لم ينفك المتطرفين الصهاينة واقرانهم وحلفائهم من المسيحية الصهيونية (الافنجليكان)، والمسكونين بعقدة الحروب الصليبية وتهافتهم الكهنوتي، وكل من يدور في فلكهم تساوقا مع هرطقاتهم، أو تزلفًا لغيهم وانتهازيتهم، أو مقابل رشوة مالية في حرف بوصلة الصراعات السياسية والاجتماعية الطبقية والقومية، ودفعها دفعا منتظمًا ومتواترًا نحو مستنقع الأساطير والخزعبلات لإدامة الحروب والصراعات البينية بين الشعوب، والأهم لتوظيفها في تغطية ذرائعيتهم بإقامة دولة من لقطاء الخزر اليهود، الذين البسوهم ثوب الحركة الصهيونية في فلسطين التاريخية وعلى حساب أصحاب الأرض الأصلانيين من الفلسطينيين العرب، وبحيث تكون أداة الغرب الاستعماري الامبريالي في الإقليم، الذي لا ينفك عن ركوب ظهر المجن، وإنتاج البيئات الحاملة لراية القرصنة والحروب في بقاع الأرض عمومًا، ومنها إقليم الشرق الأوسط الأكبر وفي نطاقه الوطن العربي لخدمة نفوذهم ومصالحهم الاستراتيجية في السيطرة على ثروات وخيرات الشعوب وامتصاص دمائهم، وللتحكم في مقاليد السياسة الدولية.

  
وفي السياق آنف الذكر، تعود قصة ذبح البقرة الحمراء إلى الواجهة مجددًا بعد ان قامت مجموعات الهيكل الصهيونية المتطرفة بجلب البقرات الحمر الخمس من ولاية تكساس الأميركية إلى إسرائيل في تشرين أول/أكتوبر 2022، وقامت على مدار العامين الماضيين برعاية تلك البقرات بعناية فائقة، وقام الحاخام الكهاني، يسرائيل أريئيل، مدير معهد المعبد بعقد مؤتمر يوم الأربعاء 27 مارس الماضي حول عملية الذبح للبقرات بعد أن بلغت السن المفروض لعملية التطهير، أي السنتين، ووفقًا للنصوص الدينية في التوراة ستظهر بقرة حمراء دون أي شعرة من لون آخر، لم تحمل، ولم تستخدم بأي نوع من الخدمات، وستذبح بتاريخ 2 نيسان العبري الموافق العاشر من نيسان/ابريل الميلادي القادم، ثم حرقها بطقوس معقدة، واستخدام الرماد المتبقي "لتطهير الشعب اليهودي"، ووفقا لمجموعات الهيكل الصهيونية يتمكن مئات الالاف من اليهود الصهاينة من اقتحام المسجد الأقصى، باعتباره "الهيكل الثالث"، والذي يتوافق مع عيد الفطر للمسلمين، أصحاب المسجد الأقصى، وقبلتهم الأولى، وثالث الحرمين الشريفين. 


ومن يعود لسورة البقرة في القرآن الكريم، وهي أكبر سور الكتاب الحكيم وعددها 286 آية، والتي حملت اسمها من قصة البقرة الحمراء اليهودية، تضمنت 115 آية عن هرطقات واكاذيب اليهود وخيانتهم للعهود، وقتل الأنبياء وخاصة أنبياءهم، وعن عبادتهم للبقرة وتحريفهم للأسفار جميعًا في التناخ، الكتاب اليهودي، والذي يتضمن الأسفار الخمسة الأولى، وهي التوراة، ويشتمل على 39 سفراً. ولكن لست بصدد اللعب في ملعبهم، ولا الغرق في متاهة أسفارهم واكاذيبهم وتزويرهم لكتاب الله. رغم ان الدين شئنا أم أبينا بات مفروضًا ولاعبًا أساسيًا في الصراع من خلال ادواته في الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي الصهيوني والأميركي والغربي الرأسمالي، ويطفو على سطح المشهد، ومع ذلك علينا المحاولة لإعادة الأمور الى نصابها، ومسارها السياسي والاقتصادي والاجتماعي الثقافي بعيدا عن دائرة الدين. لأننا لسنا ضد أي مؤمن من عباد الله يهوديًا او مسيحيًا او مسلمًا حنيفًا، لا بل ندعو للتسامح والتكامل مع اتباع الديانات السماوية والعقائد والرؤى الفكرية الوضعية المختلفة لتعزيز عوامل الشراكة بين بني الانسان في أصقاع الأرض كافة. 
وبالعودة لذبح البقرة الحمراء يوم 10 نيسان / ابريل الحالي الذي يصادف عيد الفطر السعيد للمسلمين مع اقتحام غلاة التطرف الديني والصهيوني النازي للمسجد الأقصى، فإن ارتدادات ذلك ستكون غاية في الخطورة، وان لم يتم تدارك اقتحام قطعان المستعمرين الصهاينة لأولى القبلتين فإن نهر من الدماء سينزف على ارض المسجد وفي الحوض المقدس كله، ولا يمكن التنبؤ بتداعيات الجريمة الصهيونية. ولكن من الواضح ان نتنياهو وزمرته النازية يسعون عن سابق عمد وإصرار لتعميق الصراع وتوسيعه ليشمل الضفة والقدس وأبناء الشعب في ال48، واطلاق العنان لحرب الإبادة الجماعية في الضفة عموما وخاصة القدس العاصمة الأبدية، دون استثناء أبناء الشعب في داخل الداخل. 


لهذا المطلوب فلسطينيًا وعربيًا وعالميًا الاستعداد والعمل من الان لدرء الأخطار المحدقة من ذبح البقرة الحمراء، وحماية الشعب العربي الفلسطيني من نازيي العصر والالفية الثالثة الدولة الإسرائيلية اللقيطة والمارقة، والعمل بخطى سريعة وحثيثة على وقف حرب الإبادة بشكل فوري ودائم في قطاع غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية لأبناء القطاع، ووقف التهجير القسري وتأمين الحماية الدولية لهم، وعودة النازحين من الجنوب للشمال، وانسحاب الجيش الإسرائيلي والذهاب للحل السياسي القائم على أساس خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967، اذا توفرت الإرادة الدولية بقيادة إدارة بايدن يمكن لجم كل النزعات والأساطير العبثية لليهود الصهاينة الكهانيين وعموم الحريديم وإضرابهم.