بقلم: هدى حبايب
لم يرق للمستعمرين مشهد عشرات المتطوعين وهم يقطفون ثمار الزيتون في الأراضي الزراعية المهددة بالاستعمار في قرية كفر اللبد شرق طولكرم، وأطلقوا الأعيرة النارية بشكل عشوائي تجاههم.
وتقع هذه الأراضي في منطقة مرتفعة تسمى "ديربان" غرب القرية، واستولى الاحتلال على مساحات واسعة منها لإقامة بؤرة استعمارية تابعة لمستعمرة "أفني حيفتس"، المقامة على أراضي قرى: كفر اللبد والحفاصي وشوفة منذ عام 1987.
هؤلاء المتطوعون من شبان وكبار سن ونساء، يمثلون مختلف المؤسسات الرسمية والشعبية، إضافة إلى متضامنين أجانب، لبوا دعوة هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، لمساندة المزارعين في قطف ثمار الزيتون في أراضيهم، خاصة تلك المحاذية للبؤر الاستعمارية، ضمن حملة واسعة نفذتها في عدد من المناطق في الضفة، ومنها موقعا رامين وكفر اللبد في محافظة طولكرم.
ومع بدء المتطوعين بقطف الزيتون على بعد أمتار قليلة من البؤرة الاستعمارية، باغتهم مستعمرون مدججون بالسلاح، بإطلاق وابل من الرصاص تجاههم بشكل متكرر، والصراخ عليهم بمغادرة المكان فورًا، وسط رفض الحضور الانصياع لأوامرهم، ومواصلة العمل غير آبهين بالتهديدات.
وبعد مرور بضع دقائق، حضرت دورية لجيش الاحتلال مساندة لعصابات المستعمرين، وبدأ أفرادها دون مقدمات بإطلاق وابل من قنابل الغاز السام صوب المزارعين والمتطوعين معهم، ما تسبب في إصابة عدد منهم بالاختناق.
وقال مزارعون: "هذا ليس بجديد على المستعمرين، خاصة في هذه المنطقة التي هي من أخطر المناطق التي يوجد فيها المستعمرون، حيث يمارسون العربدة بحق أصحاب الأرض".
وأضافوا: أن "هؤلاء أشعلوا قبل أيام النيران وأحرقوا مساحة واسعة من الأراضي المزروعة واعتدوا علينا مهددين بإطلاق النار إذا ما عدنا إلى المكان، وهذا ما حدث اليوم".
وقال المزارع مأمون عبد الحق من كفر اللبد ويملك 25 دونمًا في المنطقة المستهدفة: "كل يوم يطلقون علينا الرصاص، ويلاحقوننا أثناء عملنا في قطف الزيتون أو مجرد وجودنا مع الدواب في الأرض، ويجبروننا على المغادرة تحت تهديد السلاح"، مشيرًا إلى أنه كان يملك 50 رأس غنم وبقر وخيل، في مزرعة صغيرة في أرضه، إلا أنه اضطر إلى بيعها، بسبب عدم سماح المستعمرين له بالتزود بالمياه والكهرباء، وتهديداتهم المتواصلة ومنعه من رعيها.
وأضاف: "رغم ذلك، أقطع يوميًا مسافة كبيرة من القرية للوصول إلى أرضي مشيًا على الأقدام، لأكون موجودًا فيها وأثبت أننا صامدون في أراضينا".
فيما يقول المزارع محمد غالي الذي يملك عشر دونمات من الأراضي المزروعة بالزيتون ومزرعة مواشٍ شيدها منذ خمس سنوات: "يوميًا هناك مستعمرون في هذه الأراضي، ويتكرر الموقف ذاته من إطلاق النار وقنابل الغاز السام علينا بحماية جيش الاحتلال، ما يجبرنا على مغادرة المنطقة والابتعاد مئات الأمتار عنها، وقد حاولوا إجباري على مغادرة المزرعة عدة مرات، ولكن نحن صامدون وباقون رغم هذه الخطورة".
وأكد رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الوزير مؤيد شعبان، الذي كان ضمن المشاركين في الحملة، أن الرسالة الواحدة والوحيدة في كل الضفة الغربية بما فيها القدس أن هذه الأرض فلسطينية خالصة، لا يمكن أن نتركها وحدها لقمة سائغة في فم هؤلاء المستعمرين الذين بدأوا بالتكالب والتجمع منذ اللحظة الأولى على بعد أمتار من المكان.
وقال: "رسالتنا في كفر اللبد كما في رسائلنا في كل الوطن، أن هذه الأرض فلسطينية يجب أن نصل إليها، وكما نرى فهي غير مستصلحة أو معتناة بها بسبب منع المستعمرين للمزارعين من الوصول إليها منذ عامين، وتعرضت منذ أيام للإحراق بعد إشعال المستعمرين النيران في هذه المنطقة عن بكرة أبيها، حيث طالت عشرات الدونمات المزروعة بالزيتون".
وأضاف شعبان: "اليوم نثبت من جديد أن هيئة مقاومة الجدار والاستيطان وكل الشركاء سنكون موجودين في هذه الأراضي، رغم الخطر الشديد الذي يحيط بها، ونحن مصرون على الوقوف مع أبناء شعبنا لمساعدتهم على قطف ثمار الزيتون، ضمن برنامج مطوّل مدته 35 يومًا، كنا في رامين وقصرة واليوم في كفر اللبد، والأسبوع المقبل سنكون في بيت ليد وأم صفا والخليل وبيت لحم وسنجل في رام الله".
وتابع شعبان: "المزارع الفلسطيني هو من تنحني له القامات وتُرفع له القبعات، فرغم الخوف والقلق والإرهاب الذي يمارس بحقه وأسرته، فإنه يبقى في أرضه صامدًا".
ويشهد موسم قطف ثمار الزيتون في الضفة الغربية هذا العام اعتداءات متكررة من المستعمرين وقوات الاحتلال، كإحراق أشجار الزيتون وتقطيعها والاستيلاء على المحصول، ومنع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم.
وقال خبراء أمميون أمس: إن "المزارعين في الضفة الغربية المحتلة يواجهون هذا العام أخطر موسم زيتون على الإطلاق، لأنهم يتعرضون للترهيب وتقييد الوصول إلى الأراضي، والمضايقات الشديدة والهجمات من المستعمرين المسلحين".
واعتبروا أن تقييد موسم قطاف الزيتون وتدمير البساتين ومنع الوصول إلى مصادر المياه، هي محاولات من جانب إسرائيل لتوسيع مستعمراتها غير القانونية.
واليوم، استُشهدت مواطنة (60 عامًا)، عقب إصابتها برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، بينما كانت تقطف ثمار الزيتون مع عائلتها في المنطقة القريبة من جدار الفصل والتوسع العنصري المقام على أراضي فقوعة، شمال شرق جنين.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها