لم تعتقد الطفلة المغربية، لمياء الشعشاعي، وهي في سن الثانية أن "الشخبطات" التي لطخت بها لوحة مهملة في زاوية غرفتها الصغيرة، ستباع بحوالي مئة دولار لراقصة فلامينكو إسبانية التقطتها عينها صدفة، حينما كانت ضيفة لدى أسرة الفتاة.
فقد نال الرسم التجريدي الذي أبدعته أناملها الصغيرة ببراءة، إعجاب الضيفة الإسبانية التي أغرمت به على الفور.
ولم يكن مستغربا أن تتطور موهبة لمياء الشعشاعي، ابنة مدينة أغادير، حتى أصحبت اليوم رسامة من نوع خاص، استبدلت القماش بملامح وجهها لتبدع عليها لوحات مميزة.
فالشابة ذات الـ24 سنة، نشأت في بيت يضج بالألوان والصباغة واللوحات، لأن والدها كان أستاذا لمادة الفن التشكيلي، ومنه نالت المبادئ الأولى لهواية صارت شغفا ثم مهنة.
كشفت لمياء الحاصلة على شهادة في التسويق الرقمي، أنها توقفت عن الرسم بعمر 16 لظروف خاصة، من بينها عدم توفر ورشة تساعدها على إظهار موهبتها بحرية أكثر، وأنها حولت شغفها بالرسم حينما وصلت سن المراهقة من القماش إلى المكياج.
إلى أن عادت إلى الرسم خلال فترة الحجر الصحي بسبب انتشار فيروس كورونا، قائلة: "حاولت أن أدمج ما تعلمته من رسم اللوحات مع حبي للمكياج، وبدأت في تعلم فن جديد بالنسبة لي وهو محاولة رسم ملامح لشخصيات سينمائية على وجهي، مع محاكاة للمؤثرات البصرية الخاصة كالندوب والعاهات مثل ما يقوم به كبار فناني المكياج في السينما العالمية، غير أنني كنت أستعمل المواد المتوفرة لي في المنزل آنذاك".
كما لفتت إلى أنه وفور انتهاء الحجر الصحي في المغرب، وصلت لأول لوحة للألوان صالحة للاستعمال، وشرعت محاولة دمج التقنيات التي تلقنتها منذ صغرها مع تقنيات مكياج المؤثرات الخاصة.
وأشارت الشابة المغربية إلى أنها تستلهم إبداعاتها من صلب الثقافة المغربية الغنية بتاريخها وألوانها تراثها.
وأكدت أن أكبر مصدر للإلهام بالنسبة لها هو المرأة المغربية بلباس الحايك التقليدي وكذلك الصناعة التقليدية، والمدن القديمة، قائلة: "عشقت مدينة شفشاون حتى قبل أن تطأها قدماي، واستلهمت من ألوانها وأبوابها صورا جسدتها على وجهي، في محاولة لتصوير ما يختلج في قلبي اتجاه المدينة الزرقاء، على ملامحي، فكما يقال ما ينبض به القلب يظهر على الوجه، وأنا قلبي ينبض بحب بلادي وكل ما تمثله لي ثقافته وتراثه وتاريخه الغني".
يشار إلى أن الفنانة الشابة تعتمد على قراءة التاريخ للغوص بشكل أعمق في روح اللوحات التي تبدعها.
كما تحاول دمج ملامح لشخصيات من أفلام هوليودية مع الثقافة المغربية والنتيجة تكون في نهاية المطاف صور من نوع خاص.
ورغم موهبتها الواضحة، فلا تخف لمياء أن والدتها سبق أن اعترضت على تخصيصها لكامل وقتها للرسم مخافة أن يؤثر ذلك على المسار الأكاديمي لابنتها، خصوصا أن هذه الأخيرة كان تعتزم دراسة الهندسة الداخلية قبل أن تغير اختيارها للتسويق الرقمي، ثم تنشغل بجعل شغفها مهنة لها.
وبهذا الخصوص أكدت الفنانة: أن الرسم يمنحنها إحساسا كبيرا بالراحة ويعد مصدرا للطاقة الإيجابية بالنسبة لها.
إلى ذلك كشفت أن هدفها اليوم يبقى الحصول على تكوين مهني في فن المكياج الخاص بالسينما وسط طموح للعمل إلى جانب نجوم السينما العالمية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها