عقد مجلس الأمن الدولي، اليوم الخميس 2024/09/19، جلسة لمناقشة تطبيق القرار "2334" /2016، الذي يطالب إسرائيل بالوقف الفوري والكامل لجميع الأنشطة الاستيطانية في الأرض الفلسطينية المحتلة.

وجدد المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند التأكيد على أن إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، ليس له أي شرعية قانونية ويشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي.

وقال وينسلاند في إحاطة أمام المجلس عبر الفيديو: إن "النشاط الاستيطاني مستمر، والصراع المدمر في غزة متواصل جنبًا إلى جنب مع العنف اليومي في الضفة الغربية المحتلة، رغم دعوة قرار مجلس الأمن رقم "2334" إلى الوقف الفوري والكامل لجميع الأنشطة الاستيطانية، واتخاذ خطوات فورية لمنع جميع أعمال العنف ضد المدنيين".

وأضاف وينسلاند: أنه "تم تقديم أو الموافقة على نحو 6370 وحدة استيطانية جديدة، وأن عمليات هدم والاستيلاء على المباني المملوكة للفلسطينيين استمرت في مختلف أنحاء الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية".

وأفاد باستمرار عمليات إخلاء المواطنين الفلسطينيين من منازلهم في القدس الشرقية، وتهجير "188" مواطنًا فلسطينيًا، بينهم "111" طفلاً، من مجتمعاتهم في الضفة الغربية بسبب العنف والمضايقات من قِبل المستوطنين وتقلص أراضي الرعي.

وقدم المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط ملاحظات الأمين العام بشأن تطبيق القرار "2334"، حيث جدد إدانته بشكل لا لبس فيه للقتل والإصابة على نطاق واسع للمدنيين في غزة، بما في ذلك النساء والأطفال، والحرمان من الضروريات اللازمة للبقاء على قيد الحياة.

وقال وينسلاند: "لا شيء يمكن أن يبرر العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني، وأشعر بالقلق إزاء ما قد يرقى إلى مستوى الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك عدم الامتثال المحتمل لمبادئ التمييز والتناسب والاحتياط".

وشدد على أنه من أجل تلبية الاحتياجات الإنسانية الهائلة وتحسين الظروف التي لا تطاق للمدنيين، يتعين على إسرائيل أن تفتح جميع المعابر المؤدية إلى غزة بالكامل وتيسر التسليم الفوري والآمن وغير المقيد للمساعدات الإنسانية على نطاق واسع مباشرة إلى السكان المدنيين الفلسطينيين في جميع أنحاء قطاع غزة وفقًا لالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني.

وجدد وينسلاند الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار لإنهاء المعاناة الإنسانية، داعيًا إلى مضاعفة الجهود للتوصل إلى اتفاق من شأنه أن يؤدي إلى وقف فوري لإطلاق النار والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن.

وأدان المسؤول الأممي بشدة جميع أعمال العنف ضد المدنيين، مضيفًا: أن "تصعيد العنف في الضفة الغربية المحتلة بما في ذلك القدس الشرقية أمر مثير للقلق الشديد".

وتتطرق وينسلاند إلى الاجتياحات الإسرائيلية المتكررة لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية، وما خلفته من ضحايا وأضرار جسيمة في البنية التحتية، معربًا عن القلق العميق إزاء العدد الكبير من الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال، الذين تعتقلهم قوات الاحتلال الإسرائيلي، وزيادة حالات الاعتقال الإدارية منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر.

وأدان الهجمات التي يشنها مستوطنون إسرائيليون ضد الفلسطينيين بما في ذلك على مقربة من قوات الاحتلال الإسرائيلي وبتواطؤ منها وأحيانًا باستخدام أسلحة توزعها حكومة الاحتلال الإسرائيلي.

وقال المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط إن الأمين العام: "مازال منزعجًا بشدة من التوسع المستمر للمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية".

وأضاف: "تعمل السياسات والممارسات الإسرائيلية على تغيير الأراضي في الأرض الفلسطينية المحتلة بشكل منهجي، مما يخلق ديناميكيات خطيرة وتهديدًا وجوديًا لحل الدولتين".

وشدد على أن التوسع الاستيطاني وعنف المستوطنين والخطوات الإسرائيلية الأخيرة وإعلانات ما يسمى "أراضي الدولة" واسعة النطاق في الضفة الغربية المحتلة، تغير المشهد بشكل أساسي، وتزيد من تعميق الاحتلال.

وأوضح أن هدم والاستيلاء على المباني المملوكة للفلسطينيين قد ينطوي على العديد من انتهاكات حقوق الإنسان ويثير المخاوف بشأن خطر النقل القسري.

وأعرب المسؤول الأممي عن القلق إزاء الحالات المتعددة التي انخرط فيها مسؤولون إسرائيليون في استفزازات خطيرة وتحريض ولغة تحريضية، والتي يجب على الجميع رفضها.

ونقل تقدير الأمين العام العميق لوكالة غوث وتشغيل لاجئي فلسطين "الأونـروا" وجميع موظفي الأمم المتحدة والعاملين في مجال المساعدات الإنسانية، الذين يظلون ملتزمين بعملهم في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة على الرغم من المخاطر الأمنية الكبيرة. وعبر عن القلق العميق إزاء الجهود الرامية إلى تقويض عملهم المنقذ للحياة.

وقال وينسلاند: "لكي نواجه التحديات المقبلة، يتعين علينا أن ننشئ أطرًا سياسية وأمنية قادرة على معالجة الكارثة الإنسانية، والبدء في التعافي المبكر، وإعادة بناء غزة، وإرساء الأساس لعملية سياسية لإنهاء الاحتلال وإقامة حل الدولتين".

وشدد على أن التقدم نحو السلام يجب أن يتناول ويحقق بشكل كامل الحق الأساسي والمشروع للفلسطينيين في تقرير المصير والسيادة على كامل الأرض الفلسطينية المحتلة.

بدورها، قالت عضوة مجلس الحكماء، رئيسة وزراء نيوزيلندا السابقة هيلين كلارك: "إن عدم تنفيذ قرار مجلس الأمن 2334 (2016) يطرح سؤالاً وجودياً: هل يستطيع مجلس الأمن إنفاذ قراراته؟".

وقالت كلارك: إن "مصداقية مجلس الأمن أصبحت على المحك بسبب فشله في تطبيق قراراته، بشأن الحرب الإسرائيلية على غزة".

وأضافت: "يقع على عاتق مجلس الأمن مسؤولية رسم طريق نحو سلام مستدام، وإن وقف إطلاق النار الكامل والفوري والمستدام في غزة خطوة لا غنى عنها. ومن المقلق للغاية أن قرار مجلس الأمن رقم 2735 الذي يدعو إلى ذلك لا يزال دون تنفيذ".

وتابعت: أن "النهج الذي اتبعه أعضاء المجتمع الدولي الأقوياء في التعامل مع الصراع فشل، وهناك حاجة إلى نهج جديد يرتكز على القانون الدولي".

وأكدت أن أعضاء المجلس الذين يشككون في مدى إلزامية هذه القرارات، أو الذين يستخدمون حق النقض لحماية حليف أو لمعارضة منافس جيوسياسي، يقوضون من سلطة المجلس. كما أنهم يقوضون سمعتهم ومصالحهم طويلة المدى.

ودعت كلارك إلى الاعتراف بدولة فلسطين ومنحها العضوية الكاملة في الأمم المتحدة. كما دعت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى احترام الرأي الاستشاري الأخير الذي أصدرته محكمة العدل الدولية والذي خلص إلى أن الوجود الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة غير قانوني ويجب أن ينتهي في أسرع وقت ممكن.

وأضافت: أنه "على الرغم من أن هذا الرأي غير ملزم، إلا أنه كان حكمًا مرجعيًا وتاريخيا، وينبغي على الجمعية العامة ومجلس الأمن تفعيل الرأي الاستشاري من خلال إصدار قرارات تؤيده وتحدد الإجراء المطلوب من جانب إسرائيل والدول الأعضاء الأخرى والأمم المتحدة لوضع حد للاحتلال".

وأشارت إلى أن المستوطنات استمرت في التوسع في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية بينما تركز الاهتمام الدولي على غزة، مؤكدةً أن هناك حاجة إلى إجراء أكثر حسمًا من جانب الدول الأعضاء.

كما دعت كلارك الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى الامتناع عن تقديم الدعم للمستوطنات غير القانونية أو التجارة معها.

يذكر أن القرار رقم "2334" اعتمد في 23 كانون الأول/ديسمبر عام 2016، حيث صوت لصالحه آنذاك "14" عضوًا من أعضاء المجلس الخمسة عشر، فيما امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت.

وأكد القرار مجددا أن إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، ليس له أي شرعية قانونية ويشكل انتهاكًا صارخًا بموجب القانون الدولي وعقبة كبرى أمام تحقيق حل الدولتين وإحلال السلام العادل والدائم والشامل.

وكرر مطالبته لإسرائيل بأن توقف فورًا وعلى نحو كامل جميع الأنشطة الاستيطانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وأن تحترم جميع التزاماتها القانونية في هذا الصدد احترامًا كاملاً.

وأكد أنه لن يعترف بأي تغييرات في خطوط الرابع من حزيران/يونيو 1967 بما في ذلك ما يتعلق بالقدس سوى التغييرات التي يتفق عليها الطرفان من خلال المفاوضات. ويدين القرار جميع أعمال العنف ضد المدنيين، بما في ذلك أعمال الإرهاب، وكذلك جميع أعمال الاستفزاز والتحريض والتدمير.

ويشدد على أن وقف جميع أنشطة الاستيطان الإسرائيلية أمر ضروري لإنقاذ حل الدولتين. ويدعو إلى اتخاذ خطوات إيجابية على الفور لعكس مسار الاتجاهات السلبية القائمة على أرض الواقع، التي تهدد إمكانية تطبيق حل الدولتين.