المؤكد أن بنيامين نتنياهو لن يوافق على وقف حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في القطاع والضفة، لأن الحرب خياره الأساس لتحقيق أهدافه الشخصية والتحالفية، وكونه حتى الآن لليوم 241 من حرب الأرض المحروقة لم يحقق أي من الأهداف التي حددها، وهي الافراج عن أسرى الحرب الإسرائيليين، والقضاء على أذرع المقاومة، ومازال يواجه صعوبات وارباكات في انجاز ترتيبات اليوم التالي للحرب، ويعيش حالة من التخبط نتاج الضغوط الداخلية بسبب التناقضات داخل مجلس الحرب والخشية من سقوط حكومته ومع الشارع الإسرائيلي عمومًا وأسر الأسرى، وكذلك الضغوط من إدارة بايدن النسبية والرأي العام العالمي وقرارات المحاكم الدولية. 
ولتفادي الضغوط الأميركية وخارطة الطريق الملتبسة والغامضة، وافق مجلس الحرب ونتنياهو عليها أمس الأحد، لكنه وضع العصي في دواليبها، بالتأكيد على أن وقف الحرب غير ممكن إلا في حال تحقيق الأهداف الإسرائيلية، والتي تشي الشهور ال8 الماضية من حرب الإبادة على عدم تحقيقها باستثناء مضاعفة عمليات القتل والإبادة للأطفال والنساء والشيوخ والمواطنين الفلسطينيين العزل، والتدمير الهائل لمئات الآلاف من الوحدات السكنية والمدارس والجامعات والمعابد وإخراج المستشفيات والمراكز الصحية عن الخدمة، وتدمير معالم الحياة الآدمية والبنى التحتية بشكل مروع.


إذاً نتنياهو ومجلس حربه قالوا الشيء ونقيضه، وأعطوا باليمين الموافقة على المبادرة، ونكثوا بها مع ربطها بتحقيق أهداف الحرب الإجرامية. لأن رئيس الحكومة الفاشي متمسك بخياره بإدامة حرب الإبادة، ومنصاع لرؤية أقرانه سموتيريش وبن غفير، اللذان هددا أول أمس السبت 1 يونيو الحالي بشكل صارخ، انه في حال وافق على المبادرة، ووقع اتفاقا مع الجانب الفلسطيني، فإنهما سينسحبان من الحكومة، وهو ما يعني سقوط وتفكك الائتلاف الحاكم، وخروجه من رئاسة الحكومة، التي قد تكون الرئاسة الأخيرة، ليس هذا فحسب، بل يمكن أن يذهب للسجن بسبب نتائج 7 أكتوبر الماضي وقضايا الفساد وسوء الأمانة ال4 المرفوعة ضده في الحاكم الاسرائيلية. ولخشيته من ذلك لن يسمح بتمرير المبادرة الإسرائيلية الأميركية. كما انه لا يأتمن جانب يئير لبيد زعيم المعارضة، الذي وعده بتأمين شبكة امان له، ولا وعد هيرتسوغ، رئيس الدولة من حماية بقائه في الحكم لذات السبب في حال خرج زعيم "الصهيونية الدينية" و"القوة اليهودية". 
ورغم مناوراته المفضوحة للالتفاف على مبادرة الرئيس الأميركي، والتي هي بالأساس رؤية حكومته للأفراج عن الرهائن الإسرائيليين، لا سيما وأن ما فعله سيد البيت الأبيض، أنه أعلنها على الملأ لأحراج نتنياهو، وقطع الطريق عليه وعلى أقرانه الفاشيين سموتيريش وبن غفير، مما دعا النائبة في الكنيست عن حزب الليكود والمقربة من رئيس الحكومة تاليا غوتليب لتقديم شكوى للشرطة ضد الرئيس بايدن، وطالبت باعتقاله في حال زار إسرائيل بذريعة أنه كشف أسرارًا أمنية، في تحدي سافر لرئيس الولايات المتحدة الحليف الاستراتيجي لإسرائيل، والتي لولا إدارته لما وقفت إسرائيل على اقدامها بعد 7 أكتوبر الماضي، إلا أن  الحاوي نتنياهو لن يفتقد الذرائع، وسيبتدع ألاعيب جديدة للمماطلة والتسويف وكسب الوقت للبقاء على رأس الحكم حتى انقشاع غيوم إدارة بايدن في أعقاب الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر القادم. لأنه يعتقد أن الرئيس الأميركي الحالي لن يبقى في البيت الأبيض لولاية ثانية.


كما أنه يحاول جاهدًا استقطاب قوى أخرى مثل ليبرمان، زعيم حزب "إسرائيل بيتنا"، الذي أكد أمس أن بيبي عرض عليه تولي حقيبة الحرب بدل غالانت، لكنه رفض حسب تصريحه، وذلك لتحقيق هدفين، الأول التخلص من خصومه في مجلس الحرب، والثاني مواصلة حرب الإبادة الجماعية ضد شعبنا الفلسطيني، لعله يتمكن من تحقيق أي من الأهداف التي يتمسك بها. 
والنتيجة الجلية أن رئيس الحكومة وائتلافه عمومًا لن يمرروا ما أطلق عليها الرئيس الأميركي "مبادرة" أو "خارطة طريق"، التي بدا واضحًا، أنها ولدت ميته، أو أن طريقها شائكة ومظلمة، ولا تحمل أفقًا لرؤية النور، وقادم الأيام كفيل بالجواب على مستقبلها البائس.