في اجتماع خاص لحكومة اليمين الإسرائيلية إحياءً لذكرى السابع من أكتوبر، طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حكومته بتغيير اسم الحرب من "السيوف الحديدية" إلى "حرب القيامة"، في إشارة منه إلى معركة هارمجدون "جبل مجدو" والتي قالت المصادر التوراتية بأنها حرب بين "الخير والشر"  وبأنها  ستنتهي "بانتصار" اليهود في معركة عالمية يموت فيها الملايين من الأعداء الكفار. ويدفنون في القدس حتى يعم الخير المطلق على يد المسيح. وفي هذا الإطار، نجد أن نتنياهو أراد تغيير اسم العدوان الإسرائيلي - الذي بدأ في السابع من أكتوبر وحتى الآن- إلى حرب القيامة، للغايات التالية:

1- جعل هذه الحرب حرب دينية بالأساس.

2- جعل هذه الحرب ليست فقط ضد الفلسطينيين، وإنما هي حرب إقليمية واسعة وربما تصبح عالمية.

3- أن تكون شاملة، لقتل الملايين فيها بزعم أن ذلك سيؤدي إلى خلاص الشعب اليهودي وخلاص العالم.

- وفي الإطار السابق، نجد أن إطلاق نتنياهو لهذه التسمية على حربه العدوانية في المنطقة له العديد من الدلالات السياسية، ومن أهمها:

1- بداية تشكل تيار ديني قوي في حزب الليكود، وساعد في ذلك تحالف الليكود مع الصهيونية الدينية، وربما سينضم إلى حزب الليكود في الانتخابات المقبلة تيارات دينية صهيونية كبيرة، وهذا سينقل الليكود من سمة اليمين إلى سمة الصهيونية اليمينية الدينية.

2- استقطاب شرائح كبيرة من اليهود المتدينين في إسرائيل لصالح المجهود العسكري والسياسي من خلال استخدام المفاهيم الدينية التي يتفق عليها اليهود الصهاينة، وخاصةً أن المجتمع الإسرائيلي تحول في العقد الأخير إلى التطرف الديني بشكل ملحوظ. وهذا يفسر ارتفاع شعبية نتنياهو في استطلاعات الرأي الأخيرة بشكل لافت.

3- تنامٍ كبير وقوي في شعور نتنياهو بنشوة النصر لا سيما بعدما نجح جيشه بتدمير قطاع غزة واغتيال عشرات من القيادات السياسية في حزب الله، وهو الأمر الذي قد يدفعه إلى المزيد من المغامرات العسكرية في المنطقة ككل بما فيها إيران.

4- بداية مرحلة جديدة من التعاون وربما الاندماج بين الصهيونية والمسيحيين الانجليكانيين لا سيما المحافظين الجدد في الولايات المتحدة الأميركية، والتي يزيد عدد أعضاء كنائسهم عن 60 مليون أميركي يتزعمهم دونالد ترامب. ويعود السبب في ذلك إلى إيمان الانجليكانيين بمعركة يوم القيامة وأهميتها بالنسبة لهم من أجل الإسراع في عودة المسيح وإنقاذه للبشرية. وهذا يشير إلى رغبة نتنياهو في إعادة تحالفه مع المحافظين الجدد في الولايات المتحدة بناءً على اعتبارات وأسس دينية مهمة وهي حرب القيامة.

5- استخدام الرخصة الدينية التوراتية بقتل مزيد من العرب أو الكفار حسب التسمية التوراتية، ولهذا فإن مزيدًا من القتل والتدمير سيكون مشروعاً في عدوان هذه الدولة العنصرية الفاشية على كافة شعوب المنطقة.

6- الابتعاد قدر الإمكان عن الحلول السياسية، من أجل تطبيق مشيئة الرب بتدمير الكفار وإقامة دولة اليهود وتحقيق السلام في العالم، بزعم أن هذا السلام لن يكون إلا بقتل أعداء اليهود من "الجويم" والكفار.

للأسف، فقد وجدنا من تحليل سياقات مفهوم حرب القيامة ودلالاتها بأن نتنياهو ماضٍ في عدوانه على قطاع غزة ولبنان وكافة دول المنطقة. وبالنتيجة، فإن إسرائيل تسعى في ضوء هذا المفهوم الديني "حرب القيامة" إلى ممارسة دور وظيفي جديد في منطقة الشرق الأوسط وهو شرطي الغرب في المنطقة من خلال تدمير قوى الكفر والشر. وفي السياق، فإننا لا نستبعد أن يجن جنون نتنياهو في خضم هذا الترف الديني والنفسي إلى أن يطلق على نفسه لقب المسيح.