لم ينجح رؤوس حماس في التحرر من عقدة العدائية للمشروع الوطني الفلسطيني، وللمؤسسة الأمنية الفلسطينية، فهذا أمر متأصل، ومعطل لمراكز الإدراك والتقييم والمعرفة، في أدمغتهم، ما يمنعهم من إبصار الواقع  وحيثياته وتفاصيله، وإن كنا نعتقد أنهم يبصرون جيدا لكنهم مأسورون لتعاليم تحريف الحقائق وتزويرها، فجماعة الإخوان المسلمين تلفظ تلقائيًا من  صفوفها الصادقين، ذلك لاعتمادها كل ما يعاكس السلوك النبيل في حياة الإنسان ففرع الجماعة المسلح في فلسطين المسمى حماس، غطس بلا تردد في مستنقع النوايا والأفعال السلبية، مباشرة بعد صدور البيان عن اجتماع الفصائل الفلسطينية في موسكو، ليربط مهمات أجهزة المؤسسة الأمنية الفلسطينية، وواجباتها في حماية الأمن والسلم الأهلي، وتنفيذ قرارات سلطة القضاء والقانون بمخرجات اجتماع موسكو، فهؤلاء لن يستريحوا حتى يتشفوا بمنظر الأجهزة الأمنية الفلسطينية الشرعية، قد أصبحت ركاما! واحتلت الفوضى مساحة النظام العام، وانتشرت عصابات الاتجار بالسلاح والممنوعات، وشاعت ظواهر الابتزاز السلب والنهب!


يدرك رؤوس حماس أن خلخلة بنيان المشروع الوطني تبدأ بإسقاط ركائزه الأساسية، وأولاها وأقواها أجهزة الأمن، الملتزمة بنصوص القوانين، وبفلسفة عملها الوطني، لذلك يبثون  دعايات لا صلة لها بالحقائق والوقائع، في سياق عملهم الشاق جدا، لحفر فجوات عميقة بآليات الفتنة والكذب وتحريف الحقائق، تضعف الثقة ما بين القواعد الجماهيرية وهذه الركيزة الأساس، وهذا ما فعله هؤلاء في بيانهم حول مهمة مجموعة من الأجهزة الأمنية في جنين، كانت تنفذ أوامر قضائية رسمية، لإلقاء القبض على شخص متهم بعدة قضايا، لكن رؤوس حماس سارعوا لتصوير المهمة في بيان الفتنة الذي أصدروه عقب الحادثة، على أنها ملاحقة للمقاومين والمطاردين !! – وهذا عين الكذب والافتراء – أما ربط المهمة بمخرجات اجتماع الفصائل الفلسطينية في موسكو، فهذا برهان آخر على نواياهم المبيتة لاغتيال الحوار (الفلسطيني - الفلسطيني) وإصرارهم على ضرب جهود حركة التحرر الوطنية الفلسطينية وإخلاص قيادتها لتعزيز الوحدة الوطنية، وتقوية مناعتها بالرؤى العقلانية، وليس بالحسابات الفئوية والمرتبطة بأجندات خارجية، التي تساعد منظومة الاحتلال الصهيونية العنصرية، على تشديد وتوسيع حملة الإبادة على الشعب الفلسطيني في كل مكان من أرض الوطن التاريخي والطبيعي فلسطين، وذروتها الهمجية الدموية في قطاع غزة.


نحن على يقين معزز بمعلومات، وليس بتقديرات وحسب، أن قيادة أجهزة المؤسسة الأمنية الفلسطينية، لا تؤمن بعقلية التصادم المسلح مع الآخر الفلسطيني، لأنها تسير على هدي  مبادئ منهج القيادة السياسية، العاملة  دائما وأبدا على إعلاء المصالح الوطنية العليا  للشعب الفلسطيني، وسلوك منطق الحوار، لردم فجوات الرؤى السياسية، وبناء جسور التوافق، لتوحيد مسارات النضال الوطني، وتوسعة المقاومة الشعبية السلمية المتلازمة مع النضال السياسي والدبلوماسي في المحافل الدولية، على رأسها القانونية الأممية، لكن المؤسسة ذاتها لن تسمح بانفلات أمني، يضعف قدرة الشارع الفلسطيني على الصمود والثبات في أرض وطنه، فالانفلات، وتنامي ظواهر السرقة والنهب، والاعتداء على الممتلكات العامة، تتطلب ردعا بحجم قوة الشرعية القانونية الممنوحة للمؤسسة ألأمنية وأجهزتها .. ونعتقد أن قادة وضباط وكوادر وأفراد أجهزة المؤسسة الأمنية الفلسطينية عموما، والمتخصصة تحديدا، سيبقون أوفياء لقسمهم، يعملون بإخلاص لتنفيذ المهمات بقوة القانون، لمنع طغيان المنفلتين على صفوف المقاومين، فالمقاوم الملتزم بالقيم والأخلاق الوطنية لا يوجه بندقيته نحو الجبهة الداخلية أبدا، ولا يطلق الرصاص والعبوات على مقرات قيادات الأمن الوطني، ولا يستعرض في الشوارع، ولا يهاجم مراكز الشرطة الفلسطينية ليستولي على أسلحة أفرادها، فالقادة في المؤسسة الأمنية الفلسطينية أصحاب تجارب نضالية، ويتمتعون بكفاءات مهنية، وولاؤهم مطلق للوطن: الأرض والشعب والقانون، ويدركون جيدا أن تخوين حماس للمؤسسة الأمنية محاولة اغتيال للوحدة الوطنية، لن تنجح لأنهم يحمونها ويفتدونها بأرواحهم.