بقلم: فاطمة إبراهيم
في منزل طالب الثانوية العامة باسل غزاوي في مخيم جنين للاجئين شمال الضفة الغربية، كانت والدته عبير تترقب وصول رسالة النتائج من وزارة التربية والتعليم العالي، رغم علمها المسبق بأنه لم يجتز الامتحان بعد أن اغتاله الاحتلال الإسرائيلي واغتال حلمه في 30 كانون الثاني/يناير الماضي، عندما كان يرقد على سرير الشفاء في مستشفى ابن سينا.
كان باسل يتحضر لاجتياز امتحان الثانوية العامة، حين أصيب بجروح خطيرة من شظايا صاروخ أطلقته طائرة إسرائيلية مسيرة، على مجموعة من الشبان داخل مخيم جنين في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2023، ما تسبب في إصابته بشلل نصفي ورحلة علاج طويلة، قبل أن تغتاله قوة خاصة تابعة لجيش الاحتلال مع شقيقه محمد وصديقهما محمد جلامنة، داخل غرفته في المستشفى.
وانهمرت دموع الأم المكلومة فور وصول رسالة النتائج من وزارة التربية، مشيرة إلى أن نجلها باسل حلم كثيرًا في النجاح بامتحان الثانوية العامة، وحاول الالتحاق بزملائه في الدراسة رغم إصابته البليغة.
وتقول: "في أحد الأيام، ذهبت لزيارته في المستشفى فتفاجأت بتجهيزه لورقة الجلوس الخاصة بالامتحانات النهائية، سألته حينها هل تستطيع الدراسة وأنت مصاب؟ فأجابني أنه مصرّ على التقدم للامتحانات حتى وإن اضطر إلى الدراسة على سرير المستشفى، وكنت أسانده، وكنّا نخطط معًا كيف ستكون الفترة المقبلة وكيف سنحتفل بيوم إعلان النتائج".
وتتابع: "اليوم صعب جدًا علي، شعوري لا يوصف، انتظرت 12 سنة ليصل باسل إلى الثانوية العامة، حرموني منه، وحرموه من تحقيق أحلامه، قتلوه قبل أن يحقق أي حلم من أحلامه".
وعقب إعلان نتائج الثانوية العامة، استقبل منزل عائلة غزاوي عددًا من الأقارب والجيران الذين حضروا للوقوف إلى جانب والدته وعائلته.
وتقول أم الشهيد: "باسل نجح ونال شهادة أكثر أهمية من شهادة الثانوية العامة"، وتضيف: "نجح باسل والله نجح، الكل جاء يهنئني، أصحابه وزملاؤه أيضًا، وسأوزع حلويات بنجاح زملائه كلهم، كل أبناء المخيم الناجحين أولادي، كلهم مثل باسل"، مؤكدةً أن ألمها يشابه ألم أمهات غزة، اللواتي فقدن أبناؤهن في حرب الإبادة المتواصلة منذ أكثر من عشرة أشهر، ويشابه ألم طلبة غزة الذين حُرموا من التقدم لامتحانات الثانوية العامة.
وتقول: "الاحتلال حرمني من أن أفرح، وحرم باسل من تحقيق حلمه، وحرم 39 ألف طالب وطالبة من تحقيق أحلامهم".
وباسل غزاوي هو طالب الثانوية العامة الوحيد الذي قُتل على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي في محافظة جنين هذا العام، وهو من بين 20 طالب ثانوية عامة ارتقوا منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر في الضفة الغربية، وكان آخرهم الطالب يزن اشتية من قرية سالم بنابلس.
وكانت وزارة التربية والتعليم، قد أعلنت نتائج الدورة الأولى من امتحانات الثانوية العامة للعام الدراسي 2023-2024.
وقال وزير التربية والعليم العالي أمجد برهم: إن "الاحتلال حال دون تقدّم 39 ألف طالب ثانوية عامة من ممارسة حقهم في التعليم، بعد أن صادر حق عشرة آلاف من طلبة المدارس والجامعات في القطاع في الحياة، منهم 450 من طلبة الثانوية، علاوة على استشهاد 400 معلم، و105 من علمائنا من كوادر الجامعات، في ظل وجود 55 معتقلاً من طلبة الثانوية العامة، وترافق ذلك مع تدمير 286 مبنى من أصل 307 بناء مدرسي، و31 من المباني التابعة لجامعاتنا في غزة بشكل كامل".
وأضاف: "هذا العام، لا نسب عامة للنجاح، فالأعداد لم تكتمل، علما أن خمسين ألفاً ومئة طالب تقدمّوا للامتحان، منهم 1536 طالبًا في 29 دولة خارج الوطن من بينهم 1320 ممن غادروا قطاع غزة، منهم 1090 في جمهورية مصر العربية"، موضحًا أنه منذ السابع من تشرين الأول الماضي لم يتمكن 630 ألفًا من طلبة المدارس و88 ألفًا من طلبة الجامعات في غزة من ممارسة حقهم الطبيعي في الدراسة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها