هل أمسكت أحزاب الصهيونية الدينية بنيامين نتنياهو رئيس حكومة منظومة الاحتلال العنصرية الاستعمارية من المفصل الأصعب والأشد إيلامًا في تاريخه السياسي الشخصي، وتاريخ حزب الليكود الذي يترأسه؟! أم أنها فرصته التاريخية لتحقيق هدف القضاء نهائيًا على أية إمكانية لقيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة ؟!
أما الجواب فلا يمكن تحديده بنعم أو لا، فهناك مسارات أخرى لا يتحكم بها، فنتنياهو "ثعلب سياسي" مشهور بالمراوغة والمناورة، وصاحب الرقم القياسي في رئاسة الحكومة الإسرائيلية "15 سنة" خلال فترات انتخابية غير متصلة، ابتداء من 1996، حتى 2022، كان متمكنًا من لعبة ولوج صدر مركز الحكم، وإقصاء خصومه السياسيين، وتملصه من ضغوط دولية عديدة، وبذات الوقت توثيق عقدة العلاقة الاستراتيجية مع رؤساء البيت الأبيض المتابعين، الديمقراطيين والجمهوريين، بلغت ذروتها خلال فترة رئاسة دونالد ترامب الجمهوري (2016~2020)، وجو بايدن الديمقراطي حيث حظيت منظومة الاحتلال "إسرائيل" بحماية عسكرية مباشرة غير مسبوقة، وحماية في المنظمات الدولية، وأهمها "الفيتو" في مجلس الأمن الدولي، لمنع ارتقاء دولة فلسطين من عضو مراقب، إلى دولة كاملة العضوية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، رغم كل التقارير والتحليلات السياسية الإعلامية، عن خلافات وتوتر في العلاقات بين بايدن ونتنياهو!
ورغم ملاحظات البيت الأبيض الشديدة اللهجة على شركاء نتنياهو في الحكومة بن غفير رئيس حزب ما يسمى "العظمة اليهودية" وسموتيريتش رئيس حزب "الصهيونية الدينية"، اذ جاء الفيتو الأميركي الأخير بمثابة جائزة للثلاثي العنصري المتطرف، وهذا وحده تفسير مقنع لامتناع رئيس دولة فلسطين محمود عباس "أبو مازن" عن استقبال وزير الخارجية الأميركي بلينكن خلال جولته الأخيرة في المنطقة، ذلك أن سيادة الرئيس أبو مازن لطالما تحدث عن قدرة الولايات المتحدة على توجيه الأوامر لحكومة منظومة الاحتلال "إسرائيل" لإجبارها على الانصياع والخضوع لقرارات الشرعية الدولية، وثبت ذلك عمليًا في ملفي: اجتياح رفح، والمفاوضات حول تبادل الأسرى.
لا يستطيع نتنياهو في هذه اللحظات الفارقة اقصاء أصوات حزبي سموتريتش وبن غفير في الكنيست، فحكومته ستنهار، وبذات الوقت لا يملك ضمانات بتعويض الأصوات من احزاب المعارضة، لإدراكه أنها تعمل بقوة على اسقاطه في الشارع، قبل اسقاطه نظاميا في الكنيست، فنتنياهو يسعى لتحقيق "نصر ساحق" للتغطية على تواطئه المباشر والمقصود في تعزيز وجود وقوة حماس، لمواجهة حركة التحرر الوطنية الفلسطينية، ومسؤوليته عن تداعيات السابع من اكتوبر/ تشرين الأول، وليس للتهرب من محاكمة بسبب الفساد، فنتنياهو فشل بترسيخ الانفصال الفلسطيني، ليس لأن حماس الجهة المنفذة لم تفعل كل ما تستطيع بدعم من دول وقوى اقليمية، وإنما بسبب صمود مبدأ الوحدة الوطنية، وحكمة القيادة الفلسطينية، وصبرها، وصلابتها في مواجهة المؤامرة، وإجبار إسرائيل لأول مرة منذ انشائها على المثول أمام محكمة العدل الدولية، بدعوى قضائية من جنوب افريقيا، فيما يجري الحديث الآن عن تخوف شديد، من انجاز آخر لقيادة الشعب الفلسطيني في المحافل القانونية الدولية، وأخبار عن نية المحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتقال بحق ساسة، على رأسهم بنيامين نتنياهو، وجنرالات منهم وزير الحرب يوآف غالانت ورئيس أركان جيش الاحتلال هيرتسي هاليفي، فسارعت حكومة الاحتلال لإبلاغ واشنطن – حسب تسريبات- عن قرارات جاهزة ستؤدي لانهيار السلطة الفلسطينية، إذا صدرت اوامر اعتقال من الجنائية الدولية، فسقوط نتنياهو، يعني تدحرج النظام الاستعماري العنصري في اسرائيل الى قفص الجنائية الدولية، وهنا يبدأ عداد الحقيقة بالعد العكسي، وتتجلى عقدة الحشمونائيم أمام عيني نتنياهو، بانهيار الهيكل الاستعماري العنصري الذي أنشأه المستعمرون الكبار على أرض وطن الشعب الفلسطيني، وبذلك لا يكون أمامه إلا أمران: الأول مقايضة التطبيع بالموافقة على دولة فلسطينية، أو أن يكون شمشوم الصهيونية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها