللجنة السياسية الخاصة، فيما يتعلق بتطبيق القرارات المذكورة والمقصود هنا بشكل مباشر قرار القسيم رقم 181 وقرار 194 سنة 1948 الدورة الثالثة حيث نلاحظ في نص المادتين السابعة والثامنة مكانة القدس، ووضعها تحت مراقبة الأمم المتحدة الفعلية حيث نصت المادة 7: "تقرر وجوب حماية الأماكن المقدسة -بما فيها مدينة الناصرة- والمواقع والأبنية الدينية في فلسطين".
وتأمين حرية الوصول إليها وفقاً للحقوق القائمة، والعرف التاريخي، ووجوب إخضاع الترتيبات المعمولة لهذه الغاية لإشراف الأمم المتحدة الفعلي. وعلى لجنة التوفيق التابعة للأمم المتحدة، لدى تقديمها إلى الجمعية العامة في دورتها العادية الرابعة اقتراحاتها المفصلة بشأن نظام دولي دائم لمنطقة القدس، أن تتضمن توصيات بشأن الأماكن المقدسة الموجودة في هذه المنطقة، ووجوب طلب اللجنة من السلطات السياسية في المناطق المعينة تقديم ضمانات رسمية ملائمة فيما يتعلق بحماية الأماكن المقدسة في باقي فلسطين، والوصول إلى هذه الأماكن وعرض هذه التعهدات على الجمعية العامة للموافقة.

أما المادة8: " تقرر أنه نظراً إلى ارتباط منطقة القدس بديانات عالمية ثلاث، فإن هذه المنطقة، بما في ذلك بلدية القدس الحالية، يضاف إليها القرى والمراكز المجاورة التي أبعدها شرقاً أبو ديس، وأبعدها جنوباً بيت لحم، وأبعدها غرباً عين كارم (بما فيها المنطقة المبنية في موتسا) وأبعدها شمالاً شعفاط، يجب أن تتمتع بمعاملة خاصة منفصلة عن معاملة باقي مناطق فلسطين الأخرى، ويجب أن توضع تحت مراقبة الأمم المتحدة الفعلية.